الرئيسية مقالات في الادارة

الإدارة بالحبّ: فردوسنا المفقود…!

في عصرنا الحديث تعددت مناهج الإدارة وفلسفاتها، الكلّ يسعى إلى فك طلاسم الإدارة، وكأنّ الإدارة هي صندوق أسود ينبغي البحث عنه لمعرفة أسرار اللعبة. هناك من راهن على الإدارة بالأهداف، وهناك من تحدّث عن مناهج إداريّة أخرى مثل الإدارة القياديّة أو الإدارة الموقفيّة، ولكن حتى الآن ما زال منهج الإدارة بالحبّ يتم التعامل معه باعتباره منطقةً شائكةً، الدخول فيها والعمل من خلالها أمر محفوف بالمخاطر. هناك من يرى أنّه منهج يفتقد الواقعيّة، وهناك من يرى أيضاً أنّ الإدارة بالحبّ قد تفقد الإدارة هيبتها وقدرتها على السيطرة، ومن ثَمّ فالكثيرون يؤيدون منهج الإدارة بالحزم، ويعتقدون أنّه المنهج الملائم في بيئتنا العربيّة على وجه الخصوص. ولكن إذا كنّا نجرّب العديد من المناهج، ونتبنى العديد من الفلسفات، لماذا لا نجرّب منهج الإدارة بالحبّ؟ لماذا لا ندرك المعنى الحقيقي للإدارة بالحبّ؟ دعونا نتأمل قليلاً في معنى الحبّ. الحبّ يعني وجود ما يوافق ميول الإنسان وعاطفته، أي: أنْ يشعر الإنسان براحة نفسيّة تجاه شخص أو مكان أو شيء معيّن، وأنْ يحرص الإنسان على استمراريّة وتطور العلاقة مع الشخص أو المكان أو الشيء الذي يحبّه. وأنْ يحرص الإنسان على تنفيذ ما يُشْعِر الطرف الآخر بالسعادة. الإدارة بالحبّ تعني في أعظم معانيها أنْ يبتكر المدير علاقة حبّ متبادلة بينه وبين موظّفيه، ومن خلال تثبيت هذه العلاقة يستطيع هذا المدير أنْ يدفع موظّفيه نحو تحقيق الأهداف التي يرغب في تحقيقها. الأمر يتعلق بتوفير المناخ الملائم الذي يشعر الموظّف بأنّه يرتبط بعاطفة حبّ قويّة مع عمله الذي يمارسه، ومع مديره، ومع مؤسسته. ستنشأ عاطفة الحبّ بين الموظّف ومديره، عندما يشعر بأنّ في شخصيّة المدير ما يدفعه إلى ذلك. ليس مطلوباً من المدير أنْ يقابل موظّفيه دائماً بوجه بشوش إذا أصابوا أو أخطأوا. وليس مطلوباً منه أنْ يبدي تعاطفه تجاه موظّفيه في كلّ المواقف. ولكن المطلوب أنّ يملك المدير ما يستطيع أنْ يؤثر به في موظّفيه. مطلوب منه أنْ يكون قدوة تحتذى. الإدارة بالحبّ تعني أيضاً الحرص على وضْع الموظف المناسب في المكان المناسب، فمن المهم جداً أن يؤدي الموظّف العمل الذي يحبه، فحبّ الموظّف لعمله يجعله تلقائياً يشعر بالتوافق مع نفسه، ومن ثَمّ توافقه مع الآخرين. الإدارة بالحبّ تعني أنْ يظهر المدير لمرؤوسه بأنّه يساعده ويحفزه على تنمية ذاته ومهاراته في العمل ليس لأنّ العمل يتطلب ذلك، ولكن لوجود رغبة في مساعدة الآخرين على تحقيق النجاح. الإدارة بالحبّ تعنى مساعدة الموظّف على اكتساب ثقته بنفسه، وتهيئته نفسياً ومادياً على تقديم أفضل ما عنده، الإدارة بالحبّ تعني أنْ يشعر الموظّف بالأمان الوظيفي، والشعور بالأمان الوظيفي لا يعني أنْ يعمل الموظّف بقناعة أنّه باقٍ في المؤسسة بصرف النظر عن عطائه ومدى تقدّمه في عمله، ولكنّه يعني أنْ يشعر الموظّف بأنه أحد الأعمدة الأساسية في المؤسسة، وأنّ عليه أنْ يعطي ما يسهم في تقدّم المؤسسة وتطورها، وعندما يعطي سيحصل على ما يتناسب مع حجم عطائه. الإدارة بالحبّ تعني أنْ يشعر جميع من في المؤسسة بأنّهم فريق واحد تجمعهم غاية واحدة، ويسيرون في الطريق نفسه. الإدارة بالحبّ تعني تجنّب التركيز على تصيّد أخطاء الآخرين، والتركيز على تصحيح الانحرافات بما يقود إلى السير في الاتجاه المرسوم. الإدارة بالحبّ تعني أنْ يشعر الموظّف بأنّه يتقدّم مع تقدّم المؤسسة، وأنّ المجال متاح أمامه دائماً لتحقيق ذاته طالما أنّه يعمل لتحقيق ذلك. وإذا كان الحب هو أكسير الحياة وروح الوجود، وهو كلمة السر في بقاء وتماسك الأسرة والمجتمع، فهل يعجز عن إصلاح واقع شركتنا وطبيعة علاقتنا المهنية والوظيفية؟!!

قد يعجبك أيضًا
عاقبوا أنفسهم بالانتحار..!
سنة أولى أسهم
الأراضي المحجوزة وغطرسة الدجاجة التي تبيض بترولاً..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة