الرئيسية مقالات في الادارة

القابعون في الظل

تحدثنا في مقال سابق عن تقييم الأداء وإذا كنا قد حملنا الإدارة في مؤسساتنا العربية المسؤولية عن عدم تطبيق أنظمة فعالة ومتطورة في تقييم الأداء، فنحن الآن نتحدث عن الشق الثاني من المسؤولية وهي مسؤولية المرؤوس عن نجاح عملية تقييم الأداء، فالمرؤوس في الواقع يمارس دور هام للغاية في عملية التقييم، هذا الدور يتشكل من خلال إدراك المرؤوس لأهمية تقييم الأداء باعتباره مدخلاً جوهرياً لتطوير أدائه. فالتقييم الموضوعي للأداء يتيح له التعرف على نقاط قوته وتميزه في العمل ومن ثم يحثه على العمل باتجاه تدعيم هذه النقاط. وأيضاً تقييم الأداء يساعده على تحديد مواطن ضعفه ومن ثم حثه على العمل في اتجاه معالجة هذه النقاط بل وتحويلها إلى نقاط قوة. الحقيقة أن المرؤوس في مؤسساتنا غالباً ما يكون سبباً في إحباط أي توجه نحو تقييم موضوعي للأداء، فهو يتعامل مع هذا الأمر بحساسية شديدة وبقلق كبير، فهو يرى أن تقييم الأداء سوف يضعه في موقف محرج وسيضعه تحت ضغط شديد، بل وسيهدد مستقبله الوظيفي في المؤسسة التي يعمل فيها. هو أيضاً يفتقد الثقة في الشخص المسئول عن تقييمه سواء كان مشرف أو مدير. للأسف الشديد هذه هي الثقافة السائدة بين معظم المرؤوسين في معظم المؤسسات، وبالطبع تتحمل الإدارة مسؤولية واضحة في هذا الشأن لعدم سعيها نحو بناء ثقافة جديدة للتقييم، وأيضاً بسبب الممارسات غير الموضوعية وغير النزيهة لبعض المديرين والمشرفين الذي لا يتحرون العدالة في تقييم أداء مرؤوسيهم. لكن ما يجب أن يدركه المرؤوس في جميع الأحوال أن مقاومته ورفضه وعدم تجاوبه مع أنظمة تقييم الأداء هو في الواقع تفريط في واحد من أهم حقوقه في العمل، وهو حقه في معرفة أين يقف والى أين يذهب. هو يفقد فرصة غالية في التعرف على مهاراته وقدراته ومدى تقدمه في العمل. والأكثر من هذا أنه يعرض حاضره ومستقبله الوظيفي للخطر المحدق، لأنه عاجلاً أو آجلاً ستأتي اللحظة التي سينكشف فيها أدائه الضعيف وسيعجز عن تلبية احتياجات المؤسسة التي يعمل فيها وهنا لن تتحمله المؤسسة يوماً واحداً خاصة إذا ظهر الأفضل.  بالطبع نحن في هذا المقام لا نقصد الموظفين الأكفاء والمجدين في عملهم، فهؤلاء عادة ما يطلبون التقييم حتى يحصلوا على حقوقهم المسلوبة ومساواتهم مع من لا يعملون أو يبدعون، لكننا نقصد هؤلاء الذين ارتضوا لأنفسهم الحصول على الحد الأدنى من النجاح في الحياة، هؤلاء القابعون في الظل بين جنبات المكاتب يخفون وجوههم بين الأوراق والملفات ويرتبكون بشدة عندما تذكر أمامهم عبارة ” تقييم أداء “. ولعل في هذه القصة عبرة وعظة تجعلهم يغيرون مسلكهم وتحولهم من مقاومين للتقيم الى ضاغطين من اجل التقييم. دخل فتى صغير إلى محل تسوق و جذب صندوق كولا إلى أسفل كابينة الهاتف . وقف الفتى فوق الصندوق ليصل إلى أزرار الهاتف و بدأ باتصال هاتفي… انتبه صاحب المحل للموقف و بدأ بالاستماع إلى المحادثة التي يجريها هذا الفتى . قال الفتى: “سيدتي ، أيمكنني العمل لديك في تهذيب عشب حديقتك” ؟ أجابت السيدة: ” لدي من يقوم بهذا العمل ” . قال الفتى : ” سأقوم بالعمل بنصف الأجرة التي يأخذها هذا الشخص” . أجابت السيدة بأنها راضية بعمل ذلك الشخص و لا تريد استبداله. أصبح الفتى أكثر إلحاحا و قال: “سأنظف أيضا ممر المشاة و الرصيف أمام منزلك ، و ستكون حديقتك أجمل حديقة في المدينة” ، و مرة أخرى أجابته السيدة بالنفي… تبسم الفتى و أقفل الهاتف. تقدم صاحب المحل- الذي كان يستمع إلى المحادثة – إلى الفتى و قال له: لقد أعجبتني همتك العالية ، و أحترم هذه المعنويات الإيجابية فيك و أعرض عليك فرصة للعمل لدي في المحل. أجاب الفتى الصغير : “لا ، وشكرا لعرضك ، أنني فقط كنت أتأكد من أدائي للعمل الذي أقوم به حاليا. إنني أعمل بالفعل لدى هذه السيدة التي كنت أتحدث إليها.”

قد يعجبك أيضًا
تذكرة.. داوود الشريان..!
كيف تبني سمعتك؟
أيها المستشارون الإداريّون..فاقد الشيء لا يعطيه..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة