الرئيسية مقالات في تطوير الذات

طنش تعش…!!

هناك قصص خيالية ولكنها تقدم لنا حكمة غالية على طبق من ذهب، من بين هذه القصص قصة لبطتان تسبحان في غدير ماء، والبطتان كان تربطهما صداقة مع سلحفاة، وفي مرة من المرات نقص الماء في الغدير ولذا اتفقت البطتان على ترك الغدير والبحث عن مكان آخر به ماء وفير، استأذنت البطتان السلحفاة في الذهاب إلى مكان آخر، قالت لهما السلحفاة ” أنتما تستطيعان العيش في أي مكان أما أنا فليس لي للماء بديل خذوني معكما فأنا لن استطيع العيش هنا. وافقت البطتان على طلب السلحفاة ولكن المشكلة كانت في نقل السلحفاة، اقترحت بطة منهما أن تأخذ عود بينها وبين البطة الأخرى وتتعلق السلحفاة بفمها بوسط العود وتطير البطتان بالسلحفاة في الجو، وطلبت البطتان من السلحفاة ألا تنطق بشيء عندما تسمع الناس وهم يتكلمون عنهم، وبالفعل طارت البطتان بالسلحفاة وإذا بالناس يرون هذا المشهد ويتعجبون قائلون “ياللعجب، بطتان يحملان سلحفاة ويطيران بها” هنا لم تستطع السلحفاة أن تصمت كما طلب منها البطتان وقالت بانزعاج “فقأ الله أعينكم أيها الناس” وهنا سقطت السلحفاة وماتت في الحال. المقصد من القصة هو عدم الالتفات لكلام الناس في جميع الأحوال، الشاهد في حياتنا أن الناس يتكلمون وينتقدون ويتعجبون وفي أغلب الأحيان فان كلامهم يضر أكثر مما يفيد، من منا لم يسمع انتقادات من الآخرين، ومن منا نجح في الحصول على رضا كل من يتعامل معهم..! أحيانا نتشبث بالمثالية في التعامل مع الناس، نتأثر بكل ما يقولون فنجد أنفسنا ندور في دائرة مغلقة مليئة بمشاعر الإحباط والألم. وبما أن كلام الناس لا ينتهي فان شعورنا بالإحباط يستمر بلا نهاية. إذن كيف يمكن التعامل مع هذه المشكلة التي ربما تشكل واحدة من أهم المشكلات التي يعاني منها الكثيرون في هذا العصر الذي يشهد تعقد ملحوظ في العلاقات بين الناس ونشوء متغيرات جديدة جعلت تلك العلاقات لا تسير بنفس البساطة والسهولة التي كانت تتسم بها في الأمس، فاحتياجات الناس الآن من بعضهم البعض تزداد بشكل مستمر، وتوقعاتهم أيضاً تزداد وفي ذات الوقت فان مساحة التسامح في حياتنا تتضاءل رويداً رويداً، ليس هذا فقط بل أن التحامل على الآخرين لأسباب عدة جعلنا أكثر استعداداً للهجوم على الآخرين، وبالطبع أيضاً فان زيادة حدة الضغوط على الناس أصابهم بالعشوائية في التعامل وإدارة العلاقات ومن ثم فان حديثهم عن غيرهم أصبح لا يخلو من تجني وحسد ورغبة في تشويه صورة الآخرين. وتتفاقم المشكلة مع وجود رغبة لدي البعض في الوصول إلى المثالية وإرضاء الآخرين بأي شكل من الأشكال. المفتاح الأساسي للحل هو “التطنيش” و”التطنيش” يعني هنا عدم الاهتمام بما يقوله الآخرون أو عدم المبالاة بانتقادات الآخرين خاصة إذا كانت بالفعل انتقادات غير موضوعية أو تتدخل فيها أهواء شخصية. لإيجاد حل أبدي لهذه المشكلة، نحن مطالبون بتطنيش الاهتمام الزائد بآراء الآخرين والاهتمام بأقوالهم وأحكامهم وانتقاداتهم المتواصلة بحق وبدون حق، ومطالبون بتطنيش المثالية التي تسيطر على توقعاتنا من أنفسنا أو من الآخرين، نحن مطالبون بتطنيش الحساسية الزائدة لدينا تجاه انتقادات وأفعال وأقوال الآخرين. وهنا يبرز سؤال كيف تحدث عملية التطنيش؟ والإجابة مفادها أن “التطنيش” هو عبارة عن نشاط ذهني تستبعد من خلاله التفكير في مواقف أو تصرفات أو أحداث لتحل محلها مواقف وأحداث واهتمامات أخرى، إذن مطلوب أن تشغل ذهناك بموضوع آخر أو تركز أكثر في الطريق الذي تسير فيه وأن تطرد وبشكل فوري أية خواطر ترجع بك إلى التفكير فيما يقوله الآخرون أو يقررونه. في البداية لن تتم هذه العملية بسهولة بل وفي الغالب ستفشل وسيجد الإنسان نفسه يسير بصفة تلقائية إلى الاهتمام بأقوال الآخرين أو انتقاداتهم ولكن مع مزيد من الإصرار وضبط النفس سيتمكن من غرس طبع جيد في نفسه، ولكن يجب الحذر بالطبع من أن يتضخم هذا الطبع ويتحول إلى الإهمال التام للناس وعدم الاكتراث بهم في جميع الأحوال، فليس هذا هو المقصد ولكن المقصد هو عدم الاكتراث بمشاعر الناس وتصرفاهم وأقوالهم وانتقاداتهم غير الموضوعية وغير الملائمة تجاهنا. هناك مدعم أساسي أيضاً في هذا الشأن وهو التركيز دائماً على ما يرضي الله وليس ما يرضي الناس، وهذا مقياس متاح ويسهل استخدامه، فأنت تفعل الفعل الذي يرضي الله في المقام الأول وليس الذي يرضي الناس وفي حياتنا فإن الحصول على رضا الله أسهل بكثير من الحصول على رضا الناس. عزيزي القارئ اجعل شعارك في الحياة “طنش تعش”  ..وأخيرا لا تنسى أنك أيضا حر في أن تطنش هذا المقال..!

قد يعجبك أيضًا
فقط.. لمن يهمه أمر شبابنا..!!
صناعة الغشاشين ..!!
عاقبوا أنفسهم بالانتحار..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة