الرئيسية جديد الموقع مقالات في الادارة

نقمة كرسي المدير..!!

بعد سنوات من العمل الاداري مرت بحلوها ومرها، الآن أنا حر طليق بعيداً عن كرسي وبعيداً عن التزامات الادارة وأعبائها التي لا تنتهي. التجربة الادارية تجربة ثرية للغاية بإنجازاتها واخفاقاتها وأفراحها وأحزانها، تجربة تشكل جوانب هامة في شخصية الانسان…!

كرسي المدير مرهق للغاية، كرسي اناني ويريدك أن تعيش له فقط ويجبرك على ذلك في معظم الأحيان، المسؤولية الملقاة عليك كمدير تشغل تفكيرك وتشغل خواطرك في العمل وخارج العمل، والمشكلات التي عليك ان تتعامل معها كمدير يصعب عليك أن تتجاهل التفكير فيها حتى وأنت نائماً، في أحلامك يأتيك الموظف الذي يشكو بخس حقه، وسيأتيك زملاء يتنازعون على سلطة او مسؤولية، وفي احلامك ستجد خطة العمل مفتوحة امامك وتطلب منك اضافة او حذف او تعديل، لا وقت لتحلم بغير العمل، إذا لم تتعامل مع الضغوط بكفاءة ستهاجمك أمراض لم تعرفها قبل أن تعرف كرسي المدير، وإذا لم تنجح في ادارة حياتك بتوازن ستفقد نفسك وتفقد حياتك الأسرية بدفئها وسعادتها.
على كرسي المدير لن تستطيع ارضاء الجميع مهما فعلت ودائماً سيكون هناك من يرى أنك مقصر أو مخطئ او غير عادل، ومن ثم فانت في كل اللحظات هدف واضح ومباشر لنيران مرؤوسيك. على كرسي المدير عليك ان تحمل مسؤولية اخطاء غيرك واخطائهم قد تكون بسيطة يمكن مداواتها وقد تضربك في مقتل وتكون سبباً انفصالك عن كرسي المدير، على كرسي المدير مطلوب منك أن تعمل طول اليوم طبيب نفساني تتعامل مع نقائص الاخرين وعقدهم النفسية، وإذا كنت أنت تعاني خللاً نفسياً فلن تجد من يرق لحالك أو يساعدك في علاج نفسك أو يلتمس لك العذر لأنك في البداية والنهاية انسان. على كرسي المدير عليك ان تكون مصلحاً اجتماعياً وتدير بصبر شديد وطول بال نزاعات لا تنتهي بين ادارات او اقسام او موظفين، ومهما كان هناك نظام واسس تظل الخلافات قائمة. تزداد المسؤولية وتتضخم التبعات عندما تجلس على كرسي المدير في مدرسة أو جامعة. المدرسة أو الجامعة مؤسسات خدمية ونشاطها وحكاياتها تحت المنظار دائماً والخبر أو الخطأ يخرج منها ليجوب العالم في لحظات، والخطأ فيها يصعب تداركه فالخطأ يقع وعلينا ان نتعامل مع آثاره، في المصنع يخرج المنتج بعيب فيستبعد قبل أن يصل للمستهلك، في الخدمة يقع الخطأ فيخرج عن نطاق السيطرة ولا يتبقى أمامك سوى الاعتذار أو تعديل الوضع أو فرض عقوبات أو الاستقالة. والاعلام يهتم كثيراً بالكوارث القادمة من مدارس أو جامعات أو مستشفيات، وكان الله في عون الادارة في تلك المؤسسات.
إذا كان طموحك على كرسي المدير هو الترقي والوصول إلى كرسي أكبر فستعيش تحت هذا الضغط بشكل يومي والقلق الشديد سيسيطر عليك تماماً وستفقد القدرة على التحكم في انفعالاتك، ليس هذا فقط بل إن طموحك الاداري عندما تفقد سيطرتك عليه يرمي بك لامحالة في شرك النفاق والتزلف وهذه هي بداية النهاية. إذا تمسكت بكرسي المدير واشتعل الطموح الاداري بداخلك وربط حياتك وسعادتك كلها بترقيات ومناصب فسيظل هذا الارتباط قائماً ولن تستطيع التخلص منه بسهولة، فإذا سارت الأمور كما تريد فهو السعد والهناء، وعندما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وانفصلت عن كرسي المدير بفعلك أنت أو بفعل فاعل فستكون هي نهايتك، لن تتحمل وقع الكارثة فأنت كنت تعيش لهذا ومن أجله وعندما يتحول حلمك إلى سراب فسيكون في هذا نهايتك. ما سبق يعبر عن نقمة كرسي المدير، ومن يتعامل بحكمة وحسن تصرف مع هذا الكرسي سيتجنب نقمته ويجني نعمته، سيتذوق حلاوته، وحلاوة كرسي المدير تستحق الحديث عنها في مقال آخر.

قد يعجبك أيضًا
الحبّ من النظرة الأولى
همة العصفور
العميل التكنولوجي: التحدي القادم ..!
2 تعليقان
  • 23/01/2022 الساعة 11:10 ص
    رد

    احسنت ما شاء الله اكثر من رائع

    • صالح الرشيد
      01/03/2022 الساعة 9:18 م
      رد

      شكرا للطفك

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة