الرئيسية مقالات في الادارة

السياسة في عالم الأعمال…منظور مختلف

الحديث لا يتوقف عن العلاقة بين السياسة والأعمال (بيزنس) والحديث يتعلق دائماً بالعلاقة التبادلية والتفاعلية بين الاثنين، السياسة تملك قوة السلطة، والأعمال تملك قوة المال. عندما تكون السياسة والسلطة في قمة قوتها وتوجهها تستطيع أن تحكم السيطرة على سير الأنشطة التجارية والاقتصادية وتوجهها نحو تحقيق مصالحها الخاصة أو مصالح المجتمع أو الاثنين معاً، وعندما تضعف السلطة يزداد تأثير المال ليصبح رجال الأعمال قوة تحرك السياسة. ولكن هناك اتجاه آخر يكشف أن الممارسات في ادراة الشركات والأعمال يحوي قدراً كبيراً من السياسة بقواعدها المختلفة، ولقد تجسد هذا الاتجاه في موقف عايشته في احدى الشركات التجارية، تحصل هذه الشركة على المنتجات من الشركات المصنعة لها في الخارج لتبيعها في الأسواق المحلية، وفي اجتماع يستهدف البحث عن استراتيجية ملائمة لتطوير النشاط التسويقي للشركة اتفق الحضور على العديد من المحاور الهامة في هذا المجال ماعدا نقطة واحدة أثارت اختلاف وجهات النظر، النقطة تتعلق بالتعامل مع المؤسسات الصغيرة التي تستخدم كوسيط بين الشركة الموردة وبين المستهلك النهائي في السوق، هؤلاء الوسطاء يحصلون على احتياجاتهم من الشركة الموردة (التي تبتاع بضاعتها من الشركات المصنعة بالخارج) ويبيعونها على العملاء في ذات الوقت الذي تتعامل فيه الشركة الموردة مع العملاء مباشرة عن طريق مندوبي المبيعات التابعين للشركة، ارتأى مدير التسويق في الشركة الموردة أن هذه المؤسسات مثل البعوض تتغذي على دم الشركة لتكبر وتكبر حتى تصبح مثل الديناصور الذي أول ما يلتهم يلتهم الشركة الموردة لها، ويرى أيضاً أن صغار الموزعين أو الوسطاء ليسوا أصحاب ولاء للشركة الموردة بل ولائهم دائماً للشركات التي تمنحهم أسعار أفضل وخصومات أعلى، أيضاً هم يتعاملون باسمهم وعلامتهم التجارية ومن ثم يخفون عن قصد العلامة التجارية للشركة الموردة. أوضح مدير التسويق أهمية اضعافهم بالتدريج ثم القضاء عليهم. هنا برزت وجهة نظر معارضة وصائبة أيضاً، مفادها أن عالم الأعمال مثل عالم السياسة، والسياسة تحكمها قواعد وقوانين خاصة، أهم هذه القوانين هي قانون المصالح المتبادلة ” في السياسة لا يوجد علاقات دائمة ولكن يوجد مصالح دائمة” ومن ثم فمن الطبيعي أن تبحث الدول عن مصالحها ومن الطبيعي أيضاً أن تبحث الشركات والمؤسسات التجارية عن مصالحها ومن ثم هي قاعدة من قواعد اللعبة يجب التسليم بها والعمل في اطارها. قانون آخر يطبق في عالم السياسة ” عدوك الذي لا تستطيع أن تقضي عليه تحالف معه ” ولذا كان الرأي الراجح هو استثمار تلك المؤسسات لتمثل منفذ بيع فعال لمنتجات الشركة، وتصميم آلية للتعامل معهم باعتبارهم مندوبي مبيعات تابعين للشركة، وتقديم الدعم اللازم لهم ليسهموا في تنمية مبيعات الشركة في الأسواق المستهدفة، ومن ثم إعطائهم فرصة كي يكبروا ولكن تحت جناح الشركة الموردة. والفرضية هنا أن تلك المؤسسات التي يشبهها مدير التسويق بالبعوض لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستتجه مباشرة لمنافسي الشركة لتحصل على ما تحتاجه، وستدافع تلك المؤسسات بقوة عن كيانها وتواجدها في السوق، والسبب الآخر لحتمية التعامل معهم يرتبط بتعظيم امكانيات الشركة الموردة التي تعمل في ظل سوق تتسع حدوده الجغرافية يوماً بعد يوم ويصعب تغطيته بالاعتماد على فريق مبيعات محدود العدد. الخلاصة هنا أن ادارة الشركات أو ادارة الأعمال تتطلب قدراً كبيراً من الحنكة السياسية ومعرفة أصول التحالفات مع الآخر والقدرة على التحليل المتعمق للمعطيات واتخاذ قرارات تولد من شطارة التاجر ودهاء السياسي.

قد يعجبك أيضًا
التغيير يبدأ من هنا… وليس من هناك
روح المنافسة..الفلسفة الغائبة
أختي الموظفة الثرثاره.. عذرا.. هنا مكتب للعمل.. وليس مجلسا للحش..!!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة