الرئيسية مقالات في التسويق

التسويق الناعم

حدّثني صديقي عن المكالمة الهاتفيّة التي تلقاها من موظَّفة تسويق سعوديّة تعمل في إحدى المؤسسات، وتقوم بالتسويق الهاتفي لمنتجات المؤسسة التي تعمل بها. يقول صديقي: “إنّ الموظَّفة كانت تتحدث بطريقة ناعمة وتحثّه على التعامل مع المؤسسة وشراء منتجها. طريقة الحديث استفزت مشاعر صديقي واستفسر منها عن سبب تحدثها بهذه الطريقة التي تفتقد الوقار إلى حدّ ما، أخبرته أنّ هذا هو أسلوبها في الحديث، وأنّ زميلاتها أيضاً يفعلون نفس الشيء وربما أكثر من ذلك بهدف التقرب من العميل وحثّه على الشراء. الانطباع الذي كوّنه صديقي بعد هذه المكالمة أنّ المرأة مكانها المنزل، وأنّ العمل للرجال، وليس للنساء. ما أودّ التوقف عنده كثيراً هو استغلال المرأة في التسويق اعتماداً على قدرات لا تتعلق بالكفاءة بقدر ما تتعلق بالقدرة على استمالة الطرف الآخر. هذا الأسلوب الآن ذائع الانتشار في كثير من الدول الأجنبية، ووجد طريقه بقوة في بيئة الأعمال العربية. فالمؤسسات تعتقد أنّ المرأة لها قبول لدى الرجل في كلّ مكان، وأنّ العميل الرجل على استعداد دائماً للاستماع للمرأة. وربما يرغب في كثير من الأحيان في تقديم خدمةٍ ما لها. ومن ثَمّ تستطيع المرأة ببعض الدلال والنعومة والابتسامات والضحكات أنْ تجعل الرجل يمد يده إلى جيبه ليخرج حافظة نقوده ويشتري المنتج الذي تسوقه هذه المرأة. ولعل الاتصال الهاتفي من وجهة نظر هذه المؤسسات يفرض استخدام المرأة في التسويق، فنبرات الصوت الناعمة الرقيقة بالتأكيد لها ردّ فعل مختلف عن تلك النبرة الخشنة والجافة التي يتّسم بها الرجل، بالإضافة إلى أنّ الرجل قد يسمح للمسوقة عن طريق الهاتف بمساحة أكبر من الوقت كي تعرض خصائص ومزايا منتجها. الحقيقة أنّه تسويق في منتهى الخطورة ..لماذا؟ لأنّ الحديث في الهاتف ربما يكون أخطر من الحديث وجهاً لوجه في الانزلاق إلى اتجاه بعيد عن الهدف الأساسي من الاتصال. فعندما يتحدث رجل مع امرأة في الهاتف لا يكون هناك أي مجال لتدخل عناصر خارجية تؤثر على أجواء الحديث، فالإنسان عندما يتحدث في الهاتف يركز الطرف الآخر في الحديث تماماً، ولا يلتفت لأية ضوضاء محيطة به، ومن ثَمّ فإنّ المناخ يكون مهيأً لحدوث التجاوز في حالة عدم التزام المسوقة أو الطرف الأخر بآداب الحديث وأخلاقيات التعامل. هذا من ناحية، من ناحية أخرى وبصفة عامة فإنّ توظيف العنصر النسائي في التسويق بهدف استغلال قدراتهم الخاصة في التأثير على العملاء، أمر مرفوض تماماً ولا يتناسب على الإطلاق مع خصوصية بيئتنا وعقيدتنا الإسلامية التي تحض الإنسان على تجنب كلّ ما يثير الغرائز والشهوات. المرأة نفسها يجب أنْ تدرك أنّها بهذا الأسلوب ستكون معرضة بشكل كبير للانزلاق في علاقات تؤذيها أكثر مما تفيدها. والمؤسسة التي توظف المرأة في هذا المجال عليها أنْ تدرك أنّ التسويق مهنة أعظم بكثير من مجرد استخدام الدلال والرقة والنعومة، وأنّها إذا ارتضت هذا الأسلوب في العمل فسوف تخسر كثيراً؛ لأنّ العميل لن يتعامل مع المؤسسة لجودة منتجاتها بقدر ما يتعامل معها بسبب خفة ورقة موظفاتها، وهذا العميل بالطبع يهدم ولا يبني. نحن هنا لا نعترض هنا على عمل المرأة في مجال التسويق، فهناك الكثير من المجالات التسويقية تناسب المرأة أكثر ما تناسب الرجل مثل تسويق أدوات التجميل، أو أزياء السيدات، أو تسويق الخدمات المقدَّمة للعرائس..الخ. ولكن نعترض على استغلال طبيعة المرأة وقدرتها على التأثير في الرجل لتحقيق الإيرادات وجذب العملاء. نحن نعترض على المبدأ الأساسي الذي يرتكز عليه التسويق الناعم، وهو الغاية تبرر الوسيلة.

قد يعجبك أيضًا
القادة والتعليم المستمر
الطمع والوجه الآخر للعولمة
المسار الآمن..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة