أمر غريب نلحظه في مؤسساتنا العربية أن الحالة المزاجية للشركة غالباً ما ترتبط بالحالة المزاجية للمدير، فعندما يشعر المدير بالتفاؤل يعم هذا التفاؤل الشركة بأكملها، وعندما تسود الدنيا في وجهه تسود في أوجه جميع من في الشركة، وعندما يضحك المدير يضحك الجميع، وعندما يحزن فعلى الجميع أن يرتدي ملابس الحداد، إنها الحالة النفسية للمدير التي تشكل الحالة النفسية للشركة..
وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
ولكن في المؤسسات يختلف المقال، ولا تصلح أبيات الشعر في كثير من الأحيان، لتفسير وتعليل الكثير من المواقف, هنا النقطة المحورية: المدير العربي إنسان يحمل في نفسه الكثير من المشاعر والهموم، منها ما يتعلق بحياته الأسرية ومنها ما يتعلق بشؤون عمله، عندما يذهب إلى عمله سوف يحمل معه أدوات ممارسة نشاطه الإداري، وفى ذات الوقت سوف يحمل معه همومه الأسرية، وعندما يهم بالعودة إلى المنزل لن ينسى أن يصحب معه خططه في العمل. لن نزعجه في منزله ولكن سنذهب معه إلى شركته.. لن تكون هناك مشكلة عندما يتفاءل المدير أو يتشاءم .. يسعد أو يحزن .. يضحك أو يبكي.. طالما أن هذا مرجعه أمور متعلقة بالعمل، ولكن أن يضحك المدير في المؤسسة لأنه يضحك في المنزل، ويغضب في المؤسسة لأنه يغضب في المنزل، فهذا ما ننتقده اعتباراً للمسؤوليات التي تقع على عاتق المدير ودوره المؤثر في مسيرة المؤسسة. المدير الغربي يفصل دائماً بين العمل والحياة الخاصة، لذلك تجد الحالة المزاجية في المؤسسات الغربية تتسم بالثبات والاستقرار وإذا تغيرت فهي تتغير بدوافع عملية بحتة. أما الحالة المزاجية في المؤسسات العربية فتتسم بالتذبذب والتغير المستمر لأنها ترتبط بأمزجة شخصية، وسوف نكتشف أن المؤسسة لا يديرها المدير فقط، ولكن يديرها معه زوجته وأولاده. إن التحديات الحالية التي تواجه المؤسسات العربية بمختلف تصنيفاتها ومجالاتها تتطلب توافر فئة واعية من المديرين الذين يغلبون مصالح مؤسساتهم على مصالحهم الشخصية، يذهبون إلى مؤسساتهم كل صباح بهدف تحقيق إنجازات جديدة ويتركون في منازلهم كل القصص والأحداث التي يمكن أن تنال من عزيمتهم وتقدمهم في العمل، مديرون يدركون أن الإدارة بالمزاج لا مكان لها في مؤسسة مرغمة على مواجهة التحديات.
"
"
