الرئيسية مقالات في الادارة

رسالة الشركة .. حتى لا تكون مجرد حبر على ورق..!!

كثيرا ما يتحدث خبراء الإدارة الاستراتيجية عن ضرورة وجود رسالة لكل شركة تكون دستورا للشركة ومحددا لهويتها. رسالة الشركة – حسب تعبيرهم – هي عنوان وجود المنظمة وسبب بقائها والغرض الذي من أجله ولدت وخرجت للوجود. رسالة الشركة توضح لكل من يتعامل معها الأهداف التي تسعى لصناعتها وطبيعة النشاط الذي تمارسه، واحتياجات العملاء التي تطمح إلى إشباعها، والقيم والمبادئ التي تحكم تصرفاتها أثناء سعيها لتحقيق منجزاتها. هي تحدد طبيعة الأنشطة والبرامج التي ستقوم بها من أجل الوصول للقمة التي تحلق نحوها، وهي من يبين الخصائص الفريدة في المنظمة والتي تميزها عن غيرها من المنظمات المماثلة لها.

 رسالة الشركة تنبع أهميتها من دورها في توحيد الوجهة وتوجيه الجهود والخطط نحو تحقيق أهداف الشركة ووضع السياق الذي يتم الاسترشاد به في كل القرارات التي تتخذ داخلها.

الواقع يقول إننا نعيش ثراءً معرفيا كبيرا في الرسالة وأهميتها، والرؤية وضرورة تواجدها، والقيم ودورها في بناء كيان مؤسسي على قواعد سليمة. من خلال مشاركات عديدة مع مؤسسات عائلية وعدد من الجمعيات التطوعية لاحظت أن هناك اهتماما كبيرا في وضع خطط استراتيجية تبدأ (وغالبا للأسف ما تنتهي أيضا) عند بناء الرؤية والرسالة وقيم المؤسسة. عندما تشارك في مثل هذه اللقاءات والورش والاستشارات تلاحظ أن هناك وعيا لا بأس به بالفرق مثلا بين الرسالة والرؤية وتفاجأ أحيانا بأشخاص قد يكونون بعيدين عن كل أدبيات الإدارة ولا يعرفون أبسط الأمور في المجال المالي والمحاسبي أو في مواضيع إدارة الموارد البشرية، ومع ذلك تجدهم مستوعبين بشكل مرضي موضوع الرؤية والرسالة، ومن الممكن أن تكون لهم مشاركات مفيدة وثرية في هذا الموضوع. هذا الوعي وذاك الاهتمام هو بالفعل شيء جميل ويثير الفرح والإعجاب، وهو مؤشر حقيقي لنجاح أصحاب الفكر الاستراتيجي في خلق قناعة في أهمية المكونات الأساسية للإدارة الاستراتيجية.

في المقابل أشعر في كثير من الأحيان بأننا أثناء سعينا لبناء رسالة المنظمة ورؤيتها نهتم كثيرا بالشكليات على حساب الجوهر، وأننا قد نعطي صياغة رسالة المنظمة ورؤيتها الكثير من الاهتمام والكبير من مساحة الزمن والجهد على حساب العمل والإنجاز، وأن هناك الكثير من الأوقات والاجتماعات والأموال الطائلة تدفع وتقدم مهرا لعيون صياغة رسالة جميلة الألفاظ رشيقة المعاني عالية الطموح، دون أن يصاحب ذلك أي اهتمام بتحقيق تلك الرسالة أو تفعليها على الواقع. رسالة الشركة أصحبت في كثير من الأحيان للأسف غاية نطلبها من أجل التفاخر والاعتزاز وتحقيق شعور مزيف بوجود احتراف إداري وإعطاء الأخرين صورة وانطباع إيجابي عن الشركة والقائمين عليها بوجود فكر استراتيجي وخطط مرسومة ومنهج إداري علمي تدار من خلاله الشركة. أعتقد أن صناعة الرسالة لا تعدو لعدد غير يسير من الشركات مجرد نوع من نشاط العلاقات العامة وأن غاية استخدام هذه الرسالة والاستفادة منها سيكون في إظهارها في تقرير الشركة السنوي أو في تعليقها على لوحة جميلة في مدخل الشركة أو في تطريز منشورات الشركة الدعائية بها. كثير من الرسائل التي كتبت للشركات ليست بذات قيمة، وهي أشبه ما تكون بكليشة تصلح لكل منظمة تعمل في مجالها نفسه، وأن ملاك الشركة وكذلك موظفوها (فضلا عن عملائها) لا يعرفون ولا يتذكرون كلماتها أو معانيها وليس لها أي دور في إشعال حماس الموظفين أو دفعهم للوصول للقمم المطلوبة. كثير من الرسائل المشتراه تكون معيبة ومليئة بالأخطاء والقصور، فغالبا ما نجدها طويلة جدا ومعقدة ويصعب فهمها وتذكرها ومتشعبة في كل اتجاه وفاقدة للتركيز وتسعى لتحقيق أشياء مستحيلة.

نحن لا نريد أن تتحول الرسالة من وثيقة ولادة وشهادة حياة ودليل نمو إلى مجرد ورقة تثير السخرية وتدعو للتعجب وتكون مثار الاستغراب للفرق بين ما هو واقع وما هو مفروض وبين ما هو كائن وما يجب أن يكون. نحن ندعو إلى أن تكون الجهود المبذولة لتحقيق رسالة الشركة وتحويلها إلى واقع يفوق الجهود المبذولة لتصميم الرسالة وبنائها.

قد يعجبك أيضًا
الشركات العائلية والحلقة الأخيرة..!
امبراطورية سامسونج..!!
حرب المواهب

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة