الرئيسية مقالات عامة

السعودة أم العولمة…إلى أين المسير؟

في حياة الشعوب هناك دائماً قضايا مصيريّة، قضايا لأنّها تحوى العديد من المتغيرات والتفاعلات، ومصيريّة لأنّ الكيفيّة التي يتم التعامل بها مع تلك القضايا تحدد الطريق الذي تسير فيه الدولة ونمط الحياة الذي يسود المجتمع. قضية السعودة  تدخل ضمن حزمة هذه القضايا. الحديث عن السعودة لا يتوقف ، كلٌّ يدلى بدلوه، قطار السعودة يسرع أحياناً ومتباطئ أحياناً أخرى، قرارات يتقبلها البعض، ويرفضها البعض الآخر، هناك من يمتدح، وهناك من ينتقد. الصراع يستمر بين التفكير الموضوعي والتفكير المثالي، ومع كلّ ذلك قطار السعودة يستمر في السير. هناك قطار آخر يسير في الاتجاه المعاكس، هذا القطار يحمل معه أيضاً قضيّة مصيريّة بالنسبة للمملكة وبالنسبة للعالم كلّه، إنها العولمة، القطاران يحملان قضيتين مختلفتين شكلاً ومضموناً، فالسعودة تعنى أنْ يتحمّل أبناء السعوديّة المسؤوليّة الكاملة في مزاولة الأنشطة المختلفة، السعودة تعنى تخفيض تواجد العمالة الأجنبية في معظم الأنشطة والوظائف، والسعودة تعنى أنّ السعوديين يخططون وينفذون. أمّا العولمة فتعنى إلغاء الحدود والقيود بين دول العالم، هناك حرّيّة في انتقال رؤوس الأموال، حرّيّة في انتقال العمالة، حرّيّة في انتقال التكنولوجيا، حرّيّة في انتقال الأفكار. وعندما يسير قطار العولمة يجب أنْ تكون له محطات في جميع دول العالم، الواقع أنّ السعودة والعولمة يسيران في اتجاه مضاد، والمستقبل سيثبت ذلك، وعندما تنضم المملكة إلى منظمة التجارة العالمية(الجات) سوف يصبح لها حقوق، وعليها واجبات، أهم حقوقها سيتعلق بحماية صناعتها، وأهم واجباتها سيتعلق بسنّ القوانين التي تتيح انتقال رؤوس الأموال، والاستثمارات، والعمالة داخل أراضيها. إذاً بدايةً يجب أنْ ندرس نقاط التعارض بين اتجاهي السعودة والعولمة، ومن ثَمّ يجب أنْ ندرس إلى أين نتجه وبقوة،  بالتأكيد ليس المطلوب المفاضلة بين التوجهين، ولكنّ المطلوب إحداث التوازن في التوافق مع هذين التوجهين، مطلوب منهج علمي واقعي يأخذ في اعتباره جميع المتغيّرات المؤثّرة في تبنى كلّ اتجاه على حدة، وكذلك النتائج المترتبة على تبنى كلّ اتجاه.  النقطة الهامة التي ينبغي أنْ نشير إليها أنّنا لا نملك إلا التوافق مع متطلبات العولمة، وفى ذات الوقت يبدو أنّنا لا نستطيع التراجع عن توجهاتنا في إحداث السعودة، إذاً المنطقي هو إمساك العصا من المنتصف، السعي للاستفادة من مميزات كلّ توجه وتفادى عيوب التعارض بين التوجهين. يجب أنْ ندرك أنّ انضمامنا للمنظّمة العالميّة للتجارة  – وهى أحد أهم مظاهر العولمة- سوف يستدعى جهوداً مضنية في سبيل تأهيل مواردنا البشرية، وتنمية قدراتها على الأخذ بأسباب المنافسة، ورفع جودة الأداء، وجودة المخرجات، باتجاهنا للسعودة ربما نفقد كفاءات بشريّة نحن في أمس الحاجة إليها في المرحلة المقبلة على أقل تقدير، حتى تزداد ثقة المواطن السعوديّ في نفسه، وتنمو قدرته على تطوير ذاته. نحن بحاجة إلى خبرات كبيرة في مجالات ستشكل محاور ارتكاز في التعامل مع معطيات حرّيّة التجارة. نحن بحاجة إلى تدعيم السعودة بما يخدم تنمية قدراتنا على مواجهة العولمة.

قد يعجبك أيضًا
مسوق في معبد “الصلعان”..!!
خطط التغيير ….لماذا تفشل في مؤسساتنا؟
نجيب الزامل..يارب إنك تموت..!!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة