الرئيسية مقالات في الادارة

التركة الثقيلة..اختبار جديد للملحم

عندما طالعت ما كتب بشأن التغيير الجديد الذي حدث في الخطوط الجويّة السعوديّة بتولي معالي الأستاذ خالد الملحم دفّة القيادة في واحدة من أهم المؤسسات الخدمية في الدولة، وجدت كمّاً كبيراً من الشكاوى، والطموحات، والمقترحات لعملاء وموظفي الخطوط، الحقيقة أنّني أشفقت على الرجل، فبالفعل التركة ثقيلة للغاية، والمشكلات التي تعانيها الخطوط ليست بالمشكلات السهلة التي يمكن حلّها في الأجل القصير، بل هي بحاجة إلى وقت، ومجهود، وحلول جديدة، وتفاعل من مختلف الأطراف المؤثرة في صناعة الخدمة التي تقدّمها الخطوط لعملائها. ولكن أيضاً عندما رجعت للسيرة الذاتية للمهندس خالد الملحم وجدتها غنية بالإنجازات، ووجدته شخصيّةً تقبل التحديات، ولا تعترف بالفشل وبالفعل فإنّ تولي خالد الملحم دفة القيادة في الخطوط السعودية استند على مبررات منطقية للغاية. نحن هنا نبارك للمهندس خالد الملحم على تولي المنصب ونثق في أنّه ينظر إليه باعتباره تكليفاً وليس تشريفاً. وأعتقد أنّ موسم تقديم التهاني والتبريكات قد انتهى في الخطوط، وأنّ العمل يبدأ الآن على قدم وساق. وإذا كنّا نثق في الرجل وفي قدرته على إحداث تغييرات جذرية في المكان فعلينا أنْ نساعده وندعمه بآرائنا ومقترحاتنا الموضوعية والمنزهة من أية انفعالات أو توجهات شخصيّة.

بدايةً أرى أنّه من الضروري أنْ يبدأ القائد بتجديد الرسالة والرؤية التي تنهض بها الخطوط في مجالها، فيبدو أنْ الرسالة غابت في ظل ثقافات وممارسات سلبيّة، ويبدو أنّ الرؤية انعدمت مع تكاثر السحب والغيوم، الرسالة والرؤية يجب أنْ يركزا على التوجه الجديد الذي تسعى إلى تـحقيقه الإدارة الجديدة، الرسالة والرؤية يجب أنْ يركزا أيضاً على إبراز مصالح أهم ثلاثة أطراف: الموظف، والعميل، والمجتمع. ثانياً: في داخل الخطوط على الأرض وفي الجو هناك أنظمة، وهناك أشخاص، وهناك إجراءات وأدوات، وهي عناصر ثلاثة أرى أنّها تمثّل المحاور الرئيسية للتغيير والتطوير، فالأنظمة الإداريّة الحالية تتسم بالترهل الشديد ولا تواكب على الإطلاق مستجدات الصناعة التي تعمل في إطارها شركة الخطوط، والدليل على ذلك وجود إدارات لا تمارس أدواراً ملموسة في تنمية وتطوير الخدمة وملحقاتها، ووجود مشكلات تتعلق بالتنسيق بين الإدارات، ووجود حالة من عدم التوافق والانسجام بين فئة الموظفين وفئة المديرين.

أمّا العنصر الثاني في المنظومة وهو العنصر البشري: موظفون ومديرون) فأعتقد أنّه العنصر الذي يتطلب إحداث تغييرات جذرية في معتقداته وممارساته، فالشركات الخدمية على وجه التحديد يمارس فيها العنصر البشري دوراً جوهرياً إمّا في تقدّمها وتطورها، وإمّا في تراجعها وتدهورها، نقطة البداية في تطوير هذا العنصر ستكون بالتعرف على المشكلات التي تواجه العاملين في الشركة بمختلف فئاتهم ووظائفهم، بمعنى أنّه يجب الوصول إلى إجابة شاملة وشافية لتساؤلين في منتهى الخطورة: هل يقدّم العاملون في الخطوط أفضل ما لديهم؟ (وإذا كانت الإجابة بالنفي -(وهي كذلك بالتأكيد- والسؤال الثاني: ما الذي يعوق العاملين في شركة الخطوط عن تقديم أفضل ما لديهم؟ ونتمنى أنْ نعطي الفرصة للموظف أو المدير للحديث والتعبير عن أفكاره وتصوراته لتبدأ بعد ذلك مرحلة بناء ثقافة جديدة للعمل، وبناء قدرات ومهارات مميزة، وتثبيت سياسات وإجراءات تـحفّز الجميع على العمل بأعلى مستوى من الحماس والمعرفة. العنصر الثالث في المنظومة الداخلية لشركة الطيران يتعلق بالإجراءات والأدوات التي تتشكل من خلالها جودة الخدمة في الخطوط السعودية، من الضروري أن تخضع جميع الإجراءات والأدوات (في جميع مراحل تقديم الخدمة) لعملية مراجعة، وتنقيح، وتجويد، وبما يتناسب مع احتياجات العميل وتوقعاته، وبذكر العميل فنحن ننتقل إلى منظومة أخرى تنقلنا إلى الطرف الآخر من القصة، حيث العميل والمنافس، فقد وضح أنّ العميل والمنافس لم يلقيا في العهود السابقة ما يستحقانه من مكانة، والدليل على ذلك أنّ شكاوى العملاء من شركة الخطوط متنوعة ومتشعبة وتتضح في جميع جوانب الخدمة والتعامل مع الشركة.

نتمنى أنْ تسعى القيادة الجديدة إلى وضع العميل على قمّة الهرم التنظيمي للشركة فهو يستحق ذلك بالفعل لتأتي جميع القرارات بعد ذلك متوافقة مع احتياجات العميل دون أنْ تضر بتوجهات ومصالح الشركة، أرى أنّه من الضروري للغاية أنْ تنصت شركة الخطوط لعملائها بعض الوقت لتتعرف منهم على مشكلاتهم ومقترحاتهم، وأثق تماماً في أنّ الإنصات بطريقة علمية للعميل الحالي والمرتقب سيوفر للقيادة في شركة الخطوط كمّاً من المعلومات والمؤشرات الخطيرة للغاية، لتبدأ بعد ذلك مرحلة التغيير الموجّه. أمّا بشأن المنافسين، فأمام شركة الخطوط خياران إمّا التميز أو الهزيمة، والتميز سيتحقق عندما تتمكن القيادة الجديدة في شركة الخطوط من وضع آلية واضحة لاكتساب مزايا تنافسية مستدامة للشركة، وهذا بدوره يتحقق من خلال دراسة قدرات، وإمكانيات، ومنتجات المنافسين، دراسة نقاط قوتهم وضعفهم، دراسة واكتشاف الفرص التي يمكن أنْ تستثمرها الشركة في تـحقيق التميز. فالمنافسة ليست منافسة في الأسعار فقط بل هي منافسة في إثراء تجربة العميل منذ أنْ يقرر السفر بالطيران وحتى خروجه من المطار. من وجهة نظري المتواضعة أرى أنْ النقاط السابقة تشكل مفاتيح النجاح في الاختبار… لننتظر ونرى.

قد يعجبك أيضًا
سمو الأمير : من هنا الطريق إلى قلوب أهل الشرقية (2)
حتى لا يصبح ما نتعلمه حبرا على ورق..!
رئيس وأعضاء مجلس الغرفة التجارية.. أبيكم بكلمة رأس..!!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة