الرئيسية مقالات في التسويق

العلامة التجاريّة

في أجمل وأعمق تعريف للعلامة التجاريّة يري أحد الباحثين في مجال التسويق أنّ العلامة التجاريّة عبارة عن مكواة ساخنة توضع على تجاعيد المنتج أو الخدمة التي تسمى بها فتميّزها عن غيرها، وتعطي مؤشّراً على مدى قيمتها. وبمعنى آخر فإنّ العلامة التجاريّة تشير إلى اسم، أو رمز، أو شعار معيّن يميّز منتجات الشركة، أو خدماتها مقابل منتجات، أو خدمات المنافسين، هذا الاسم،أو الرمز، أو الشعار لا يأتي من فراغ بل يرتبط بمجموعة من الانطباعات، والانفعالات، والذكريات التي تثور في ذهن العميل عندما يسمع الاسم، أو يشاهد الرمز، أو يدرك الشعار. تأمّل المعاني المتعدّدة الدالة على مفهوم العلامة التجاريّة يجعلنا نشعر بقيمة العلامة التجاريّة في عالم التسويق. لقد أثبتت الأبحاث العلمية أنّ أكثر من 70% من العملاء يتخذون قراراتهم الشرائيّة بناءً على العلامة التجاريّة، وأكثر من 50% من العملاء يبدون استعدادهم لتجربة أي منتج جديد يحمل العلامة التجاريّة المفضلة لديهم. أثبتت الدراسات أيضاً أنّ العلامة التجاريّة القوية تحقق العديد من المنافع للمؤسسة، فهي تتيح لها أنْ تعرض منتجاتها بأسعار مرتفعة، وتتيح لها تقديم منتجات جديدة تلقى قبول لدى عملائها، وتخفّض تكاليف الحصول على عملاء جدد، وترفع معدل الربحيّة المتحقق مع كلّ عميل، وتمكّن الشركة من السيطرة بقوة على منافذ توزيعها، وقبل كلّ ذلك فهي تسهم بشكل مباشر في بناء صورة ذهنيّة مرغوبة لدى العملاء تتعلق بالشركة ومنتجاتها. بالطبع عندما ننظر إلى الشركات العالميّة في مجالات مختلفة، سنجد أنّ هذه الشركات تميّزت من خلال قدرتها على خلق علامة تجاريّة مميّزة شقت طريقها إلى أذهان عملائها، وارتبطت لديهم بخبرات وتجارب ثريّة وذات قيمة تكوّنت لديهم وهم يتعاملون مع منتجات هذه الشركات أو خدماتها. هذه الشركات لم تقدّم علامات تجاريّة ثم بحثت عن القيمة التي تقدّمها لعملائها، بل سعت في البداية إلى تحديد القيمة التي تقدّمها منتجاتها، وسعت أيضا إلى زرع هذه القيمة في كلّ أجزاء وعناصر المنتجات التي تقدّمها، ومن ثمّ ترجمت هذه القيمة في صورة اسم أو رمز يعبر عنها، ويساعد على وضعها في مكانة متميّزة في أذهان العملاء. على سبيل المثال في عالم السيارات، نجد أنّ شركات صناعة السيارات دأبت على بناء علامات تجاريّة قويّة ومؤثّرة لمنتجاتها، واختارت هذه الشركات أسماء ورموز لتعبّر عن القيم أو المنافع التي تقدّمها هذه السيارات.( فولكس فاجن) وتعني بالألمانية سيارة الشعب إشارة إلى سعرها الاقتصادي، واستهلاكها المنخفض للبنزين، (كامري) وتعني التاج باللغة اليابانية والتي تشير إلى الفخامة، (فورد) وتعني الفرس الأبيض، وهو أحد أنواع الخيول البرية المشهورة بالقوة، وهذا يشير إلى قوة السيارة وصلابتها. (الجمس) وتعني الضاحية أو الحي السكني وهذا يشير إلى كبر حجمها واتساعها.

هذه الشركات وغيرها من الشركات التي تعمل في مجال صناعة السيارات أو في صناعات أخرى، سعت إلى بناء علامات تجاريّة قويّة، والعلامة التجاريّة القويّة من وجهة نظر خبراء التسويق يجب أنْ تعكس المنافع التي يقدّمها المنتج، ويجب أنْ تعكس القيم التي تؤمن بها الشركة، ويجب أنْ توحي أيضاً بشخصيّة العميل الذي يحصل على المنتج، وتعبّر عن الفئة التي ينتمي إليها. لقد نجحت الشركات المتميّزة في صناعة علامات تجاريّة قويّة، ونجحت أكثر في إدارة هذه العلامات لتخلق نوعاً فريداً من التواصل مع عملائها، والتأثير في قناعتهم وتوجهاتهم، نجحت من خلال صناعة وإدارة العلامات التجاريّة في بناء شخصيّة مؤثرة لمنتجاتها وخدماتها، نجحت هذه الشركات في تحقيق التفرد والتميّز بينما غرق الآخرون في مستنقع التقليد والمحاكاة بحثاً عن علامات مرشدة، وجهلوا أن العلامات تصنع وتدار من خلال جهود لا تتوقف.

قد يعجبك أيضًا
الطريق إلى قلوب أهل الشرقية (1)
التسويق الداخلي…الوصول إلى القمة من العمق
الإدارة الحازمة للحج .. نجحت بامتياز.. !

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة