مقالات في التسويق

المورد والموزع.. شركاء النجاح والفشل

تقدم الشركات العالمية دائماً نماذج لتطوير العمل وتمييز الأداء، وهناك أساليب في العمل أبدعتها شركات عظيمة فصارت تدرس في الكتب وتقدم في برامج التدريب وتطبق في العالم كله، منذ سنوات طويلة قدمت شركة تويوتا أسلوب الإنتاج اللحظي أو الإنتاج في الوقت المحدد وهو أسلوب يركز على تخفيض المخزون إلى أدنى معدلاته باعتبار أن المخزون يمثل عناصر تكاليف متعددة (وقت، جهد، مال، طاقة، عنصر بشري، مخاطر… الخ) وتخفيض تكاليف المخزون يعني تخفيض التكاليف الكلية للمنتج بما ينعكس بشكل مباشر على سعره في السوق ويميزه سعرياً عن المنتجات المنافسة، كانت الشركة تعتمد على موردين تحصل منهم على احتياجاتها من الإطارات التي لا تصنعها تويوتا ثم تقوم بتخزين الإطارات بكميات كبيرة في المخازن لتستخدمها لاحقاً في العمليات الإنتاجية،

قررت تويوتا أن تخفض المخزون من الإطارات بقيام الموردين وفي الوقت المحدد أو المناسب بتوصيل الإطارات التي لا تذهب للمخازن ولكن تذهب لخطوط التصنيع مباشرة مع الاحتفاظ بحد أمان للمخزون، تطبيق هذا الأسلوب كان يتطلب أداء متميزا للموردين والتزامهم بتوقيت التوريد، لقد أدركت الشركات الكبيرة أن للمورد قيمة وأهمية خطيرة للغاية وأن طبيعة وجودة المدخلات ستحدد بشكل مباشر طبيعة وجودة المخرجات لذا سعت هذه الشركات إلى بناء علاقات شراكة قوية مع مورديها بل وسعت إلى تثبيت ثقافتها وقيمها وطموحاتها لدى مورديها فالشركة بدون مورد يسير على خطاها ويلتزم بسياستها ويؤمن بأفكارها وقيمها مثل القارب الذي يشق عرض البحر بمجداف واحد، والمورد يملك إمكانية إهدار موارد الشركة ووقتها وجهدها ويملك ايضاً اكسابها مزايا تنافسية هائلة. لهذا فان الشركات الكبيرة تدير مورديها بموضوعية ولا مجال للعلاقات الشخصية في تحديد هوية المورد أو الاستمرار في العمل معه من عدمه هذا في الوقت الذي تسيطر فيه النزعة الشخصية والمكاسب الذاتية على علاقات معظم شركاتنا ومؤسساتنا بمورديها، والموردون في اسواقنا يعرفون من أين تؤكل الكتف!! على الجانب الآخر هناك مجداف ثان مؤثر للغاية في ابحار الشركة ومواجهتها للأمواج العاتية، انه الموزع، ذلك  المحترف الذي يملك أن يقتل الشركة ومنتجاتها وعلامتها التجارية في كل لحظة تتخلى عنه الشركة أو تقدم له أقل مما يقدمه لها المنافسون، لذا فالشركات المحترفة تتعامل معه أيضاً باعتباره شريكا وهناك مقولة شائعة هنا (أنت لا تبيع للموزع ولكن تبيع من خلال الموزع)، هناك شركات تعطي لموزعيها أسهما يمتلكون من خلالها حصصاً في الأرباح، ولنتخيل ماذا يمكن أن يفعل موزع يدرك أن ارتفاع مبيعات منتجات شركة ما يعني بالتبعية ارتفاع أسهمه وارتفاع أرباحه؟!، وهناك شركات لا تكتفي بتقديم منتجاتها للموزع ليتولى مهمة تصريفها ولكن تقدم له الأساليب والتكتيكات والخبرات التي تسهم في تنمية وتطوير مهاراته التسويقية والبيعية، وعندما تحلق الشركات في السماء يحلق معها موزعوها، أيضاً هناك شركات توظف التكنولوجيا في إدارة علاقة احترافية مع موزيعها فتسهل عليهم العمل وتساعدهم بشكل مباشر ومؤثر في تطوير أدائهم وتسريع إيقاعه بما يتناسب مع إيقاع السوق، هناك شركات تحول الموزع إلى منجم أفكار وإبداعات فمن أكثر اقتراباً من العملاء مثل الموزعين؟! ومن أكثر قدرة على النفاذ إلى عقل وقلب العملاء مثل الموزعين؟! لذا أفكارهم لا تنضب ولكن كل شيء بثمنه.. هذا منطق السوق، فماذا ستقدم لي حتى أقدم لك؟ وهل سترعاني وترعى مصالحي حتى أرعاك وأرعى مصالحك؟ بالطبع هناك شركات دفعت الغالي والنفيس وماتت منتجاتها وسمعتها في السوق بسبب تصرفات موزع غير مسئول أو غير مراقب أو غير محفز. هذا هو عالم الأعمال لا يمكن أن تعمل فيه بمفردك أو تعتقد أنك قادر وحدك على صناعة المعجزات أو تكون راغبا وحدك في حصد الأرباح والمكاسب بينما يحصل الآخرون على الفتات. هي منظومة متكاملة وحلقات متشابكة في السلسلة، سلسلة طويلة تبدأ من نقطة المورد وتنتهي عند نقطة العميل، قدرتك على الحفاظ على تشابك السلسلة وحماية قوتها والعلاج السريع والفعال للحلقات الضعيفة فيها هي التي ستحدد مدى قوتك وقدرتك على التميز، واذا تركت مسافة بين حلقة وأخرى فكأنك تترك لمنافسك مسافة لينعم باحتلالها وتكون مدخله لتدميرك.

قد يعجبك أيضًا
سيد السوق
ضحايا ريادة الأعمال..!
مسوق الأحذية..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة