الرئيسية مقالات في الادارة

الشركات العائلية والحلقة الأخيرة..!

تمارس الشركات العائلية دوراً حيوياً في اقتصاديات الكثير من دول العالم، حيث إن 90% من شركات الأعمال في الولايات المتحدة هي شركات عائلية، وتصل النسبة في بريطانيا أكثر من 75%، بينما تصل في كندا إلى أكثر من 65%، وفى دول مجلس التعاون الخليجي ومع بداية طفرة العوائد البترولية في منتصف السبعينات بدأت تنتشر الشركات العائلية في كل دول الخليج من خلال الدخول في مجالات مختلفة، مثل المقاولات والاستيراد والمجالات الزراعية والصناعات الخفيفة.

ولكن مع التغيرات التي تحدث في بيئة الأعمال الحالية أصبحت الشركات العائلية تواجه الكثير من التحديات، تتعلق هذه التحديات بارتفاع حدة المنافسة في الأسواق، وظهور الكيانات الكبيرة في شكل اندماجات بين الشركات وتسهيل دخول الشركات العالمية في الأسواق المحلية من خلال تطبيق قوانين اتفاقية الجات.

ومع التحديات الكبيرة التي تواجه هذه الشركات في المرحلة الحالية يثار الحديث عن الخلافة في الشركات العائلية.. إنه الحديث عن ترتيب البيت من الداخل، بحيث يستطيع أن يواجه العواصف التي من الممكن تماماً أن تقتلعه من جذوره .. إنه الحديث غير الممتع لأصحاب هذه الشركات وعائلاتهم الكبيرة، ولكن هذا الحديث أصبح لايهم فقط هذه العائلات بل يهم المجتمع بأكمله، لأن الأدوار التي تمارسها هذه الشركات هي بالطبع أدوار مؤثرة في اقتصاديات المجتمع، وتسهم بشكل مباشر في تقدمه. إن هذا الحديث يتعلق بإدارة الخلافة في الشركات العائلية، الحديث بالفعل مليء بالشجون وعند مطالعة نتائج بعض الدراسات يتحول الشجون إلى شعور بالأسى، 70% من الشركات العائلية تفشل قبل الانتقال إلى الجيل الثاني، 88% تفشل قبل الوصول إلى الجيل الثالث، في حين أقل من 3% يستمر للجيل الرابع..! وهناك من يرى أن الجيل الأول يصنع المؤسسة من خلال بذل جهود وتضحيات كبيرة، ويأتي الجيل الثاني لينفق ما جمعه الجيل الأول، أما الجيل الثالث فيبذل كل جهده في سبيل الوصول بالشركة إلى مقبرة الإفلاس والديون.

في المملكة هناك ثلاثة آلاف شركة عائلية من بين عشرة آلاف شركة تنتقل إلى الجيل الثاني، ثم تنتقل أربعمائة شركة للجيل الثالث، بينما تستطيع خمسون شركة أن تستمر حتى الجيل الرابع، في حين تصل خمس شركات فقط للجيل السادس..! من يتحمل المسؤولية في هذه الدراما العائلية؟ إذا كانت الأجيال المتعاقبة على إدارة الشركات العائلية تتحمل جزءا من المسؤولية في الوصول إلى الحلقة الأخيرة في مسلسل الشركات العائلية فإن المؤسسين يتحملون معظم المسؤولية..لماذا؟ لأنهم يدركون أن الحياة لا تستمر، وأن الأوضاع لا يمكن أن تستمر على ماهي عليه.. فقط يدركون ولكن لا يخططون للتعامل مع هذه السنة الكونية، يستغرقون في العمل وتحقيق المكاسب ولا يعملون في اتجاه استمرار المكاسب عبر الأجيال. الشركات العائلية بحاجة إلى تصميم نظام متكامل وشامل للخلافة واستمرارية التقدم، النظام عندما يتعلق فقط بمن يخلف المؤسس يصبح نظاماً عاجزاً عن تحقيق الاستمرارية، أما النظام المتكامل فيضع دستوراً عائلياً يشتمل على بنود تغطي كافة الجوانب المتعلقة بالخلافة ومؤهلاتها، والرسالة التي ينبغي أن تستمر الشركة في تحقيقها، والأهداف التي يجب الالتزام بها، النظام يتعلق بتجهيز الصف الثاني وتأهيله علمياً ومهنياً لتحمل المسؤولية بعيدا عن المجاملات والعواطف، وعندما يتولى الصف الثاني المسؤولية يجب أن يكون هناك صف ثالث ورابع وخامس، عندما يتولى الخلفاء المسؤولية تصبح من مهامهم الأساسية تأهيل من يخلفهم، يجب أن تكون هناك أهدافاً محددة لكل خليفة إما أن يحققها، أو أن يترك المسؤولية لمن يستطيع أن يتحملها، يجب أن تتعلق هذه الأهداف بتوسيع أنشطة الشركة، واقتحام أسواق جديدة، وتطوير الأداء داخل الشركة، وإدخال تكنولوجيا جديدة، وتشكيل صورة ذهنية إيجابية لدى عملاء الشركة. الخليفة يجب أن يضيف للشركة والشركة يجب أن تضيف للمجتمع، فالمجتمع بأكمله يريد أن يستمتع بعرض ناجح ومستمر للشركات العائلية، ولا يرغب أبداً في مشاهدة الحلقة الأخيرة.

قد يعجبك أيضًا
الشدائد تصنع الرجال
أريد حلاً
الحفاظ على الموظفين .. صناعة تفتقدها مؤسساتنا

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة