الرئيسية مقالات في الادارة

القادة والتعليم المستمر

أجرى “وارن بينس” وهو مؤلف وخبير في القيادة دراسة و بحثا موسعا على 90 قائدا من أعلى القياديين في مجال إدارة الأعمال وكبار قادة الشركات في الولايات المتحدة، وقد كان أحد الأسئلة التي طرحها بينس على هذه المجموعة هو: ما هي أهم الصفات الشخصية التي تساعدكم على إدارة منظمتكم بصورة فعالة؟

الغريب أن هؤلاء القادة لم يشيروا في إجابتهم على هذا السؤال إلى سحر شخصية القائد وجاذبيته التي تهيئه للنجاح ولا لإدارة الوقت أو حسن الاتصال والتفاعل مع الآخرين ولا لكثير من الصفات والوصفات التي نجد التركيز عليها في المطبوعات الإدارية الحديثة. بدلا من ذلك أشار التسعون قائدا الذين تم إجراء الدراسة عليهم إلى المثابرة، ومعرفة الذات، والرغبة في المخاطرة، وأهمية الالتزام، والثبات والتحدي. ولكن فوق كل هذا وبتركيز كبير تحدث هؤلاء القادة عن صفة مهمة للقائد وهي الحرص على استمرار التعلم.

القادة الحقيقيون هم طلاب معرفة بالدرجة الأولى، وهم حريصون على تزويد أنفسهم بالعلم والتطورات العلمية في مجال اهتمامهم وحاجتهم بصورة دائمة. بعض هؤلاء قد يستمر بالتعلم عن طريق القراءة المركزة والمبرمجة لأكثر من ساعة يوميا، بينما آخرون يتعلمون من غيرهم سواء كانوا زملاء أو عملاء أو رؤساء، وبعضهم الآخر يطور نفسه من خلال حضور المؤتمرات والندوات والمشاركة في الدورات التدريبية. يبقى أن معظم القادة الذين يجيدون عملهم يعتبرون أن التجارب والخبرات التي مرت بهم سواء كانت نافعة أو ضارة جيدة أم سيئة هي من أهم المصادر التي يعتمدون عليها في بناء رصيدهم المعرفي وتطوير مهاراتهم الإدارية.

التعلم هو الوقود الضروري للقائد، وهو بمثابة مصدر الطاقة والقوة الدافعة والمحركة لإصدار الكثير من الأفكار والتطورات الجديدة. الحرص على التعلم يساعد أصحابه على امتلاك مهارات خاصة، ويؤدي إلى تطوير أي مهارة قد يحتاجون لها مثل القدرة على التعامل مع الشخصيات المختلفة أوحسن الاستماع أو تكوين فرق عمل أو بناء مهارة حل المشكلات. الأشخاص الذين لا يتعلمون ولا يطورون أنفسهم لا يبقون وقتا طويلا في المناصب القيادية لأنه بعد فترة يصبح كل ما لديهم مستهلك وقديم ولا يناسب المستجدات والأحداث الجديدة.

هل تريد أن تعرف ما هو العامل المشترك بين كل الشركات الناجحة؟ في الحقيقة إن التزامهم بالتدريب والتطوير المستمر للعاملين وقناعتهم بدور وأهمية التدريب على كافة المستويات ولجميع القطاعات هو الذي يشكل العلامة الفارقة في كثير من الأحيان بين تلك الشركات المحلقة في الصعود والنجاح وبين الشركات التي تعاني من تكدس المخزون وانعدام الدافعية لدى الموظفين وتزايد المشاكل والخسائر. المنظمات الناجحة تحرص على التعلم المستمر والتطوير الدائم لمهارات وقدرات موظفيها لذلك أصبحت بعض هذه المنظمات في نظر موظفيها كالجامعة فهو يوميّاً يكتشف من خلالها معلومة جديدة أو مهارة يتدرب عليها. كمثال على ذلك انظر إلى ما تنفقه بعض المنظمات الناجحة على تدريب العاملين بها؛ فشركة مثل انتل تنفق ثلاثة آلاف دولار على تدريب كل موظف لديها في العام، أما شركة موتورلا فهي تنفق ما يزيد على مائة مليون دولار على التدريب، وتقول أنها تحصل على عائد بمقدار ثلاثة دولارات مقابل كل دولار تنفقه. لذلك فإن المنظمات التي تدار بقيادات لا تحمل ثقافة التعلم ولا تسعى على نشر وإتاحة استمرار التعلم تبقى منظمات ينقصها الطاقة والقوة والترابط والنمو.

هنا يأتي السؤال لك بوصفك قائدا لشركتك: هل أنت تركز على استمرار التعلم لك ولمنظمتك؟ أسال نفسك متى أخر كتاب قرأته في موضوع تحتاج أن تطور مهارتك فيه؟ كم دورة أو محاضرة أو مؤتمر  تحضره في السنة؟ كم تبلغ ميزانية منظمتك للتدريب؟ ما هي فرص التعلم والمعرفة المتاحة أمام موظفيك؟ أرجو أن تجيب على هذه الأسئلة بكل صراحة ووضوح لتعرف إلى أي مستوى أنت فعلا قائد لمؤسستك.

قد يعجبك أيضًا
سيدة الأعمال بين الماضي والحاضر
سهل وصعب
من أين تؤكل التكاليف..؟!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة