الرئيسية مقالات عامة

مشاهد من الحرم

عندما تذهب إلى الحرم المكي تعتريك مشاعر استثنائية. فالمكان والمشهد لهما طابعهما الخاص، والناس الذين يضمهم المكان ويظهرون في المشهد يسلكون مسلكاً مرغوباً ومؤثراً في معظم الأحيان، والمشهد الكبير الذي يصور الناس وهم يطوفون حول الكعبة أو يصلون أو يبتهلون بالدعاء أو يستغرقون في قراءة القرآن أو حتى يتبادلون الأحاديث الخافتة، هذا المشهد العظيم يحمل في طياته العديد من المشاهد التي تصنع استثنائية المكان:

المشهد الأول: مشهد الهدوء والسكينة والطمأنينة التي تسكن القلوب وتنضح على الوجوه، فالجميع في هذا المكان لا يشعر بالقلق ولا يشعر بالخوف، الجميع يشعر بالأمان مع نفسه ومع الآخرين، الجميع يعيش لحظات يغمرها السعادة، وكأن السعادة الحقيقية الكاملة تصنع وتباع في هذا المكان فقط دون سائر العالم. وإذا سألت أسعد السعداء في هذه الدنيا ممن أسلم وجهه لله وآتاه الله من نعم الدنيا ما تتوق له النفس وتقر له العين، سيقول لك أن السعادة التي تغمره عندما تطأ قدماه أرض الحرم هي سعادة مختلفة، سعادة لها بريق خاص يبهج القلب ويسعد الروح.

المشهد الثاني: المشهد الذي يظهر فيه الشباب بكثرة في أرض الحرم، وهو مشهد ربما نحن نكون في أمس  الحاجة إليه ليخرجنا من دائرة الإحباط والقنوط من صلاح حال المسلمين، فكثرة عدد الشباب الذين يذهبون لزيارة البيت الحرام تعني أن الأمة الإسلامية بخير، وأن الشباب المسلم سيكون قادراً بإذن الله على مواجهة كافة التحديات في هذا العصر، وأنه بقوة الإيمان والعزيمة الصادقة سيعيد إلى هذه الأمة مجدها ورفعتها.

المشهد الثالث: مشهد الجوهر الذي يغلب المظهر، ففي الحرم دائماً ما تقابل أناس ربما لا يبدو على مظهرهم الالتزام الكامل ولكن في ذات الوقت ترى منهم الخير الكثير، فتراهم يبتهلون بكل خشوع للخالق عز وجل ويمدون يد المساعدة لمن حولهم في المكان، وهذا يؤكد مقولة رسول الله صلى عليه وسلم ” الخير في أمتي إلى يوم الدين”. ولعل هذا المشهد يبعث برسالة واضحة مفادها أن الخير في كل مسلم ومسلمة وأن النفس المسلمة تتوق دائماً للخير وتتوق دائماً للإفلات من غزو الشيطان وفتن الدنيا، وأن هذه النفس تجد ملاذها عندما تتواجد في أرض الحرم.

المشهد الرابع: مشهد الناس السواسية، فلا يظهر الغني من الفقير أو المتعلم من الجاهل أو المؤمن من الفاسق، فالكل سواء في هذا المكان، الكل يدرك قيمة المكان وقيمة التواجد في المكان، ومن ثم يسير الجميع في نفس الطريق ويسعون إلى تحقيق نفس الهدف، والكل لا يملك أكثر من أو أقل من قلب مفعم بالإيمان ولسان لا يكف عن ذكر الله ويد ترتفع بالدعاء والتوسل للخالق عز وجل.

المشهد الخامس: الجميع يمارس الشعائر في هذا المكان بقوة ونشاط، الصغير والكبير، وكأن الروحانيات في هذا المكان تضفي على الجسد صحة وعنفوان وتمده بطاقة ورغبة مستمرة في الطاعة والعبادة، في هذا المكان من الصعب أن تجد شخص متكاسل أو يركن إلى الراحة. فكل إنسان يتحرك بقلبه ونظره وجسده حتى لو كان قعيداً.

بالفعل فان المشاهد في الحرم المكي كلها تدلل على عظمة هذا الدين، وتدلل على أن أمة الإسلام مازال لديها الكثير لتقدمه في هذا العالم، ولكن يتبقى دائماً أن تنتقل هذه المشاهد من الحرم المكي إلى حياتنا العامة، فندرك المعنى الحقيقي للسعادة ونتكاتف ونساند بعضنا البعض ونؤدي أعمالنا بكل جد وإخلاص.

قد يعجبك أيضًا
تعيش الوظيفة الحكومية..!
الأبواب المغلقة..!!
ثقافة العمل.. هي نقطة البداية في السعودة

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة