الرئيسية مقالات في الادارة

أخطاء الكبار..!

تناولت وسائل الإعلام في الفترة الماضية الأخبار المتعلقة بسحب شركة تويوتا ملايين السيارات من موديلات ”تويوتا” في أوروبا وأمريكا الشمالية والصين نتيجة عيوب في دواسات السرعة وعدم القدرة على التحكم للحظات في مكابح السيارة ما يهدد بشكل مباشر سلامة الركاب. قدرت خسائر ”تويوتا” المباشرة بنحو ملياري دولار، إضافة إلى تهديد مباشر لسمعة الشركة ومنتجاتها في الأسواق العالمية. بدأت ”تويوتا” في تنفيذ خطة عاجلة لتقليل حجم الخسائر واستعادة الثقة مرة أخرى في منتجاتها، هناك عدة مشاهدات ودلالات مرتبطة بهذا الحدث:

ـ الأخطاء واردة في كل زمان ومكان، ولكن دائماً أخطاء الكبار مكلفة للغاية ”غلطة الشاطر بألف”. تويوتا لها قاعدة جماهيرية عريضة وتتعامل مع منافسين يعملون لها ألف حساب وينتظرون بشغف أخطاءها وسقطاتها. في الوقت ذاته تسهم ”تويوتا” بشكل مؤثر في تطوير الصناعة اليابانية وتنمية مدخلاتها وهي تعد أيضا أحد أهم المتحدثين باسم الجودة اليابانية وهو ما يعني أن الدول التي تلعب ضد اليابان في حلبة المنافسة الاقتصادية والصناعية والتجارية ستتابع بدقة تأثير أزمة ”تويوتا” على تنافسية الاقتصاد الياباني، لهذا كانت نتائج الخطأ وخيمة ومؤثرة على كل المستويات.

ـ التساؤلات الملحة الآن: كيف حدث هذا الخطأ؟ وكيف مرت العيوب على فرق الجودة التي تتميز بها شركة تويوتا والشركات اليابانية بصفة عامة؟ من أين بدأ الخطأ وفي أي توقيت وفي أي مكان؟ هل هناك شخص أو اثنان أو فريق عمل أو فرق عمل مسؤولة بشكل مباشر عن حدوث الخطأ؟ هل حدث الخطأ بسبب التهاون أم بسبب عدم التركيز أم بسبب الضغوط؟ على شركة تويوتا أن تفتش في صندوقها الأسود للإجابة عن تلك التساؤلات وغيرها.. أعتقد أن هذا سيستغرق فترة طويلة، فمن السهل أن تكتشف ”تويوتا” كيف حدث الخطأ ولكن من الصعب أن تكتشف لماذا حدث الخطأ، خاصة إذا ارتبط الخطأ بالعنصر البشري.

ـ لأن ”مصائب قوم عند قوم فوائد” بدأ منافسو ”تويوتا” في التحرك بسرعة لانتهاز الفرصة الثمينة والاستفادة من تعثر ”تويوتا” التي تستحوذ على حصة سوقية كبيرة في أسواق السيارات العالمية، ولن نتعجب في الفترة المقبلة عندما نسمع عن منتجات جديدة وتسويق مكثف لمنافسي ”تويوتا”، وفي الوقت الذي تنشغل فيه ”تويوتا” بسحب موديلات من السوق، سينشغل منافسوها بضخ موديلات جديدة لسياراتهم في الأسواق المستهدفة.. سيعمل منافسو ”تويوتا” بجد كما لم يعملوا من قبل وربما يؤثرون بشكل أو بآخر في تفاقم أزمة ”تويوتا”.. في عالم الأعمال لا رحمة ولا هوادة عندما تشاهد منافسك يترنح.. ساعده.. ولكن.. على السقوط.

ـ علاقة ”تويوتا” بعملائها ومدى قوة العلامة التجارية وتميزها في أذهانهم ستحدث الفارق في قدرة ”تويوتا” على مواجهة الأزمة، لذا ليس مستغرباً أن يدعم عملاء ”تويوتا” علامتهم المفضلة ويدافعوا عنها بقوة ويظهروا ولاءهم للعلامة ومنتجاتها، وأعتقد أن ”تويوتا” ستطلب منهم أداء هذا الدور.. وهنا يتضح أن الولاء للعلامة التجارية هو واحد من أعظم الأصول التسويقية في عالم الأعمال.

ـ إذا كنا نريد أن نتعلم فن وعلم إدارة الأزمات فعلينا أن نتابع في الفترة المقبلة توالي الأحداث والأفعال وردود الأفعال في ”أزمة تويوتا”، فأخطاء الكبار دائماً هي مصدر ثري للتعلم واكتساب الخبرات.

قد يعجبك أيضًا
عاصفة الحزم..!
7 دروس إدارية من كأس العالم..!!
الأراضي المحجوزة وغطرسة الدجاجة التي تبيض بترولاً..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة