الرئيسية مقالات عامة

الإدارة الحازمة للحج .. نجحت بامتياز.. !

في موسم سابق للحج وقفت سيدة مسنة مندهشة ومرتبكة ولا تعرف ماذا تفعل وكيف تطوف وسط أمواج من البشر تتلاصق وتزحف بصعوبة بالغة في صحن الحرم؟؟
قالت السيدة وبعفوية شديدة : (القيامة قامت في الحرم).
في هذا الموسم الوضع مختلف بكل تأكيد، وربما كان هو الموسم الأفضل على الإطلاق منذ سنوات طويلة.

 بالتأكيد كنا نعاني مشكلة مزمنة كل موسم حج، والمشكلة هنا ذات طبيعة مختلفة، فهي ترتبط بفريضة ونسك وفعل تتطلع له الروح قبل البدن، وهي أيضاً تتعلق ببشر يأتون من كل بقاع الأرض يحملون ثقافات وسلوكيات مختلفة حتى وإن توحدت أهدافهم، والمشكلة تتعلق أيضاً بمساحات محدودة يتحرك فيها ملايين الحجاج. 
المشكلة تمثلت في دخول أعداد كبيرة من حجاج الداخل مكة المكرمة لأداء مناسك الحج دون تصريح وكانت أعدادهم – بأي حال من الأحوال – تتعدى نصف مليون حاج وربما تصل إلى المليون وتزيد.
تسببت هذه المشكلة في وقوع ضغوط شديدة على الحجاج وعلى المسئولين وعلى أفراد الأمن وعلى كافة المرافق التي تخدم الحجاج.
الحج مشقة بالفعل، لكن بفعل هذه المشكلة صار (مشقات).
الحاج من المفترض أن يذهب للحج ليستمتع ويسعد ويحيي نفسه وروحه بمشاعر لن يجدها إلا في عرفات أو على جسر الجمرات أو في منى أو مزدلفة أو في صحن الكعبة، لكن للأسف وفي ظل مخالفات الحجيج وتهاون الأجهزة المسئولة في التعامل معهم يذهب الحاج ليدافع ويصارع ويشد ويجذب وإذا أمكن ناجى ربه في طرفة عين!!
هذا الموسم .. غير!! حقيقة المتابع لفعاليات الحج يشهد بشكل واضح على انسيابية تحركات وتنقلات الحجيج واختفاء نقاط الازدحام والاشتباك والتراشق والعتاب بينهم.
ومع التوسعات الجديدة في الحرم بدت الصورة رائعة ومثيرة للفخر، فنحن في المملكة وفي كل موسم للحج نروج للعالم كله قدراتنا في التخطيط والتنظيم وإدارة ملايين الحجاج (العملاء) في مناطق مساحتها لا تزيد على بضعة كيلومترات، لكن الدرس الكبير هنا هو أنك لا تستطيع أن تفرض توجهاتك وسياساتك في الإدارة بالإرشاد والتوجيه فقط.
فمنذ سنوات والأجهزة المعنية تحث المواطنين والمقيمين ومؤسسات الطوافة على الالتزام بالحج المصرح وتجنب المخالف ولا حياة لمن تنادي، لكن في أيام معدودة فعلت القواعد الصارمة ما لم يفعله التوجيه والإرشادات في عدة سنوات. الإدارة القوية هي ادارة متسلطة وحازمة ومتشددة، لكن في الحق وفي صالح الموظف والعميل وصالح المؤسسة وصالح المجتمع بأكمله، لذا يجب أن نرحب دائماً بهذا النمط الإداري القوي في كل مؤسساتنا.
فنحن حقيقة ثقافتنا حتى الآن لا تسمح لنا بأن نفعل الأشياء دون ضغوط قوانين وقواعد ملزمة وقليل منا من يتطوع لفعل الأشياء الصحيحة بوازع ديني أو شخصي، لكن ما أن تطل العقوبة برأسها حتى تجبرنا على التراجع.
نحن نتفهم – بكل تأكيد – رغبة المواطنين والمقيمين بالداخل في الحج كل موسم، وكذلك رغبة مؤسسات وأفراد في الانتفاع بخيرات هذا الموسم، لكن عندما يأتي هذا على حساب الآخرين ويلحق بهم الضرر ويكلف الأجهزة المسئولة الكثير من المعاناة المادية والمعنوية هنا يجب أن نتصدى لهم بقوة وحسم.
على الجانب الآخر نتمنى في المواسم المقبلة بذل مزيد من الجهود في تنظيم حجاج الداخل والبحث في سبل تيسير الحج بتكلفة ملائمة للجميع.  خالص التحية والشكر لكل المسئولين عن إدارة الحج هذا العام.

قد يعجبك أيضًا
من أين تؤكل التكاليف..؟!
كيف تكسب ولاء العميل..؟!
عدنا.. والعود ليس بأحمد..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة