الرئيسية مقالات في التسويق

حماية المستهلك الصغير

أطفالنا يكبرون بسرعة، يكبرون بعقولهم واحتياجاتهم قبل أن يكبروا بأجسادهم وأعمارهم، نحن نسعد بذلك ونتبادل جميعاً بفرح وفخر حكاياتهم وتعبيراتهم وتعليقاتهم، ولكن هناك في نهاية الممر من يتربص بهم ليستثمر حالتهم وحالتنا في تحقيق مزيد من المكاسب والثراء.

انهم المسوقون وأهل الصناعة والتجارة الذين اكتشفوا منذ سنوات أن هناك سوقا كبيرا يجب استهدافه وهو سوق الأطفال، فطفل اليوم ليس هو طفل الأمس، عرف الكمبيوتر والانترنت والهاتف المحمول والألعاب الذكية، تنازل طفل اليوم عن براءته رغماً عن ارادته بعد أن تعرض عقله ورغباته لغزو رهيب من كل اتجاه أجبره على التنازل عن براءته لصالح وحش مادي سيطر عليه حتى في علاقته بأقرب الناس اليه، فأصبح وأمسى لا يكف عن طلب كل ما تشتهيه نفسه، زاحم الكبار في احتياجاتهم وطالب بحقه –كما يراه– في  امتلاك هاتف مميز او جهاز كمبيوتر فريد الخصائص،

تنازل طفل اليوم عن براءته رغماً عن إرادته بعد أن تعرض عقله ورغباته لغزو رهيب من كل اتجاه أجبره على التنازل عن براءته لصالح وحش مادي سيطر عليه حتى في علاقته بأقرب الناس اليه، فأصبح وأمسى لا يكف عن طلب كل ما تشتهيه نفسه، زاحم الكبار في احتياجاتهمواحترف ممارسة الضغوط للفوز برحلة سياحية مكلفة أو الجلوس في سيارة متطورة، لم تعد معدته قانعة باستهلاك وهضم قدر بسيط من المأكولات التي تناسبه ولا تضره وفتح لها الطريق لتأكل بنهم وشهية مفتوحة على مصراعيها أصنافا تصيبه بأمراض الكبار، رفض النوم في حجرة تقليدية وطالب بحجرة ذكية تدار بالريموت كنترول مع تغيير الديكور والألوان كل عام أو أقل ان أمكن. أصبح التلفاز والانترنت وسيلته للتسوق والاختيار ولا تندهش عندما تشاهده يدون في أجندته ما سيطلبه ويدون أيضاً الحيل والمبررات التي سيقدمها لوالديه لتلبية احتياجاته. حبنا لأطفالنا أفسدهم وأساليب المسوقين أفسدتنا وأفسدتهم، دائماً نؤكد على أن التسويق يمارس أدواراً اقتصادية واجتماعية في غاية الأهمية، ولا نبالغ عندما نؤكد على أن كل ما نستخدمه في حياتنا اليومية مصدره التسويق وأن المستوى المعيشي للمجتمعات يتطور بتطور كفاءة التسويق وقدرته على تلبية الاحتياجات. ولكن يظل للتسويق مفاسده عندما يسيطر عليه الجشع وحب المال والسعي لتحقيق مكاسب مادية على حساب قيم انسانية ومجتمعية وعندما يوظف أدواته لتحويل الانسان الى مستهلك جشع لا تردعه قيود او حدود. ماذا ننتظر من جيل تعود على الاستهلاك بهذه الطريقة وماذا نتوقع من انسان سيطرت عليه المادية منذ نعومة أظفاره وفقد مبكراً ومبكراً جداً الرضا والقناعة وهما أهم دعائم الحياة الطيبة؟! يتحدثون كثيراً عن حماية المستهلك.. الحماية الأكبر يستحقها أطفالنا.. يجب أن نحميهم من انفسهم أولاً.. ومن أنفسنا ثانياً.. ومن التسويق الجشع ثالثاً.
الطفل يتميز بانه يحب التجديد وهو جاهز دائما لتجربة السلع الجديدة ويسهل التأثير عليهم.. هم يميلون للتعصب للاشياء التي يفضلونها ويمارسون كل اشكال التأثير المسموح وغير المسموح للحصول على محبوبهم وما يفضلون.. هم احيانا يربطون حب الاخرين لهم بمدى تلبية حاجاتهم والرضوخ لمطالبهم.. والاخطر انه يتأثر بسرعة بالمحيطين فيه وبأقرانه.. ودائم المقارنة مع الاخرين.. واذا كان الكبير احيانا لا يستطيع مقاومة العروض المشجعة والاعلانات المغرية فكيف سيكون الحال مع طفل صغير يرى كل سعادته في امتلاك ما يرغب ويريد.

قد يعجبك أيضًا
من يحمي المستهلك من نفسه؟!
الوظيفة أو العمل الحر..؟!
التأثير في الآخرين..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة