الرئيسية مقالات عامة

التغيير .. بأقل تكلفة ممكنة..!

في خضم الأحداث المتلاحقة التي تشهدها العديد من الدول العربية الآن، التي وضحت بداياتها ولم تتأكد نهاياتها حتى هذه اللحظة، ربما نكون قد أدركنا أن هناك قيمة عظيمة الشأن افتقدناها في مجتمعاتنا العربية، وربما يكون افتقادنا تلك القيمة هو الباعث الأول لكل المشكلات والمعوقات التي حدت من قدرتنا على التطور والتميز. إنها قيمة الحوار، والحوار في تعريفه نشاط ذهني ولفظي يعرض فيه المتحاورون الأدلة والحجج والبراهين التي تبرر وجهات نظرهم بحرية تامة من أجل الوصول إلى حل لمشكلة أو توضيح لقضية ما. 

وللحوار آداب متفق عليها، أن يكون كل الأطراف على دراية كاملة بموضوع الحوار، أن يحترم كل طرف قيم ومبادئ الطرف الآخر ويراعي حالته النفسية، أن يكون الدافع الرئيس لدى جميع أطراف الحوار هو الوصول إلى الحقيقة والصواب، أن يتأدب كل طرف مع الآخر باختيار الألفاظ المناسبة التي يرتضي المحاور أن يسمعها من غيره، تجنب الغضب وأسبابه مع الحرص على الاعتدال حتى ينتهي الحوار، أن يكون لدى كل الأطراف قدرة على التعبير، وأن تكون لديها وسائل للتعبير، الإصغاء للطرف الآخر والاستفادة من طرحه وكبت جماح النفس عند الرغبة في الجدال، وأن يكون لدى أطراف الحوار كافة قبول الاعتراف بالخطأ في حال خالف الصواب، المرونة وعدم التمسك بالرأي حتى لو كان يخالف الصواب. الحقيقة أننا عندما نقيّم مدى التزامنا بالآداب المذكورة في حواراتنا المجتمعية، حتى الأسرية والفردية، سنكتشف – مع الأسف الشديد – أننا لم نتحاور قط، ولهذا فقدنا فرصتنا في الوصول إلى الحقيقية في الكثير من جوانب حياتنا.. وربما لم ولن تأتي لحظة نستشعر فيها أهمية الحوار مثلما نستشعرها الآن. دعونا نتحدث بشفافية كاملة ونؤكد أن التغيير في هذه المرحلة أمر بدهي وحتمي، وإذا تغير العالم حولنا ولم نتغير نحن سنخرج تماما من سباق الأمم نحو التقدم والتطور وندور مع أنفسنا في دائرة مغلقة عقيمة، لكن ما ليس بدهيا أو حتميا هو أن نسلك الطريق ذاته الذي يسلكه الآخرون للتغيير وأن نحصل على التغيير بالتكلفة نفسها التي تحملها غيرنا. إن تشابه أهداف وطموحات الشعوب لا يعني على الإطلاق أن هناك طريقا واحدا يجب أن تسير فيه لتحقيق أهدافها وطموحاتها، أين هذا الطريق الذي يستوعب الجميع باختلاف خصائصه وسماته وثوابته وإمكاناته؟! نحن في أمس الحاجة الآن إلى إدارة حوار مجتمعي راق يستهدف الوصول إلى إجابة وافية لسؤال محدد وواضح يشكل جوهر التغيير: ما مكونات التغيير السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي التي تمكننا من التطور والتقدم والرقي دون أن نتنازل عن هويتنا وثوابتنا؟ إذا أدرنا هذا الحوار (حكومة وشعبا) بشفافية ورغبة صادقة في الوصول إلى الحقيقية سنتمكن – بمشيئة الله وتوفيقه – من إحداث تغيير يضعنا في مصاف الأمم .. وبأقل تكلفة ممكنة.

قد يعجبك أيضًا
الأعمدة العشر للتفويض
صوتهم.. فرصة وليس تهديداً..!
ثقة المجتمع بنفسه …كلمة السر في تقدمه

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة