الرئيسية مقالات في الادارة

كيف تحقق مؤسساتنا التميز؟

هناك ثلاثة أنواع من المؤسسات: تلك التي تجعل الأشياء تحدث، وتلك التى تشاهد الأشياء تحدث، وتلك التى تندهش لما يحدث، النوع الأول هو النوع الذي يقود التغيير في عالم الأعمال، إنّها مؤسسات يشار إليها بالبنان، مؤسسات تثرى واقعنا المعاصر، وتفرض على الجميع أنْ يتحدّث بشأن إنجازاتها وانتصاراتها، أمّا النوع الثاني فهو يكتفي بالمشاهدة ولا شيء أكثر من المشاهدة، المديرون في هذه المؤسسات يتابعون ما تفعله الشركات من النوع الأول، أحياناً يتناقشون فيما بينهم بشأن ما تفعله هذه المؤسسات في السوق، ولكنّهم لا يحركون ساكناً، يعتقدون أنّ هذه المؤسسات ولدت عملاقة ومن ثمّ فمن الطبيعي أنْ تتصرف بطريقة العمالقة، أيضاً المديرون في المؤسسات من النوع الثاني يسوقون الكثير من المبررات بشأن افتقادهم للإمكانات اللازمة للوقوف جنباً إلى جنب مع المؤسسات التى تقود التغيير في عالم الأعمال. أمّا النوع الثالث فحدّث ولا حرج، إنّها مؤسسات تشاهد وتصفق للمنتصرين، وفى كثير من الأحيان تندهش، إنّهم مثل الأطفال الذين يشاهدون ألعاب السيرك، يفتحون أفواههم وتتسع حدقاتهم ويتساءلون متعجبين مالذى يفعله هؤلاء اللاعبون وكيف يفعلونه؟

بالطبع عندما نتحدث عن التميز في عالم الأعمال فنحن بصدد الحديث عن مؤسسات من النوع الأول، إنّها المؤسسات التي تصنع الأشياء وتفرض نفسها على عالم الأعمال. بالطبع لن تستطيع هذه المؤسسات أنْ تؤثر في هذا العالم ما لم يكن لديها ما تستطيع أنْ تؤثر به. الحقيقة أنّ هذه المؤسسات لديها قاعدة تسير على نهجها في صناعة الأشياء وفى قيادة التغيير، هذه القاعدة تقول: “عندما نمتلك الخبرة الكافية للقيام بالعمل الصحيح، فإنّ هذا العمل يصبح سهلاً بالنسبة لنا. وعندما يصبح سهلاً نتمتع بالقيام به، وعندما نتمتع بالقيام به نحرص على تكراره، ومع مرور الوقت يصبح هذا العمل عادة تسعدنا، ونستطيع من خلالها أنْ نكون أكثر تأثيراً في هذا العالم”. لقد بحثت هذه المؤسسات في قواميس الأعمال والتجارة عن مفردات التميّز، قامت بدراسة تجاربها وتجارب الآخرين، استعانت بخبراتها وخبرات الآخرين، واستطاعت بعد مجهودات عظيمة أنْ تفك شفرة التميّز، أدركت أولاً أنّ المؤسسة لن تستطيع أنْ تتميّز وتتفوّق ما لم يكن لدى جميع العاملين فيها معتقدات، وقيم، ورؤى، وطموحات تنشد التميز وتأخذ بأسبابه وتسير دائماً باتجاه تحقيقه، أدركت هذه المؤسسات أيضاً أنّ من لا يملك استراتيجية يسعى إلى تحقيقها فليس بوسعه سوى أنْ يكون تابعاً لمن يملك استراتيجية ورؤية واضحة، ومن ثمّ فإنّ السعي لامتلاك استراتيجيه يعدّ بمثابة التمسك بخارطة الطريق المؤدّي للتميّز. أدركت هذه المؤسسات أنّ من لا يستطيع أنْ يتميّز في أدائه ومخرجاته عليه أنْ يدّخر جهوده وينسحب من ساحة النزال ليجلس في مقاعد المتفرجين أو حتى ينزل ليجمع الفتات. أدركت هذه المؤسسات أنّها إذا فشلت في التوجه باحتياجات عملائها فلن يعترف عالم الأعمال بأي نجاح آخر تحققه حتى لو استطاعت أنْ تقدّم منتجات أسطوريّة لم يسبق لها مثيل. أدركت هذه المؤسسات أنّها إذا لم يكن لديها مديرون يتصرفون بطريقة القادة فلن تملك سوى أنْ تحلم بتحقيق التميّز وتلهث خلف السراب. أدركت هذه المؤسسات أنّها إذا تمسكت بأساليب عمل لا تضيف قيمة حقيقية لمخرجاتها فكأنّما تنقش على الماء فلا أثر ولا تغيير.

الحقيقة أنّ المؤسسات التي استطاعت أنْ تفكّ الشفرة وتحقّق التميّز، استطاعت في نفس الوقت أنْ تقدّم نموذجاً يحتذى به في عالم الأعمال، نموذجاً ربما يكون صالحاً للتطبيق في كلّ البيئات بشرط أنْ يتم تكييفه لمعطيات تلك البيئات. أحياناً كثيرة يدور بخلدي أنْ مؤسساتنا العربيّة مازالت تبحث عن فكّ الشفرة، ويدور بخلدي أيضاً أنْ مؤسساتنا العربيّة مازالت تضلّ الطريق نحو التميز، وأحيانا كثيرة ينمو لدي اعتقاد في أنّ مؤسساتنا العربيّة ربما تدرك الطريق الصحيح ولكن تعجز عن السير فيه، ويثور لدى تساؤل: هل هناك شفرة مختلفة لتحقيق التميّز في مؤسساتنا العربيّة؟ وسرعان ما أجد إجابة لسؤالي هذا، القضيّة ليست مرتبطة بافتقاد القدرة والرغبة في التميّز، ولكن القضيّة تتعلق بأنّ هناك ثقافة تسود مؤسساتنا العربيّة كما تسود مجتمعاتنا العربيّة، إنّها ثقافة التحرك عند حدوث الكارثة، فالكثير من المؤسسات يرى القائمون عليها أنّ الأمور تسير على ما يرام، وأنّ الأوضاع لا تتطلب البحث في تغيير الأفكار والتصورات، ولكن عندما تحدث الكارثة وتبدأ المؤسسة في السقوط تجد الجميع يهرول نحو البحث في الخروج من المأزق. ومن ثمّ يبدو أنّ مؤسساتنا العربيّة ستنتظر حدوث الكارثة لتبدأ بعدها في البحث عن فكّ شفرة التميّز على الرغم من أنّ الشفرة تمّ تفكيكها منذ زمن.

 

 

قد يعجبك أيضًا
تشريعات مع وقف التنفيذ..!
الوزير الزاهد…!
طالبات العلم..وطلاب توسيع الصدر!!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة