الرئيسية مقالات عامة

الوزير الزاهد…!

تولى العديد من المناصب الرسمية لكن رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي كانت هي غرة جبين هذه المناصب وتاجها، يقصون عنه حكايات وحكايات، لم يقصها هو فزهده يمنعه من الحديث عن نفسه واستعراض مواقفه ووقفاته ، ولكن مثل هؤلاء الكرام المكرمين يجدون دائماً من يتحدث عنهم وكيف لا يتحدثون عنهم وهم قيمة وقامة .. قدوة ومثال يحتذى. يحكون عنه أنهم شاهدوه على متن الطائرة لم يكن هناك على درجة رجال الأعمال ولم يكن جالساً على مقاعد الوزراء وكبار الشخصيات، وجدوه هادئا مستكينا زاهدا في مقاعد الدرجة السياحية… غيره من الناس يسب ويلعن الطيران ومسئوليه إذا انتقصوا أو سلبوا منه خدمة يحصل عليها الخاصة.. لم يكن عند الشيخ صالح سيارة، وكان يقضي حوائجه ويسعى في مشاويره على سيارات الأجرة، ويقول ممازحا أنا أركب سيارات متنوعة وأنتم تركبون واحدة.

أن يكون هذا الانسان كل هذا ومع كل هذا يختار طريق الزاهدين فهذا يعني أن هذا الانسان أقوى من الجميع.. أقوى من شيطانه وبالتأكيد أقوى من نفسه. ما أصعب أن تكون زاهداً في هذا الزمان… ما أصعب أن تتنازل بمحض ارادتك ورغبتك وبنفس راضية ومطمئنة عن عطايا هذا الزمان.. وما أصعب أن تكون في دائرة الضوء وتغلق عينيك عن خيوطه الساطعة لتسحب نفساً عميقاً يثبت قلبك بين ضلوعك وتثبت معه نفسك وقيمك.

كان الشيخ يحج ماشيا ويحمل معه متاعه ويجلس بين الناس، وإذا سأله أحد عن الحملة؟ قال: في حملة الرصيف الصالح أو رصيف الرحمن.  شاهدوه يوماً على أبواب المسجد النبوي ممسكا بسجادته يبحث عن فسحة صغيرة بين الصفوف وهو من هو … هو الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي وفي ظروف معتادة من المفترض أن يجد مكانه في المسجد النبوي في انتظاره قبل أن يعاين من بعيد قبته الخضراء.. ولكنه يقتدي بالساكن هناك تحت القبة رسول الانسانية معلمه وقدوته في الزهد والورع. يقولون إنه اتفق مع زوجته على عدم ادخار أي مبلغ من المال في نهاية كل شهر فما يتبقى يذهب لعمل الخير الذي كان الشيخ الجليل أحد قادته العظام، يقولون أيضاً أنه ساند وبكل قوة ونخوة المؤسسات الخيرية وكان من أبرز قادتها والمدافعين عنها وعن أهلها حتى أنه دافع عن مدير إحدى المؤسسات الخيرية تم اعتقاله بالخارج، فأرسل المسؤول الزاهد خطاباً للمسؤولين جاء فيه «إن كان هذا الرجل أخطأ فأنا أحق بالسجن منه لأنه كان يأتمر بقولي وكنت محرضاً له.. أطلقوا سراحه واسجنوني مكانه» . عندما يكون الانسان بعيداً عن الأضواء والمناصب والعمل والانجازات فهو بتوفيق الله يستطيع أن يصل إلى مرتبة الزاهدين العابدين، ولكن أن يكون الانسان في خضم المسؤولية ويشغل منصباً يجعل الجميع يتسابق لخدمته، وأن يشغل وظيفة تتيح له العيش الكريم وتفرض عليه أيضاً أن يكون سخياً مع أهله الذين بالتأكيد سيتوقعون منه أن يغدق عليهم بالمزيد والمزيد.. وأن يكون الانسان هدفاً لإعلام يغريه بالظهور والتعبير عن انجازاته واعطاء التصريحات والمعلومات، أن يكون هذا الانسان كل هذا ومع كل هذا يختار طريق الزاهدين فهذا يعني أن هذا الانسان أقوى من الجميع.. أقوى من شيطانه وبالتأكيد أقوى من نفسه. ما أصعب أن تكون زاهداً في هذا الزمان… ما أصعب أن تتنازل بمحض ارادتك ورغبتك وبنفس راضية ومطمئنة عن عطايا هذا الزمان.. وما أصعب أن تكون في دائرة الضوء وتغلق عينيك عن خيوطه الساطعة لتسحب نفساً عميقاً يثبت قلبك بين ضلوعك وتثبت معه نفسك وقيمك. اللهم بحق اسمك الأعظم اغفر له وارحمه.. اللهم كما منع عن نفسه نعم الدنيا فانعم عليه في الآخرة بما لم تسمعه اذنه أو رأته عينه أو خطر على قلبه.
اللهم ارحم شيخنا الجليل صالح الحصين… وارحمنا معه فنحن أمام مثله وأمثاله لا نملك إلا أن نطلب عظيم رحمتك. اللهم أنعم على الوزراء والمسؤولين في وطننا بنعمة الزهد حتى لو كان بينهم وبينها مسافة بحجم نفود الدهناء

قد يعجبك أيضًا
مشاهد في وفاة مليكنا..!
تذكروا أنّهم بشر..!
صيدلية المؤسسة..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة