الرئيسية مقالات في الادارة

كما تفكر المؤسسات…تكون..!

سعت إحدى الشركات المُصنّعة للأحذية إلى اكتشاف أسواق جديدة لمنتجاتها في القارة الأفريقية، فقامت بإرسال شخصين إلى أحد الأقاليم في عمق الغابات الاستوائية، وذلك بهدف دراسة الأسواق في تلك المنطقة، واكتشاف مدى وجود فرص لتسويق منتجات الشركة. بعد شهر عاد الاثنان، وجاء في توصية الأول التالي: رحلة فاشلة ومتعبة، لا مكان للنجاح، الجميع هنا لا يلبسون أحذية أصلاً !، أمّا الثاني فكتب ما يلي: رحلة رائعة ، وفرص نجاح كبيرة، وأسواق لا نهاية لها، فلا أحد هنا يلبس حذاءً حتى الآن! هذا هو الفارق بين التفكير الإيجابي المتفائل والتفكير السلبي المتشائم، وهو فارق ملحوظ بين المؤسسات كما هو ملحوظ بين الأفراد. التفكير الإيجابي هو النظر إلى النصف المملوء من الكوب، النظر بمنظار أبيض للمواقف والأحداث، القدرة على رؤية الفرص في ذات الوقت الذي ترصد فيه المشاكل، والتفكير الإيجابي هو الذي يصنع واقعنا حيث يمنحنا القدرة للسيطرة على 10% من الأشياء السلبيّة التي تحدث في حياتنا، وتؤثّر على 100% من تفكيرنا. عندما نفكر بإيجابيّة  يزداد إيماننا ، تتغيّر قناعاتنا، تتغيّر توقعاتنا، ومن ثَمّ تتغيّر مواقفنا وآراؤنا، وعندها يتغيّر سلوكنا، وبالتالي تتغيّر حياتنا بأكملها.

والحقيقة أنّ المؤسسات مثل الأفراد تماماً في أمس الحاجة إلى التحلّي بقيمة التفكير الإيجابي. هذه القيمة قد تظهر في اتجاهات وسلوكيات العاملين في المؤسسة، وقد تظهر في اتجاهات وسلوكيات المؤسسة في السوق. فما يتعلق بالعاملين فإنّ تحلّيهم بقيمة التفكير الإيجابي يجعلهم قادرين على تحمل ضغوط العمل ومصاعبه، ويجعلهم يقبلون على أداء المهام المطلوبة منهم بهمة ونشاط وحماس، ويجعلهم أكثر قبولاً للتغيير، ويولّد لديهم الرغبة والحافز لتطوير مهاراتهم وقدراتهم بصفة مستمرة، ويولّد لديهم أيضاً الرغبة في تقديم أفكار جديدة تثري أداء المؤسسة ومخرجاتها، أيضاً فإنّ انتشار نزعة التفكير الإيجابي في المؤسسة يتسبب في بناء علاقات صحية بين العاملين فيها، ويقلل بشكل ملحوظ حدة الصراعات حيث يركز الجميع على الفرص المتاحة أو الحلول أكثر من التركيز على المشكلات. وأمّا بالنسبة لاتجاهات المؤسسة في السوق فإنّ المؤسسات الموجّهة بالتفكير الإيجابي لديها قدرة أكبر على اكتشاف الفرص المتاحة في السوق، ولديها قدرة أكبر على مواجهة الأزمات وفترات الركود التي لا يكاد يخلو منها سوق. أيضاً فإنّ هذه المؤسسات عادة ما يكون لديها قدرة على إبداء ردود أفعال إيجابية ومؤثّرة في مواجهة منافسيها، ويفشل منافسوها دائماً في تصدير الإحباط والإحساس بالفشل إليها، حتى العملاء فإنّهم يسعدون بالتعامل مع مؤسسة تحرّكها عقول يسكنها التفكير الإيجابي على اعتبار أنّ هذا يمنحهم الفرصة للحصول على منتجات وخدمات متميزة، ويمنحهم الفرصة أيضاً للحصول على حلول سريعة وفعالة لمشكلاتهم. وبالفعل فإنّ المؤسسة التي ينتشر بين أرجائها قيمة التفكير الإيجابي يصبح لديها حصانة ضد كافة العوامل التي تؤدي إلى تراجعها أو اندثارها، وهنا نستطيع أنْ نضع قانوناً يقول: ” المؤسسة التي تحكمها قيم معينة من بينها التفكير الإيجابي هي مؤسسة غير قابلة للاندثار “. ولكن السؤال هو: كيف يمكن خلق هذه القيمة وتثبيتها في ممارسات المؤسسة وممارسات العاملين فيها؟ بالطبع فإنّ الإدارة العليا للمؤسسة هي المسئولة عن خلق وتدعيم ثقافة التفكير الإيجابي في المؤسسة، وهذا يمكن تحقيقه من خلال عدّة توجهات: أولاً: إقناع العاملين بقيمة التفكير الإيجابي، وأهميته بالنسبة لهم وبالنسبة للمؤسسة، وهناك عدّة وسائل للإقناع: الحديث المباشر مع العاملين في الاجتماعات أو في المناسبات، تعليق شعارات في المؤسسة تحض على التفاؤل والتفكير الإيجابي، نشر القصص التي تحض على التحلّي بقيمة التفكير الإيجابي(مثل القصة الواردة أعلاه). ثانياً: تعويد العاملين على عدم تقديم الأعذار غير المفيدة للعمل، وتوجيههم نحو التفكير الإيجابي، والبحث عن حلول للمشكلات التي تواجههم في العمل بدلاً من البحث عن أعذار، ومن ثَمّ يجب تعليق لافتة كبيرة مكتوب عليها ” لا أعذار في أداء العمل “، وبالطبع يجب سدّ كلّ باب يمنح الفرصة لسرد الأعذار، وهذا يعني توفير الإمكانيات التي يحتاجها كلّ موظف لأداء العمل المطلوب منه على أكمل وجه. ثالثاً: التوقف عند تحقيق كلّ نجاح أو إنجاز لتوضيح كيف أنّ الإنجاز تحقق من خلال التفكير الإيجابي والممارسات الإيجابية. رابعاً: تصميم آليّة للتعلّم من الفشل، والانطلاق منه نحو النجاح، عندما تفشل خطة ما للقسم أو للمؤسسة يجب عقد اجتماع فوري لدراسة أسباب الفشل والتفكير المركز باتجاه كيفية تحويله إلى نجاح. خامساً: يجب نشر قيمة الثقة بالنفس لأنّها المدخل الأساسي في بناء التفكير الإيجابي، وهذا يتحقق من خلال: إتاحة الفرصة للموظّفين كي يعبّروا عن أنفسهم وعن أفكارهم، واتّباع سياسة رشيدة في توجيه الموظّف، وإرشاده، وانتقاده، ومساعدة الموظّف على تنمية مهاراته وقدراته، وتدعيم نقاط القوة التي يتميز بها، وعلاج نقاط الضعف التي يعاني منها، وبالطبع فإنّ كلّ مدير في كلّ قسم يكون مسئولاً بدرجة كبيرة على نشر هذه القيمة.

قد يعجبك أيضًا
كيف تصبح مليونيراً في عشر دقائق..؟!
الإدارة المدارة..!
العميل التكنولوجي: التحدي القادم ..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة