الرئيسية مقالات في التسويق

روح المنافسة..الفلسفة الغائبة

خلال فترة ماضية طلبت مني إحدى الشركات تقديم مقترح لبرنامج يعالج مشكلة عدم إدراك وتفاعل موظّفي الشركة مع تطور طبيعة المنافسة وزيادة حدتها في الصناعة التي تعمل فيها هذه الشركة. إن هذه المشكلة تمثّل واحدة من أخطر المشكلات التي تؤثر بالسلب على أداء وإنتاجيّة الموظّف في المؤسسات الرسميّة على وجه التحديد أو المؤسسات التي تتمتع بمزايا احتكاريّة في مجالها. فبدون التحلي بروح المنافسة لن يجد الموظّفون أمامهم أهدافاً حيويّة وخطيرة لتحقيقها، ومن ثمّ سيتفرغون للصراعات والنزاعات اليومية التي تستنفد جزءاً كبيراً من طاقاتهم الجسديّة والذهنيّة لتدفع مؤسساتهم الثمن غالياً في النهاية.

الحقيقة أنّ هذه المشكلة تتشكل من خلال جانبين: الجانب الأول: يتعلق بافتقاد الشعور بالمنافسة الداخلية بين الموظّف وبين زملائه في العمل، ويتعلق أيضاً بعدم إدراك الموظّف للمعنى الحقيقي والإيجابي للمنافسة مع زملائه، فالموظّف في كثير من المؤسسات العاملة في بيئات العمل العربية غير محفز على المنافسة، فهو يرى أنّه لا يوجد فرق واضح بين من يعمل بكامل طاقته وتركيزه وبين من يعمل بأقل من ذلك، فالكلّ يحصل على نفس المزايا الماديّة والعينيّة تقريباً، ومن ثَمّ فمن وجهة نظر الموظّف لا داعي لتقديم الأكثر طالما أنّ الأقل يحقق الغرض، فافتقاد المؤسسة لوجود آليّة واضحة تفرّق بين من يؤدي ما هو مطلوب منه فقط ومن يقدّم أكثر مما هو مطلوب منه يعني أنّ المؤسسة تعطي لموظّفيها تصريحاً ضمنياً بالبقاء في منطقة الإنتاجيّة العادية. أما ما نراه من مشاحنات وخلافات بين الكثير من الموظّفين في كثير من المؤسسات فلا يمكن وصفه بالمنافسة، فالمنافسة في معناها الحقيقي والإيجابي هي السعي للتميّز في تقديم الأفضل، وما نراه هو أشكال مختلفة من الصراعات غير السويّة التي تعصف بالمناخ الصحي لبيئة العمل وتحوّل مكان العمل إلى ساحة للقتال تباح فيها استخدام أسلحة مشروعة وغير مشروعة في ظل سيادة قانون (الغاية تبرر الوسيلة) . إذاً الجزء الأول من حلّ مشكلة افتقاد الموظّفين لروح المنافسة يتمثل في إيجاد آليّة واضحة تحفّز الموظّف ماديّاً ومعنويّاً على تقديم الأفضل، وكذلك إدارة صراعات العمل لتتخذ منحى إيجابيّاً لها يصبّ في النهاية في مصلحة العمل. الجانب الثاني للمشكلة: يتمثل في عدم إدراك الموظّف لطبيعة المنافسة الخارجيّة التي تضع شركته في مواجهة مستمرة ومشتعلة مع شركات أخرى تعمل في نفس المجال، وتستهدف نفس الأسواق، وتخاطب نفس الفئة من العملاء، هنا نحن أمام موظّف لا يدري ماذا يحدث حوله، لا يعرف بالضبط من هم منافسو شركته؟ ماذا يقدّمون؟ ما هي أوضاعهم في السوق؟ بماذا يتميزون؟ ..الخ. هذا الموظّف يذهب إلى عمله كلّ صباح ليؤدي الدور التقليدي المنصوص عليه في وصفه الوظيفي، هو يحصل على راتبه في النهاية سواء انتصرت شركته على منافسيها أو لحقت بها الهزيمة. جزء من الحل هنا يتمثل في رفع مستوى إدراك الموظّف لطبيعة ومكونات المنافسة في المجال الذي تعمل فيه شركته، يجب أنْ يدرك الموظّف أنّ تحركات، وتوجهات، واستراتيجيات منافسي شركته تؤثر بشكل مباشر على مستقبله الوظيفي، يجب أنْ يدرك أنّه مسئول بالدرجة الأولى عن حماية مستقبله الوظيفي من خلال التميز في الأداء، والإنتاجيّة، والسعي المستمر لتقديم أفضل مما يقدّمه نظيره في الشركات المنافسة، ويجب أنْ يدرك أيضاً أنّ شركته تعتمد عليه بصفة أساسية، وتعتبره سلاحها الاستراتيجي الأول في معاركها التنافسية. أمّا الجزء الآخر من الحل فيتمثل في الترجمة الماديّة لشعور وإدراك الموظّف لحدة المنافسة، بمعنى أنّ الموظّف يجب أنْ يحقق مكاسب ماديّة في وظيفته عندما تحقق شركته مكاسب ماديّة في ميدان المنافسة، وبالمثل يجب أن يتجرّع مرارة الهزيمة والخسارة عندما تخسر شركته، ولعلّ إدراك الموظّف للعائد الذي خسره بخسارة الشركة يعتبر في حد ذاته أكبر محفز للشعور بمرارة الهزيمة.

قد يعجبك أيضًا
الإدارة الحنونة..!
عزيزي الموظف المحتال!!
جامعاتنا ليست حلم المتفوقين..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة