الرئيسية مقالات في الادارة

المؤسسة الرشيقة..!

تترهل المؤسسات وتصاب بالسمنة مثلما يصاب بها البشر، والمؤسسة المترهلة تظهر معالمها في كثير من الصور، هيكل تنظيمي متضخم يشتمل على عدد كبير من الإدارات والأقسام والوحدات والموظفين، إسراف ونفقات مرتفعة تقابلها إنتاجية منخفضة، ثبات وبطء في النمو والتطور، تكاسل في تحقيق المهام والإنجازات، توقفات متكررة لسير العمل لأسباب معلومة وغير معلومة، قصور واضح في تلبية احتياجات العملاء، كم كبير من الأوراق والمستندات والمعلومات تتناثر في كل مكان على المكاتب وعلى الأرفف وعلى الجدران.

 المؤسسة لا تولد مترهلة في الغالب, لكنها تصاب بهذا الداء بشكل تدريجي، يبدأ بفقدان النظام في العمل وانخفاض الاهتمام بتفعيل ضوابط لأداء العمل لدى الموظفين، وعدم الالتزام بقواعد واضحة ومهنية في إضافة أنشطة جديدة أو موظفين جدد، افتقاد الرغبة والقدرة على المراجعة والتقييم وتشخيص أوجه القصور، ومن ثم تظهر معالم التضخم رويداً رويداً وبالتدريج تشعر المؤسسة بصعوبة في التنفس حتى تصل إلى مرحلة تفقد فيها سيطرتها على كل أنشطتها ومنسوبيها. ربما تظهر علامات الترهل والسمنة بصورة واضحة في المؤسسات الرسمية أو المؤسسات الخاصة التي تتولى أمورها إدارة تقليدية كسولة، المشكلة أننا في عصر السرعة, وفي عالم الأعمال والمؤسسات هناك قانون مفاده ”السريع يلتهم البطيء”, ومن ثم فإن المؤسسة التي تصاب بداء التضخم والترهل تكون أكثر عرضة لأمراض شرسة ربما تنهي حياتها سريعاً، كما أن السوق والعملاء لن يتحلوا بالصبر تجاه مؤسسة تلبي احتياجاتهم بشق الأنفس وبإجراءات روتينية مملة. نحن الآن نعيش عصر ”المؤسسة الرشيقة” التي تتحرك بسرعة فائقة لاصطياد الفرص، وتمتلك المرونة الكافية لتغيير اتجاهاتها واستراتيجياتها بما يتناسب مع معطيات الأسواق ومستجداتها، مؤسسة تراقب بصفة مستمرة نموها وتطورها، أداءها وأداء موظفيها، لتتأكد من أنها وموظفيها يسيرون في الاتجاه الصحيح، مؤسسة تستثمر بشكل جيد في توظيف وسائل وأدوات التكنولوجيا بما يمكنها من أداء أنشطتها وتشكيل منتجاتها وخدماتها بأعلى مستويات الكفاءة والسرعة والجودة. بالفعل كثير من مؤسساتنا في حاجة ماسة إلى ”ريجيم إداري” يخلصها من ترهلات تصيبها في مقتل، هي في حاجة إلى مراجعة هياكلها التنظيمية للتأكد من كفاءتها وفاعليتها في تحقيق الأهداف المرجوة منها، ربما تكتشف أن هناك إدارات وأقساما عفا عليها الزمن وأصبحت عبئاً على المؤسسة تضرها أكثر مما تفيدها، وربما تكتشف أن جهاز حاسب آلي أو شبكة معلومات قادرة على أداء مهام يؤديها عدة موظفين. هي في حاجة إلى مراجعة خطط التعيينات والتأكد من أنها تتم بشكل موضوعي بناء على تشخيص واضح ودقيق لاحتياجاتها من الموارد البشرية، وما أكثر المؤسسات التي يعين فيها موظفون تحت بند ”المجاملات”. أيضاً المؤسسة في حاجة إلى المراجعة المستمرة لإجراءاتها ودورتها المستندية للتأكد من انسيابية خطوات العمل وتبادل الوثائق والمعلومات وسهولة الإجراءات التي تكفل للعميل حصوله على المنتج أو الخدمة بسرعة وسهولة، المؤسسة التي تسعى إلى التخلص من ترهلاتها في حاجة ماسة إلى فكر إداري احترافي يركز على ”الكيف” أكثر من تركيزه على ”الكم”؛ وممارسات إدارية ومهنية تركز على الفاعلية أكثر من تركيزها على الأداء.

قد يعجبك أيضًا
مؤسساتنا العربية بين الإبداع والتقليد..!
حجم الإعلانات خليجيا وعربيا .. من المستفيد؟
كليات الإدارة .. وحتمية التطوير

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة