الرئيسية مقالات في التسويق

مستهلك لا ينام ..!

تغيرت الأحوال وتغيرت معها سلوكيات الناس وعاداتهم، فمثلاً في الماضي القريب وقبل اختراع الانترنت وتوابعه وشغل الفضاء والأرض بقنوات لا تتوقف عن البث وأيضاً قبل اكتشاف الهاتف المحمول الذي يبدو وكأنه أطلق ألسنتنا لتخوض ليلاً ونهاراً في المفيد وغير المفيد، قبل كل ذلك كان الكثيرون منا يتجهون لفراشهم ربما بعد صلاة العشاء بقليل طلباً للنوم بعدما ندرت البدائل المتاحة لمواصلة السهر وربما كان هذا هو الحل الوحيد – وغير الفعال –في الهروب من زوجة ثرثارة أو نكدية!! بعد هذه الاكتشافات تحول الليل الى نهار ساطع وبات من الطبيعي أن ترى الأنوار ساطعة في المنازل حتى الساعات الأولى من الصباح، بدت شوارع وطرقات المدن الكبيرة والصغيرة تعج بالحركة والنشاط الليلي، فقد تحول الانسان الى كائن ليلي بامتياز ينشط بالليل ويركد بالنهار!! وبالطبع طالما الناس في حالة استيقاظ فهم بحاجة للأكل والشرب والتنزه والتواصل…الخ وهنا تنشأ الفرص التسويقية بقوة لتفتح المؤسسات والمحلات أبوابها طوال الليل لتلبي حاجات هذا الكائن الليلي. ولذا فقد زادت تلك المؤسسات والمحلات من طاقاتها التشغيلية ووظفت عمالة اضافية لتستمر ورديات العمل 24 ساعة، ليس هذا فقط بل ظلت خطوط الهواتف مفتوحة طوال الليل لطلبات واحتياجات أهل السهر واصبح من السهل أن تطلب منتج أو خدمة لتصلك في أي وقت وفي أي مكان، والأكثر من ذلك أن مؤسسات سوقت تميزها وتفردها بقدرتها على خدمة المستهلك 24 ساعة بل وحتى المستهلك ربما يفخر بأنه يتعامل مع موردين لاحتياجاته يرفضون النوم ويظلون مستيقظين طوال الليل في خدمته. الحقيقة أن المستهلك يشعر بالأمان عندما يرى الآخرين مستيقظين من أجله ولا تتخيل مثلاً سعادة مستهلك وهو يبحث عن دواء بعد منتصف الليل ليجد ” صيدلية ” تسطع أنوارها ويقف موظفيها بكل ترحاب ليلبوا احتياجاته، ومن ناحية أخرى فالمؤسسة تعظم من طاقاتها التشغيلية والبشرية ومن ثم تحقق أرباح أعلى وان كان المكسب الحقيقي هو بناء علاقة متميزة مع مستهلك يرتبط بها في الليل والنهار. هناك مؤسسات استثمرت الفرصة بتميز ووظفت التكنولوجيا بأشكال متعددة لتعظيم امكانياتها وقدراتها في خدمة عملائها في المساء كما تخدمهم في الصباح ولم تغفل تلك المؤسسات أيضاً تحفيز مواردها البشرية مادياً ومعنوياً ليتمكنوا من مواصلة العمل بهمة ونشاط، بينما مؤسسات أخرى سعت لتمديد ساعات عملها ولكن على حساب موظفيها فأرهقتهم بساعات عمل اضافية ولم تشركهم في الحصول على أرباح اضافية. على الجانب الآخر ساهم هذا التوجه في تشجيع المستهلك على مزيد من الاستهلاك ومزيد من الانفاق ومزيد من الأعباء وكأن الانسان خلق ليأكل ويشرب ويثرثر طوال الوقت وينتج فقط في ساعات محدودة وبالتأكيد تتعاظم تلك المشكلة في مجتمعاتنا العربية حيث لا تمكننا ثقافتنا من السيطرة على الذات والفصل بين أوقات الاستهلاك وأوقات الانتاج وأوقات شحن الطاقة ومن ثم امكانية الاستمرار في العمل وتحقيق الانجازات. العجيب أن هناك من يفكر ويبدع كي يستمر المستهلك في الاستهلاك حتى وهو نائم فيقدمون له منتجات تعينه على النوم المريح وربما لاحقاً يكتشفون منتجات تمكن المستهلك من فرز واختيار أحلامه ليحلم بما يسعده ويتجنب ما يتعسه، يرحمنا الله.

قد يعجبك أيضًا
التغيير يبدأ من هنا… وليس من هناك
في شركتنا مريض نفسي..!
كل عيد ونحن أروع وأجمل وأفضل وأسعد..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة