الرئيسية مقالات في الادارة

خطط التغيير ….لماذا تفشل في مؤسساتنا؟

يقولون: “إنّ التغيير هو الثابت الوحيد في حياتنا، وهذه المقولة تعكس إلى حد كبير التغيرات المتلاحقة التي تكتنف كافة مناحي الحياة في هذا العصر. وفي مجال الأعمال هناك كلّ يوم شركات ومؤسسات تخرج من السوق بسبب عدم قدرتها على إدارة عملية التغيير أو عدم استيعابها لمخرجات التغيير، وهناك مقولة شهيرة لمدير تنفيذي بإحدى الشركات العالمية: ” إذا كان معدل التغيير داخل شركتك أقل من معدل التغيير خارجها فسترى نهاية شركتك أمام عينيك.”

نحن في هذا المقام لن نتحدث عن الشركات والمؤسسات التي ترفض التغيير أو تتمسك بشدّة بأنظمة ومفاهيم الماضي السحيق، فالحديث عن هذه الشركات أو معها لن يجدي بأي حال من الأحوال لأنّ القائمين عليها والعاملين فيها لا يسمعون سوى أصواتهم، ويظنون أنّهم يسيرون في الطريق الصحيح بينما هم في الواقع يحفرون قبورهم بأيديهم. نحن هنا نتحدث عن الشركات والمؤسسات التي اقتنعت بالتغيير وسعت إليه، ولكنها لم تستطع أنْ تقطف ثماره المرجوة، ولعلنا في السنوات الخيرة سمعنا عن الكثير والكثير من الخطط والتوجهات الهادفة لتحقيق التغيير في مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية، وانتظروا هم وانتظرنا نحن أيضاً أنْ نرى ونستمتع بنتائج التغيير، ولكن في كلّ مرة يطول الانتظار ويطول حتى نفاجأ بأنّ خطط التغيير المزعومة قد تمّ استبدالها بخطط أخرى، وهكذا يستمر الحال، نرفع شعار التغيير ونعجز عن تحقيقه في أرض الواقع. الحقيقة أنّ هناك أسباباً متعددة  تسير بخطط التغيير في مؤسساتنا في اتجاه الفشل الذريع. السبب الأول: عدم وجود رؤية واضحة للتغيير، والرؤية تعني توافر إجابات شاملة ودقيقة لعدة تساؤلات، لماذا التغيير؟ ما هو التغيير؟ متى يحدث التغيير؟ أين يحدث التغيير؟ من المسئول عن التغيير؟ كيف يحدث التغيير؟ كيف تتم متتابعة التغيير، كيف يمكن تعديل وتطوير التغيير؟ الواقع يقول: إنّنا نفتقد دائماً الرؤية في إحداث التغيير، فالتغيير يكون فقط لمجرد التغيير، فطالما يتغير الآخرون فنحن علينا أنْ نتغير أيضاً. السبب الثاني: والمرتبط بالأول إلى حد كبير هو أنّنا نتعامل مع التغيير باعتباره برنامج، وليس عملية مستمرة أو منهج عمل، والمتتبع لوسائل الإعلام، ووسائل الترويج المختلفة، والمتردد على المؤسسات والشركات سيسمع كثيراً كلمة ” برنامج ” في وصف الأحداث والتوجهات الجديدة للشركة أو المؤسسة أو الهيئة. والبرنامج دائماً ما تكون له بداية ونهاية حتى أنّ الموظفين في الشركة أو المؤسسة عندما يسمعون كلمة برنامج يدركون أنّه أمر مؤقت سينتهي بسرعة بينما الواقع أنّ مفهوم البرنامج يعجز بشكل كبير عن استيعاب مفاهيم ومكونات التغيير. السبب الثالث: هو عدم مشاركة القاعدة في تصميم عملية التغيير، فالملاحظ في هيئاتنا ومؤسساتنا أنْ تكون هناك اجتماعات متلاحقة في حجرات مغلقة عليها لافتة مكتوب عليها ” الموظفون يمتنعون ” وتدور النقاشات والحوارات في تلك الحجرات حتى يتم الانتهاء من الطهي جيداً، وبعد ذلك يخرج التغيير في شكل عبوات مغلفة ومجهزة يتم تقديمها للموظفين، ومطالبتهم بسرعة تناول وجبة التغيير وهضمها تماماً. بالطبع هذا منهج عقيم في صناعة وإدارة التغيير. فالموظفون في مكاتبهم، والعاملون في مصانعهم هم الذين يتولون تنفيذ عملية التغيير، ومن ثَمّ فمن المفترض أنْ يشاركوا بآرائهم ومقترحاتهم في صناعة التغيير، أما فرض التغيير عليهم فيعني شيئاً واحداً هو موت التغيير في مهده. السبب الرابع: هو عدم تصميم نظام جديد للحوافز يشجع الموظفين والعاملين والمديرين على التفاني في العمل من أجل تحقيق التغيير، ففي هذا العصر تتكاثر الالتزامات وترتفع أعباء المعيشة يوماً بعد يوم وتزداد الضغوط في العمل وخارج العمل، وهذا ما أعطى لأنظمة التحفيز والمكافأة أهمية كبيرة في إدارة الموارد البشرية وزيادة إنتاجيتها وفاعليتها في العمل. السبب الخامس: هو عدم تحري الموضوعية في صناعة التغيير وإدارته، ففي مؤسساتنا العربية على وجه التحديد تمارس الأهواء والعواطف الشخصيّة دوراً كبيراً في صناعة التغيير، وفي توزيع أدواره المختلفة وفي الرقابة على عملية تنفيذه. السبب السادس: يتعلق بعدم الاهتمام بتغيير الأشخاص وضخ دماء جديدة في عقل التغيير وفي جسده، فهناك أشخاصٌ لا يمتلكون المهارات والقدرات اللازمة لإدارة وتنفيذ عملية التغيير، وهم أيضاً غير قادرين على تطوير أنفسهم بما يتيح لهم القدرة على ممارسة دور فعّال في عملية التغيير. السبب السابع: هو التركيز فقط على تنفيذ الأنشطة دونما التركيز على النتائج المحققة، وكأنّ المطلوب هو فقط إشاعة جو التغيير في المكان وخلق شعور لدى الناس بأنّ هناك تغييراً يحدث وهناك إدارة تعمل.          السبب الثامن: يتعلق بعدم الاهتمام برصد النتائج المحققة في الأجل القصير، وعدم الاحتفال بتحقيق هذه النتائج بغرض رفع الروح المعنوية، وحث الجميع على مواصلة عملية التغيير بحماس كبير، فنحن دائماً ما نبحث عن نتائج سريعة وعندما لا تحدث هذه النتائج يتسرب الإحباط إلى نفوسنا، ويجعلنا نلفظ عملية التغيير برمتها. السبب التاسع: يتعلق بعدم وجود آلية واضحة وشاملة لمتابعة عملية التغيير واتخاذ الإجراءات التصحيحية التي تكفل له السير في الاتجاه المرغوب.

في الختام نرجو من القائمين على التغيير أو المتطلعين إليه في جميع شركاتنا ومؤسساتنا وهيئاتنا أنْ يبذلوا مزيداً من الجهد الواعي في صناعة وإدارة التغيير حتى لا يصبحوا مثل الذين ينقشون على الماء.

قد يعجبك أيضًا
حديث مدير جامعة شقراء..!
الأبواب المغلقة..!!
التسويق في العيد

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة