الرئيسية مقالات عامة مقالات في الادارة

3 ساعات..!!

نشرت جريدة الرياض يوم الجمعة الماضي تقريراً صحفياً رائعاً يبدو أنه كتب بمداد من نبع انساني خالص ونشر في يوم تتنزل فيه الرحمات، التقرير كان عنوانه (ارحموا العمال تحت الشمس) تناول التقرير المدعم بالصور قضية تشغيل العمالة في شهور الصيف خاصة في فترة الظهيرة، وأشار التقرير الى بعض المؤسسات التي تعمل في مجال المقاولات والنظافة والأنشطة الميدانية والتي تخالف قرار وزارة العمل بحظر تشغيل العمالة في شهور الصيف في الفترة ما بين الساعة الثانية عشرة والثالثة عصراً، وقضية مخالفة القرارات الرسمية أو التحايل عليها ليست بجديدة فالمؤسسات تبدع في الهروب من الالتزامات المقررة عليها ويساعدها على ذلك تكاسل واهمال بعض الجهات الرسمية في الرقابة والتأكد من تفعيل قراراتها. في هذا المقام لا أوجه خطابي لأصحاب الشركات والمؤسسات بمنظور حتمية احترام القرارات الرسمية أو الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة للعمل، ولكن اخاطبهم باعتبارهم

اخاطبهم باعتبارهم بشرا يحملون قلوباً لا تخلو من دفء ومشاعر فياضة وأقول لهم إذا كان أولادكم وذووكم هم فقط المستدفئون بقلوبكم والمغمورون بمشاعركم الفياضة فنظرة حانية إلى من استخدمتموهم في أعمالكم، نظرة إلى من جعلهم الله سبباً في رزقكم بل جعلهم الله سبباً في تراكم ثرواتكم واستحواذكم على مباهج الحياة.

بشرا يحملون قلوباً لا تخلو من دفء ومشاعر فياضة وأقول لهم إذا كان أولادكم وذووكم هم فقط المستدفئون بقلوبكم والمغمورون بمشاعركم الفياضة فنظرة حانية إلى من استخدمتموهم في أعمالكم، نظرة إلى من جعلهم الله سبباً في رزقكم بل جعلهم الله سبباً في تراكم ثرواتكم واستحواذكم على مباهج الحياة، نظرة إلى عامل بسيط أنهكته قسوة الظروف المعيشية وأجبرته على ترك وطنه ومفارقة أهله بحثاً عن حد الكفاف. نظرة إلى عامل لا يملك من أمره شيئاً سوى أن ينفذ ما يؤمر به حتى لو كان هذا على حساب صحته وعافيته. وأنت تحن عليه بهذا النظرة ضع نفسك مكانه وجرب مرة واحدة أن تقف وتتحرك وتحمل وتحرك أشياء أو أغراضاً لمدة دقائق معدودة تحت شمس غاضبة وحارقة تزيد حرارتها على الخمسين، جرب مرة واحدة أن تسأل عاملاً يتصبب عرقاً ويدور كالنحلة بلا توقف، اسأله عن معاناته الجسدية والمعنوية، اسأله عن أية أعراض وعوارض مرضية تجتاحه، اسأله عن حاله عندما يعود لمسكنه في آخر النهار، اسأله عما يقوله لأسرته عندما يهاتفهم ويسألونه عن حاله بماذا يجيبهم وهم يستحلفونه بالله بأن يهتم بصحته وألا يضن على نفسه بقسط من الراحة، اسأله عن مدى رضاه عن عمله، اسأله ان كان يؤدي عمله معك بحب أم بضغوط تثقل كاهله، اسأله عن حلمه الذي يشغله في ساعته ولحظته، وبعد ان تسأله وتسأله وتسأله ويجيبك هو بأشياء تسحب الدموع من مقلتيك اذهب واجلس مع نفسك واحسب مكاسبك من تشغيل هؤلاء المغلوبين على أمرهم لمدة 3 ساعات كل يوم، احسب مكاسبك بالأرقام… ألف، اثنان، مائة، مليون، قارنها بمكاسبك من اتقاء الله فيهم، قارنها بمكاسبك من رحمة تنزلها بانسان يقابلها رحمة من خالقه وخالقك، قارن أرباحك المتحققة في 3 ساعات يومياً من عامل يكد ويعمل مرغماً ومقهوراً بأرباحك التي تجنيها من عامل يحبك لأنه استشعر محبتك له واهتمامك به وحرصك على تجنيبه العمل في أوقات صعبة وعصيبة. قارن أرباحك المتحققة في 3 ساعات بشعور ينتابك وأنت تضع رأسك على الوسادة في فترة الظهيرة وتمدد أطرافك وتعطي لحواسك الفرصة للهدوء والسكون وفي ذات الوقت يجلس عاملك هناك في الظل يأكل ويشرب ويتمدد ويجفف عرقه ويشحن طاقته للعودة من جديد الى الميدان وخدمة صاحب عمل تعامل معه باعتباره (انسان).

قد يعجبك أيضًا
الخلافة في الشركات العائلية
سوق الأسهم: ربّ ضارة نافعة
صورة مع التحية لمؤسساتنا العربية..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة