الرئيسية مقالات في الادارة

التوظيف بطريقة البلوك..!!

على الرغم من أنّ هناك العديد من الاختبارات الموضوعية التي يمكن إجراؤها في مجال اختيار وتعيين الموارد البشرية إلا أنّ الكثير من الشركات، والمؤسسات، والدوائر الحكومية تتبع طرقاً غير سويّة وغير منطقيّة في تطبيق سياسة الاختيار والتعيين، وربما تكون الطريقة التالية على طرافتها تصف حال الكثير من الشركات في تخبطها وفوضويتها في عميلة الاختيار والتعين. تقول الفكرة: إنّه إذا كانت شركتك بصدد اختيار عناصر جديدة للعمل فيمكنك اتباع الطريقة التالية: ضع مائة طابوقة (بلوكة) في غرفة، وأدخل كلّ 2 إلى 3 من المرشحين المراد اختبارهم في الغرفة سوياً، ودعهم لمدّة 6 ساعات، ثمّ ادخل إلى الغرفة، وانظر ماذا فعلوا في المدّة المنصرمة:

  • إنْ انشغلوا بعدّ الطابوق وإعادة عدّه؛ فعيّنهم في إدارة المحاسبة!
  • إنْ لخبطوا الدنيا و خلطوا الحابل بالنابل؛ فعيّنهم في إدارة الهندسة والمشاريع!

– إنْ انشغلوا بترتيب الطابوق وصفّه؛ فعيّنهم في إدارة التخطيط .
– إنْ انشغلوا بتقاذف الطابوق على بعضهم البعض؛ فعيّنهم في إدارة العمليات والتشغيل.

– إنْ وجدتهم نائمين؛ فعيّنهم في إدارة الأمن.
– إنْ كسّروا الطابوق إلى قطع صغيرة؛ فعيّنهم في إدارة نظم المعلومات.
– إنْ وجدتهم جالسين بدون عمل أي شيء؛ فعيّنهم في إدارة الموارد البشرية.
– إنْ حذفوا الطابوق من النافذة؛ فعيّنهم في إدارة المواد.
– إنْ وجدتهم غادروا المكان؛ فعيّنهم في إدارة التسويق.
– إنْ وجدتهم يتناقشون في أمور لا علاقة لها بالطابوق، ووجدت الطابوق على حاله لم يمس؛ فعيّنهم في الإدارة العليا.

مشكلة عدم وجود ضوابط في عملية الاختيار والتعيين ما زالت تعاني منها الكثير من القطاعات في المجتمع، وهذا حدث عندما قمنا بتفريغ عملية الاختيار من محتواها الحقيقي، وجعلناها عملية غير مقننة؛ الهدف منها فقط اتباع الإجراءات المتعارف عليها في الاختيار والتعيين، بينما نتبع أهواءنا في اختيار عناصر أبعد ما تكون عن متطلبات الوظيفة، أسباب تلك المشكلة تكمن أيضاً في تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، أو قد يكون الاستعجال في التوظيف لمواجهة عجز أو زيادة في الطلب، أو البحث عن عناصر ذات تكلفة أقل وليس ذات مهارات وأداء أفضل، والنتيجة لكلّ ذلك هي معاناة المؤسسات، ومواردنا البشرية، والمجتمع بصفة عامة من عواقب وخيمة، فالمؤسسات تعاني من تدني جودة الأداء والمخرجات، وتسودها أجواء غير محفّزة على العمل بسبب عدم انسجام اتجاهات ومهارات العاملين فيها، أيضاً يكون هناك ارتفاع في معدل دوران العمل نتيجة لعدم وفاء بعض الأفراد لمتطلبات وظائفهم أو تفشي المحسوبية وعدم العدالة في التعامل مع الموظّفين.

ومن النتائج السلبيّة لعملية الاختيار الخطأ هو ارتفاع التكاليف التي تتحملها المؤسسة في سبيل تأهيل وتدريب عناصر تفتقد مهارات أساسيّة في العمل، أيضاً احتمال تسرّب الكثير من أسرار العمل نظراً لوجود عناصر غير قادرة على تحمل المسؤولية والإحساس بقيمة العمل أو المكان، ليس هذا فقط بل تمتد الأضرار لتصل إلى العملاء الذين يعانون الكثير في التعامل مع موظّفين غير أكفاء، وهذا يجعلهم يكوّنون صورة ذهنية غير طيّبة بشأن المؤسسة، وربما يساهمون في تشويه سمعتها لدى كلّ من يعرفون. الموارد البشريّة ذاتها تعاني انخفاض الروح المعنوية والحافز للعمل؛ لأنّ الاختيار غير الموضوعي عادة ما يستتبعه تقييم غير موضوعي، ومن ثَمّ تضيع الحقوق، وقد يركز بعض الموظّفين على أساليب ملتوية كي يحصلوا على حقوقهم بعد أنْ يكتشفوا أنّ كفاءتهم في العمل ليست هي المعيار الأساسي في الحصول على التقدير المادي والمعنوي.

أمّا المجتمع فهو الخاسر الأكبر نتيجة عدم اتّباع المنهج الملائم في الاختيار والتعيين، حيث يصبح المجتمع غير قادر على تحقيق خطط التنمية والتطوير، وتستنزف موارد المجتمع الماديّة نتيجة لعدم الاستفادة من المهارات البشريّة التي كلّفت المجتمع الكثير من الأموال في سبيل تعليمها، وتثقيفها، وتهيئتها للعمل، وتسود المجتمع ثقافة غير مرغوبة تقوض أركانه، وتجعله يدور في حلقة مفرغة من المشكلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة.

نحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة تشهد تطورات اقتصاديّة غير مسبوقة، تلك المرحلة تتطلب منا أنْ نتكاتف جميعاً في سبيل إثراء قدرات مجتمعنا وإمكاناته، لعلّه من الملائم جداً في المرحلة القادمة أنْ ننقّي عمليّة الاختيار والتعيين من شوائب تضربها في مقتل، من الملائم أنْ يؤكد أصحاب الشركات والمؤسسات والمسئولين في الدوائر الحكوميّة على وجود منهج علمي في عمليّة الاختيار والتعيين، هذا المنهج يبنى على ركائز أساسية منها على سبيل المثال: التأكيد على اتباع الأساليب العلمية في تحديد مكونات التوصيف الوظيفي وكافة المؤهلات، والمهارات المطلوبة لشغل الوظيفة، تصميم اختبارات موضوعيّة في الاختيار والتعيين تؤكّد على توافر المهارات والقدرات المطلوبة للوظيفة، وتستبعد أية فرصة لتدخل الأهواء الشخصيّة في توجيه تلك العملية إلى مسارات غير سويّة، وجود آليّة واضحة ومحددة للخطوات التي تمر بها عمليّة الاختيار والتعيين، والتوقف تماماً عن التعامل مع الوظائف الشاغرة باعتبارها فجوات يجب غلقها بأقصى سرعة،
البحث عن العناصر البشريّة الأفضل وليس الأرخص، أيضاً من المهم أنْ تكون هناك جهة رقابيّة تعطي المظلوم حقه بسرعة، بحيث يلجأ إلى هذه الجهة كلّ من يشعر أنّه كان أحقّ بالحصول على وظيفةٍ ما، ومن ثَمّ تكون هناك عقوبات رادعة لكلّ جهة أو مؤسسة تحيد عن الطريق السليم في الاختيار وتتلاعب بمستقبل شبابنا وقدرات بلدنا.

قد يعجبك أيضًا
الشركات العائلية والحلقة الأخيرة..!
في مؤسساتنا.. رمضان غير!!
تفوق على توقعاتهم..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة