الرئيسية مقالات في الادارة

الإدارة بالمرح

اكتشف مدير جديد لاحدى الشركات من خلال خبرات سابقة أن الغلظة والشدة في التعامل مع الموظفين تأتي في الغالب بنتائج عكسية، وتؤدي إلى هروب موظفين معظمهم من ذوي الكفاءات، فقرر في تجربته الجديدة اتباع أسلوب مختلف، وصمم على بث أجواء مرحة في مكان العمل، وكان تركيزه على عملية الاتصال بين العاملين في المؤسسة، فقد لاحظ أن الأقسام ومنسوبيها يتعاملون مع المذكرات والرسائل التي يرسلها إليهم بإهمال واضح، وتظل المذكرات والرسائل قابعة في صناديق البريد تنتظر من يمد يديه إليها، ماذا فعل المدير؟ قام بجولة على صناديق البريد الممتلئة بمذكرات ورسائل مهملة فوضع في صندوق 10 دولارات وفي آخر قطعة شيكولاته وفي آخر ساندوتش، ثم امسك بصافرة وأخذ يطوف بين المكاتب وهو يصيح بصوت مرتفع (مفاجأة في صندوق البريد….فتش الصندوق واحصل على وجبة خفيفة)، فتحفز الموظفون على فتح الصناديق، ولكنهم ظلوا لا يتفاعلون مع الرسائل والمذكرات المرسلة في الصناديق بالسرعة المطلوبة، فتعمد المدير أن يخبرهم بأنه مضرب عن الحوار، وانه لن يتحدث إلى أحد وعلى الجميع إرسال مذكرات ورسائل بمتطلباتهم ليفحصها وقتما يشاء، وتعمد إهمال الرد على مذكراتهم حتى تحدثوا معه في هذا الأمر، فاخبرهم بان عليهم أن يجربوا تأثير إهمال الرد على مذكراتهم مثلما فعلوا هم معه، فما كان من الموظفين إلا أن غيروا سلوكهم في التعامل مع المذكرات.  شركة أخرى وبتشجيع إدارتها تطبق أساليب رائعة في بث أجواء المرح، يجمعون صور العاملين في الشركة وهم أطفال ويلصقونها على لوحة معلقة بالجدار ويتركون حرية التعليق على الصور، ينظمون مباريات سريعة في تنس الطاولة أو كرة السلة خلال أوقات ضغوط العمل، يتبادلون خطابات مذيلة بتوقيعات غاية في الطرافة (إمبراطور الشركة، الحاكم بأمر الحسابات،  ملكة شئون الأفراد،..الخ)، والأكثر من ذلك أنهم كانوا يقدمون بطاقات تعريفهم لعملائهم بهذه التوصيفات؛ ليبعثوا لهم برسالة بانهم شركة تستمتع بالعمل.
عزيزي القارئ، إذا كنت مديراً في شركة أو مؤسسة احذرك من إتباع هذه الأساليب، وإلا ستجد نفسك نزيلاً بمصحة نفسية والموظفون حولك يتهامسون بأسى وحزن على مديرهم الذي فقد عقله. ولكن الأنسب في مؤسساتنا أن تفعل هذا خارج بيئة العمل، نظم رحلة ترفيهية لموظفيك بشكل دوري، تضحكون وتلعبون وتطلقون النكات وتنظمون المسابقات وتستعرضون هواياتكم وتتذكرون مواقف مثيرة للضحك، ستكتشف فيهم شخصيات مختلفة عما ألفت، وسيكتشفون فيك شخصية مختلفة عما ألفوا، ستكون فرصة لتصفية خلافات وحل نزاعات، وستكون فرصة لتجديد النشاط ومحاربة ضغوط العمل، لحظات جميلة لن ينسوها ولن تنساها. نحن بشر لدينا احتياجاتنا وطاقاتنا محدودة مهما عظمت وضغوط العمل لا ترحم وضغوط الحياة أشد وأشد، ونخطئ إذا ظننا أننا نستطيع أن نعمل بشكل آلي وروتيني طوال الوقت، ونخطئ إذا ظننا أن إشاعة جو البهجة والمرح يتعارض مع الشخصية الجادة التي يجب أن تحافظ عليها الإدارة بشكل دائم ولا تسمح باختراقها أو محاولة التخفيف من حدتها. جرب أن تفعل هذا مرة واحدة،  جرب أن توزع الفرح على من حولك وسيتحول بكل تأكيد هذا الفعل إلى عادة تثري العمل، وتغذي الانجازات، وتوثق الصلة وتصنع العلاقة الايجابية بين الموظفين، وتفسح المجال للإبداع وتزرع روح الاعتزاز والولاء، وتحافظ على العاملين وتكسر الروتين والحواجز في بيئة العمل.
صحيح قد لا تكون الادارة بالمرح هي العامل الأهم والوحيد في نجاح الشركات، لكن توظيف العديد من الطرق والأساليب لنشر روح المرح في مكان العمل قد يكون أهم صفة تميز الموظفين ذوي الكفاءة العالية. أخيرا يجب أن نقوم بكل ما نستطيع ليكون العمل مصدرا للمتعة والمرح؛ ومن الغباء والبله أن تنتظر الشركة من الموظف أن يمنح العميل خدمة مغلفة بابتسامة ما لم تمنح الشركة الموظف ما يستحق الفرح والابتسام.!!

قد يعجبك أيضًا
القابعون في الظل
إجازة للإدارة وإدارة للإجازة..!
أخطاء الكبار..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة