الرئيسية مقالات في التسويق

التسويق الأزرق

عندما قدم الباحثان ”رينيه ماوبورجن، دبليو تشان كيم” في عام 2005 كتابهما الشهير ”استراتيجية المحيط الأزرق”، كانا يدركان أن الوجه القبيح للمنافسة بدأ يظهر بشدة في ساحة الأعمال الإقليمية والعالمية على حد سواء، وإن كان للمنافسة سماتها الإيجابية المتمثلة في تحفيز المنظمات والأفراد على تقديم الأفضل دائماً، وتمكين العملاء أو المستهلكين بالفعل من الحصول على الأفضل بتعدد البدائل والمزايا المتاحة أمامهم، وكذلك إثراء الأسواق بالممارسات التنافسية المتنوعة والمتجددة،

إلا أن الجانب الآخر للمنافسة يتشكل باللون الأحمر كما يصوره الكاتبان .. يتشكل بلون الدم، حيث تحتد المنافسة وترتفع معها الخسائر المادية والمعنوية، وربما تحدث حالة من الفوضى التي يستباح فيها كل شيء .. أبحر الكاتبان في محيط جديد أزرق يتسم بالصفاء والنقاء والتجدد المستمر، طرحا حلاً جديداً ومؤثراً ـــ ببساطة ودون تعقيد ـــ اهرب بعيداً عن منافسيك ومارس لعبتك بأريحية وتركيز. الفكرة هنا أن الشركة أو المؤسسة تسعى بقواربها لمياه جديدة غير ملوثة بالدماء ولا ترتفع فيها درجة الحرارة الناتجة عن شدة الاحتكاك بين القوارب المتصارعة .. في هذه الحالة يتم تجاهل المنافسة والمنافسين تماماً ليس هذا فقط، بل يتم تجاهل العملاء الحاليين أيضاً ويكون الهدف البحث عند احتياجات جديدة وطلب جديد عند عملاء جدد لديهم احتياجات خفية ربما يدركونها أو تخفى عنهم .. ولكن الثابت أن لديهم احتياجات، يتم اكتشاف وتحديد الاحتياجات، ومن ثم تقديم حلول تتشكل في منتجات وخدمات جديدة وغير مسبوقة أو مطروقة من المنافسين .. على سبيل المثال عندما تشتد حدة المنافسة بين شركات الاتصالات وتشتعل معها حروب الأسعار واستنفاد القدرات، هذا يعني أن تلك الشركات تسبح في المحيط الأحمر الذي لا يرحم .. تفكر هنا إحدى هذه الشركات في تقديم منتج جديد أو خدمة جديدة تشبع احتياجات فئة جديدة من العملاء (كبار السن، الأطفال … إلخ). هنا تتحرك الشركة بسرعة من المحيط الأحمر إلى المحيط الأزرق، وتستطيع تلك الشركة أن تزيد كل يوم مساحة المحيط الأزرق الذي تسبح فيه بمفردها، وذلك بالاستمرار في اكتشاف الاحتياجات والاستمرار في تقديم الجديد .. هذا التصور من الناحية النظرية سهل وجميل وجذاب .. ولكن من الناحية العملية تعادل صعوبته عمق المحيطات .. فالإبحار في المحيط الأحمر، حيث المنافسة والمنافسون لا يتطلب في الغالب أن تملك الشركة أكثر مما يملك منافسوها.. وإن ملكت الأقل تستطيع أيضاً أن تناوش وتناكف وتحصل على ما يرضيها ويسد رمقها على أقل تقدير .. لكن في المحيط الأوزرق وبالرغم من هدوئه وجماله إلا أنه يتطلب قدرات خاصة .. قدرات تتعلق بالمادة التي يصنع منها القارب .. بطبيعة المجداف .. بعقلية ورؤية البحار .. يجب أن تمتلك الوسائل والأدوات البحثية والمعلوماتية التي تمكنك من اكتشاف احتياجات ـــ غير الزبائن ـــ يجب أن تمتلك القدرة على تحويل المعلومات لمنتجات وخدمات غير تقليدية، يجب أن تعمل جميع الإدارات والأقسام بدرجة مرتفعة من الانسجام والتناغم، والأكثر من ذلك يجب أن تتجدد أفكارك بتجدد ماء المحيط .. في المقال القادم نلتقي في محيط جديد وتسويق بلون جديد .. فالتسويق في مظهره .. وجوهره .. ألوان.

قد يعجبك أيضًا
صراع القيم في المؤسسة..!
عزيزتي الموظفة “ورِّيهم” عينك الحمرا..!
عزيزي الموظف: متى تطالب بزيادة راتبك؟!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة