الرئيسية مقالات في تطوير الذات

قانون “من زرع حصد”..!

في حياتنا قوانين راسخة على مر السنين، قوانين تفرض حيثياتها في كلّ زمان ومكان، هذه القوانين لا تقبل التشكيك أو المراجعة لأنّها سنن كونيّة أو اجتماعية سنّها الخالق عز وجل. قانون السبب والنتيجة هو أحد هذه القوانين الراسخة، هذا القانون ينص على أنّ هناك سبباً لكلّ نتيجة يحصّلها الإنسان في أي ميدان من ميادين الحياة، حتى لو لم يدرك الإنسان هذا السبب إلا أنّه كائنٌ لا محالة. فهناك سببٌ للنجاح، وهناك سببٌ للفشل، وهناك سببٌ للصحة، وهناك سببٌ للمرض، وهناك سببٌ للسعادة، وهناك سببٌ للتعاسة. فـ”من زرع حصد ” حكمة جليلة مرت علينا في أيام دراستنا الأولى عندما كنّا نتعلم مبادئ القراءة والكتابة. هذه المقولة اللطيفة تسير في اتجاه القانون السابق، وتؤكّد أنّ الأشياء لا تحدث بالصدفة، وأنّ ما تحصده اليوم هو نتاجٌ لما زرعته بالأمس.

ولنتأمل معاً عزيزي القارئ هذه الكلمة اللطيفة، ونحلّق في سمائها لنستشف منها المعاني التالية، المعنى الأول: البذور التي تبذرها أو تزرعها: بالتأكيد فإنّ ما تحصده دائماً يكون من جنس ما تزرعه، عندما تزرع الخير تحصد الخير، وعندما تزرع الشر تحصد الشر، عندما تزرع بذور المحبّة والودّ مع الآخرين، تحصد بالتبعيّة ثمار حبّ الناس وتقديرهم لك، وعندما تزرع بذور الجدّ والاجتهاد في عملك أو دراستك تحصد بالتبعيّة التميز والتقدّم والنجاح في وظيفتك أو مدرستك. المعنى الثاني: التربة التي تزرع فيها: الحقيقة أنّ هذه التربة هي التي تنبت فيها بذورك، فمن الممكن أنْ تكون البذور صالحة، ولكنّ التربة غير صالحة، فمثلاً عندما تبذر بذور الجدّ والاجتهاد والتميز في عملك وفي الوقت نفسه تكون الثقافة السائدة في مؤسستك هي هضمُ  حقوق المتميزين لحساب آخرين يسلكون مسالك غير سويّة وغير أخلاقيّة، بالتأكيد في هذه الحالة لن تجني في هذه المؤسسة الثمار التي تنتظرها، ولكنّك بالتأكيد أيضاً ستجد تربة أخرى صالحة في مؤسسة تحترم اجتهادك وتميزك في العمل. المعنى الثالث: توقيت الزراعة وتوقيت الحصاد، أحياناً قد ترمي بذورك في فصل الخريف، وكان من المفترض أنْ ترميها في فصل الربيع، أو ترمي بذورك في الليل بعد غياب الشمس، وكان من المفترض أنْ ترميها في وضح النهار، وبالتالي الخطأ في وقت رمي البذر سيجعل النتائج أقلّ من المتوقع. الطالب مثلاً الذي يتهاون في الدراسة وتحصيل العلم وهو في سن الصبا فيركن إلى الكسل وتضييع الوقت فيما لا يفيد ثمّ يكتشف بعد سنوات طويلة أنّه فرّط بكلّ سهولة في أحد أهم أسباب النجاح في الحياة، ربما يجد نفسه أمام خيار واحد هو العودة كي يزرع من جديد، بالطبع هو خيار متاح لكلّ من يستنهض في نفسه الهمّة، ولكنّ التضحيات في هذه المرة ستكون أكبر والمشقة ستكون أعظم. المعنى الرابع: هو الصبر، فمن يزرع اليوم لا ينتظر أن يحصد اليوم، لأنّه إذا حدث هذا بالفعل لن يجد الإنسان قيمة لما يحصده، فما يأتي سهلاً يذهب سهلاً، ولكنّ الإحساس بقيمة الحصاد والحرص على حمايته وزيادته يتحقق عندما نعيش أياماً وليالي نتشوق ونتطلع فيها إلى يوم الحصاد. طول الوقت والتأخير بين زمن الزراعة وزمن الحصاد هو الذي يجعل الكثيرين يتوقفون عن الزراعة ويفشلون في الربط بين أعمالهم ونتائجها. المعنى الأخير: في هذا الحكمة الجميلة هو أنّنا في الغالب نحصد أضعاف أضعاف ما نزرع. عندما تقدّم مساعدة لإنسان محتاج أو فقير تأكد أنّك ستحصد من الأجر والسعادة والأحساس بالقيمة أضعاف ما تكلّفته في هذه المساعدة البسيطة.

عزيزي القارئ مع قوة هذا القانون وتأثيره العظيم في حياتنا إلا أنّه يقف أحياناً عاجزاً أمام قانون إلهي عظيم الشأن يعكس حكمة الخالق وإرادته، إنّه قانون ” كن فيكون”.

قد يعجبك أيضًا
الطمع والوجه الآخر للعولمة
الإدارة المدارة..!
العدالة أساس الإدارة

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة