الرئيسية مقالات في التسويق

لماذا لا يشتكي العميل..؟!

جلس رجلان في أحد المطاعم وأثناء تناولهما الطعام قال أحدهما للآخر: الطعام في هذا المكان ليس جيداً بالمرة، ورد الآخر: نعم أشعر أنه غير طازج، كما أن قطع الدجاج صغيرة، والحساء غير دسم، وعندما مر عليهم الجرسون سألهم :أي خدمة أستطيع أن أقوم بها، أجابه الاثنان في صوت واحد: شكراً كل شيء على ما يرام. القصة مضحكة تشعرك أنك أمام موقف فكاهي ارتجالي، ولكن في الحقيقة أن الموقف تراجيدي أو مأساوي إلى أبعد الحدود. هذان العميلان يطبقان قاعدة تقول: أن 4% من العملاء غير الراضين عن السلعة أو الخدمة يشتكون أما ألـ 96% فيذهبون إلى مكان آخر، صحيح أن العميلين لم يشتكيا من مساوئ الخدمة المقدمة إليهم، لكنهما بالتأكيد أخذا قراراً بالفرار بعيداً وعدم العودة مرة أخرى لهذا المطعم! هذان العميلان لم يقدما هدية غالية للمطعم ألا وهي الشكوى، إنها الفرصة التي يتيحها العميل لمُنتج السلعة والخدمة كي يعيد ترتيب أوراقه من جديد، إنها الفرصة لإعادة التقييم والتطوير.. في كثير من المؤسسات يظن أصحابها أو القائمون عليها أن الأمور بالفعل تسير على ما يرام، فالشكاوي محدودة ويبدو أن العملاء يشعرون بالسعادة أو على أقل تقدير احتياجاتهم مشبعة، ولكن عندما يتسرب العملاء شيئاً فشيئاً تدرك المؤسسة أنها كانت تعيش في الوهم، وأن الأمور كانت تسير إلى الأسوأ وليس الأحسن، ويظل السؤال المطروح هو: لماذا لا يشتكي العملاء؟  لا يشتكى العميل عندما يشعر أنه لا فائدة من الشكوى، وأن الشكوى لن تعيد إليه حقه المسلوب ولن تفيد في استرجاع لحظات الألم التي عاشها مع السلعة أو الخدمة واستبدال هذه اللحظات بلحظات سعادة ورضا، هو يعتقد ذلك ربما عن تجارب سابقة مع نفس المؤسسة أو مع مؤسسات أخرى. ولا يشتكي العميل عندما لا يدرك كيف يشكو، فهو غير ملم بالإجراءات التي ينبغي أن يتبعها في طريق الشكوى، لا يعرف أين يذهب؟ وإلى من يذهب؟ ومن ثم فإنه يتخذ قراراً بعدم الذهاب. ولا يشتكي العميل عندما يرى أن الأمر لا يستحق الشكوى أو بمعنى آخر لا يستحق عناء تقديم الشكوى. ولا يشتكي العميل عندما يكون غير ملماً ببعض التفاصيل الفنية المعقدة في المنتج. قد تكون هناك أسباب أخرى ولكن النتيجة في النهاية أن العميل لا يشتكي، بل يبدى رد فعل أكثر عنفاً من مجرد عدم الشكوى، يقولون: إن الأخبار السيئة تسافر سريعاً، ولسان العميل الغير راضي والغير شاكي يعمل بسرعة الصاروخ، فتراه يحكي تجربته المؤلمة لكل من حوله ينفث عن نفسه ويبحث عن المواساة، في هذه الحالة يبدأ العميل في تدمير المؤسسة. جانب كبير من المسؤولية تتحمله المؤسسة في عدم تقدم العميل بالشكوى عندما يتعرض لمشكلة ما، فالمؤسسة لا تتبنى ثقافة تشجيع الشكاوى، ولا ترحب بمن يقول عذراً إنى أعترض، وتظل أبواب المؤسسة مغلقة أمام العميل الشاكي مفتوحة أمام العميل الراضي. الدراسات تقول إن 95% من العملاء غير الراضين يعودون للتعامل مع المؤسسة في حالة التعامل مع شكواهم بشكل جدي يلبي احتياجاتهم، إذن تظل الفرصة قائمة لاستعادة السيطرة وإصلاح الأمور، طالما تمكن العميل من الوصول بشكواه إلى المؤسسة، وطالما حرصت المؤسسة على تقديم حلول سريعة ومؤثرة. يجب أن تشجع المؤسسة عملاءها على تقديم شكواهم وتعرفهم الطريقة التي يشتكون بها وتعرفهم كذلك الطريقة التي يستطيعون من خلالها متابعة شكواهم، يجب أن تبرهن المؤسسة لعملائها على أنها تتعامل دائماً بكل اهتمام مع أي الشكاوى التي ترد إليها من عملائها ولتعطهم أمثلة على ذلك. لا أبالغ إذا قلت: إن العميل الذي يقدم شكوى للمؤسسة ينبغي عليها أن تحل المشكلة أولاً ثم تقدم للعميل مكافأة على مبادرته بالشكوى قد تكون المكافأة مادية أو عينية، ولا يجب أن تكون المكافأة معنوية فقط فما قدمه العميل شيء عظيم لا تكافئه كلمات الشكر والتقدير والاعتذار.

قد يعجبك أيضًا
عن الوافدين ومرافقيهم أتحدث..!
حوار مع منتجات دانماركيّة
أعطني حريتي..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة