الرئيسية جديد الموقع مقالات في الادارة مقالات في التسويق

جريمة توماس كوك..!

في صباح يوم الاثنين الموافق 23 من سبتمبر الماضي تلقى عملاء شركة توماس كوك عملاق السياحة والرحلات في العالم رسالة صادمة “دخلت شركة توماس كوك في بريطانيا  والكيانات المرتبطة بها التصفية الإلزامية، وهي الآن تحت سيطرة المستلم الرسمي، توقف العمل في المملكة المتحدة وتم إلغاء جميع الرحلات والعطلات المستقبلية” .

الشركة التي أسسها توماس كوك عام 1871 كانت تخدم 19 مليون مسافر في السنة في 16 دولة ووصلت إيرادتها في عام 2018 إلى 12 مليار دولار. العملاق سقط في مستنقع الديون ولم يتمكن من الخروج فلفظ أنفاسه الأخيرة، بلغت ديون توماس كوك2.1  مليار دولار ، ورغم المحاولات المستمرة لتخفيض الديون إلا أنها باءت جميعها بالفشل ولم تتمكن حكومة بريطانيا من إنقاذ الوضع وتخلت عنها بسبب ديون يصعب تحمل تكلفتها فأصبح إغلاق أبواب الشركة أمراً حتمياً.

الشركة أعلنت عن أسباب الانهيار لتصبح عبرة لمن يعتبر. شبكة الانترنت كانت مقبرة توماس كوك مثلما هي مقبرة لكل الشركات التي لا تدرك التطورات في مجال عملها ولا تتعامل معها بجدية وفاعلية، في الوقت الذي إستمرت فيه توماس كوك في تقديم خدماتها من خلال مراكزها الأرضية تغير نظام الحجز في العالم كله وأصبحت الحجوزات الألكترونية هي الطريقة السائدة، إقتحم السوق شركات جديدة متخصصة في الحجوزات الألكترونية وأشهرها Booking ، كان مطلوباً من توماس كوك أن تطور خدمات الحجوزات الألكترونية لكنها اعتمدت على فروعها المنتشرة في العالم واعتبرت الحجوزات الألكترونية خدمة تكميلية في الوقت الذي إعتبرها الآخرون خدمة جوهرية أو إستثمار رئيسي. ولأن البيئة المحيطة بكافة عناصرها تؤثر بشكل مباشر في التسويق فقد التغير الطقس في بريطانيا، الشمس أصبحت ضيفاً كريماً على بريطانيا، وبالتالي تغير سلوك المستهلك البريطاني وهو مستهلك يشكل أهمية كبيرة لتوماس كوك، كان البريطاني يسافر بحثاً عن الشمس فباتت الشمس تشرق على رأسه بكثافة كل صباح، في نفس الوقت خرجت بعض المناطق من دائرة المقاصد السياحية بسبب موجات الحر غير المسبوقة، سبب آخر لافلاس توماس كوك يرتبط ببريطانيا ذاتها حيث تعتزم الخروج من الاتحاد الأوروبي وهو ما يؤثر على الأسعار بالنسبة للبريطانيين ويرفع عليهم تكاليف السفر والرحلات وهو مايعني إنخفاض طلب السوق البريطاني على خدمات توماس كوك،

أيضاً فشلت توماس كوك وهي الشركة العريقة في التكيف مع أوضاع عملائها المستهدفين والذين باتوا يبحثون عن خدمات سياحية بتكاليف منخفضة ويبدو أن توماس كوك عجزت عن تقديم خيارات تشبع إحتياجاتهم وتتناسب مع إمكاناتهم. لا أعرف كيف سقطت شركة مثل توماس كوك في دوامة الديون بهذه الطريقة؟! ولا أجد تفسيراً حتى الآن لعجز الشركة عن التعامل مع متغيرات كان يمكن توقعها والاستعداد لها! وأتصور أن إدارة الشركة لم تقم بواجبها كما ينبغي وكانت شاهدة على تفاقم الأزمة دون حراك حقيقي وفعال يتناسب مع صعوبتها، أحياناً يصاب مثل هؤلاء بالغرور ويتصوروا أنهم ملكوا العالم وأن العالم لن يستطيع أن يعيش بدونهم في حين أن العالم يلفظهم في لحظات طالما كان هناك بديل، توماس كوك التي كانت تقدم كل شيء في عالم السياحة من مغادرة المنزل حتى العودة إليه والتي كان شعارها “الشيء الوحيد الذي تحتاج إلى القيام به هو أن تحزم حقيبتك وتذهب” ، حزمت هي حقائبها وذهبت وتركت لعملائها ذكريات مع شركة جريمتها أنها لم تقدر العالم الذي تعيش فيه حق قدره.

قد يعجبك أيضًا
من قال أن الأفيال لا تستطيع الرقص..!
تقرير يصعب تجاهله..!
السياسة في عالم الأعمال…منظور مختلف

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة