الرئيسية مقالات في الادارة

هوس «الفشخرة..!»

لم أستطع أن أمنع نفسي وأنا أقرأ الأسبوع الماضي خبرا عن الوجيه الشيخ سليمان الراجحي وزيارته واحدا من مشاريعه الجديدة في مصر, وأشاهد تواضع سمته وهيئته على الرغم من أنه يعد أحد أغنى رجال الأعمال على مستوى العالم من التفكير في حال البعض الذين لا يخلو منهم زمان ومكان، هؤلاء البعض يعشقون الظهور بمنظر متميز ومختلف أمام الآخرين، يظهر هذا في ملبسهم ومأكلهم ومشربهم، في السيارة التي يقودونها، في الساعة التي يرتدونها، وفي العطر الذي يفوح منهم، وفي (ماركة) النظارة التي يلبسونها، وفي الرقم المميز لجوالهم، 

ويظهر أيضاً في أحاديثهم وقصصهم .. قد يبهرونك.. وربما يجبرونك على التمسك بصداقاتهم والتطلع دوماً للقائهم.. وفي موقف ما وفي لحظة ما تكتشف أنهم يواجهون متاعب مادية, وأنهم متورطون في ديون والتزامات مادية، وأن منظرهم لم يعبر بأي حال من الأحوال عن قدراتهم وإمكاناتهم المادية، وبعد أن تضع طرف ملابسك في فمك وتجري بسرعة الصاروخ بعيداً عنهم، تسأل نفسك: لماذا يتصرفون بهذه الطريقة؟ وكيف نجحوا في خداعي؟ والإجابة واضحة وضوح الشمس، فهم يتصرفون بهذه الطريقة بسبب خلل نفسي ما ربما يكون شعورا بالنقص أو رغبة في لفت انتباه الآخرين, أو تقليدا أعمى لآخرين .. إلخ. ونجحوا في خداعك لأنك مثلهم من عشاق المنظر, ومن الذين يقيمون الناس بناء على المظاهر فقط دون المخابر..! ليس عيباً أن يظهر الإنسان بمظهر متميز طالما كان هذا المظهر يعبر عن قدرات حقيقية لصاحبه، وكم هو جميل أن يرى الآخرون أثر نعمة الله على العبد, أما أن يحرص الإنسان على الظهور بمظهر يفوق إمكاناته فهو نوع من الحماقة التي تنتج عنها ضغوط نفسية ومادية مستمرة تنتهي بالسقوط المروع .. وهكذا الدول, حيث هناك دول تقدر إمكاناتها بطريقة موضوعية وتضع أهدافا وطموحات تتناسب مع تلك الإمكانات وتضع خططا زمنية للانتقال من مرحلة إلى أخرى, ومن إنجاز إلى آخر بثبات وثقة، وهناك دول تعشق المظاهر وتموت في ارتفاع الأبراج وترى قمة نجاحها وسعادتها في كونها الأجمل والأكبر والأعلى والأفخم في المباني والحجارة والأسواق, ولو كان ذلك من خلال القروض البنكية وعلى حساب المستثمرين المخدوعين!. الشركات أيضا لم تسلم من الإصابة بهوس ”البرستيج والفشخرة”, وهذا يظهر من خلال سعيها إلى الوجود في مواقع مشهورة، في إعلاناتها وأوراق مراسلاتها وظروفها، في أثاثها وديكوراتها الداخلية، من خلال تفضيلها استقطاب جنسيات معروفة ببريقها الاجتماعي ومصابة بفيروس عشق المظاهر نفسه. صحيح أن المثل العربي يقول نصف المال نظرة، وصحيح أن الناس غالبا ما يحكمون على المخبر من المظهر، لكن عندما يكون الاهتمام بالمظهر يستنزف موارد الشركة ومدخراتها، وعندما يكون على حساب مصالح الموظفين ومستقبل تطور الشركة، وعندما يتسبب في خداع العملاء وإعطائهم صورة مزيفة عن الشركة، وعندما يتسبب في رفع توقعات المتعاملين مع الشركة عن قدراتها الحقيقية، هنا يكون هذا الهوس مسمار النعش الأخير في كيان الشركة وفي وجودها.

قد يعجبك أيضًا
العقاريّون الجدد..والفكر الجديد
الصندوق الأسود حوارات اللحظات الأخيرة في مؤسسة كان سقوطها مدويّاً
في المصائب فوائدُ لمن يقتنصها..!
2 تعليقان
  • osama
    13/03/2019 الساعة 11:45 م
    رد

    مقالة رائعة جدا

    • صالح الرشيد
      19/03/2019 الساعة 5:24 م
      رد

      من ذوقك..

اترك رداً على صالح الرشيد إلغاء الرد

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة