الرئيسية مقالات عامة مقالات في التعليم

منتدى المسؤولية الاجتماعية.. حالة خاصة

هناك عطاء تملك أن تقدمه للآخرين وتملك أن تمنعه عنهم، لك حرية الاختيار في ذلك، ولكن هناك عطاء أنت ملزم بتقديمه بل وتقدمه بنفس راضية وبسخاء غير محدود. هل يتفضل الأب على ابنه برعايته؟ هل يتفضل المدرس على تلميذه بدعمه ومساندته؟ هل يتفضل المسئول على المواطنين بتدبر شئونهم وتحقيق مصالحهم؟ في كل ما سبق لا توجد شبهة للفضل والتفضل ولكن توجد التزامات لطرف تجاه طرف، التزامات أقرتها التشريعات السماوية قبل أن تقرها تشريعات البشر. من هنا برز مفهوم المسؤولية الاجتماعية والذي في جوهره يسعى لمواجهة طمع البشر وجشعهم، ويسعى أيضاً لترسيخ القيم الأخلاقية وتثبيت جذورها وفي ذات الوقت زعزعة القيم المادية التي ضربت بجذورها في أرض الإنسان وأرض المؤسسة وأرض المجتمع. جاء هذا المفهوم ليقول لا للمصلحة الخاصة ونعم للمصلحة العامة، وجاء هذا المفهوم أيضاً ليقول نعم لكل فعل يفعله فرد أو جماعة أو منظمة يضيف منفعة وقيمة للمجتمع، ويقول لا لكل فعل يفعله فرد أو منظمة أو جماعة يؤذي المجتمع أو يخالف مصالحه. جاء هذا المفهوم أيضاً ليوجه الشركات والمؤسسات إلى رد الجميل إلى مجتمع ولدت في رحابه ونشأت وتطورت في كنفه وحققت مكتسباتها من إقباله على منتجاتها وخدماتها.  تفاعلاً مع هذا المفهوم وسعياً لتسويقه وتثبيت أركانه في فكر وثقافة وممارسات مؤسساتنا نظمت جامعة الدمام ممثلة بكلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع منتدى المسؤولية الاجتماعية في المنظمات السعودية وبرعاية كريمة وحضور سمو الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية. كان التفاعل على قدر الحدث وكانت الأطروحات والأفكار بمثابة مصابيح تنير طريق الخير والنماء، قدمت الدولة دعمها ورعايتها، وقدم باحثون دراساتهم العلمية، وقدمت شركات مساهماتها العملية، وقدمت مؤسسات واعدة مبادراتهم الإبداعية، وكان تدشين كرسي المسؤولية الاجتماعية بجامعة الدمام برعاية ودعم شركة (سمو) أيقونة الحدث. خلال يومين هما مدة انعقاد المؤتمر تبارى الجميع في التعبير عن حبهم لوطنهم ومليكهم وعبروا عن ذلك بالفعل قبل القول. رعاية سمو الأمير وحضوره وافتتاحه المنتدى أكدت على أن ولاة الأمر يثمنون هذا المفهوم بل وطلبوا في مناسبات عديدة آخرها في هذا المنتدى بان تتحمل الشركات والمؤسسات مسؤوليتها تجاه مجتمعها وتعطي لمجتمعها كما أعطاها مجتمعها. أبحاث المشاركين أشارت إلى أن المسؤولية الاجتماعية هي طريق الشركات والمؤسسات للتربع في قلب المجتمع، وهي طريق التميز والتفرد، وهي طريق العطاء الذي يتبعه مزيد من الأرباح ومزيد من الولاء لعملاء يفخرون بتعاملهم وانتمائهم لشركات (تربعت) في قلب المجتمع و(تربع) المجتمع في قلوبها. ومساهمات الشركات أكدت أن هناك من يتحمل مسؤوليته تجاه مجتمعه حتى وان كان الأمر يستلزم مزيدا من الجهود ومزيدا من العطاء. وإبداعات مؤسسات مبادرة أثبتت أن الأفكار ليس لها حدود إذا ما اقترنت برغبة صادقة في خدمة المجتمع والناس.  وتدشين كرسي المسؤولية الاجتماعية أثبت أن هناك شركات (تسمو) فوق طموحاتها المادية وتعبر فوق محيط منتجاتها وخدماتها؛ لتخدم العلم وتدعمه وتقف في ظهره دافعة له بقوة نحو مواجهة محسومة لصالحه ضد العشوائية والارتجال. المنتدى كان حالة خاصة للغاية، نقلتنا من حديث المال والأعمال والأسهم والأرباح إلى حديث القيمة والمنفعة العامة والتكاتف، ويا له من حديث يغير أشياء كثيرة في حياتنا ويجعلها أجمل وأسهل. نرجو أن تستمر هذه الحالة ويتسع نطاقها وتجذب لاحقاً شركات ومؤسسات مازالت غير متفاعلة مع هذا المفهوم لأنها حقيقة لم تدرك جوهره ولم تدرك أيضاً أنها تفتقد لمكاسب مادية كثيرة عندما تعطي ظهرها لهذا المفهوم وتفتقد سمعة متميزة تضعها بين مصاف الشركات والمؤسسات المتميزة الفاعلة، أيضاً يجب أن ندرك أن المسؤولية الاجتماعية لا تقتصر فقط على تقديم خدمات للمجتمع تساهم في تنميته بشكل مستمر، ولكن أيضاً وطبقاً للمفهوم الحديث لها فإنها تعنى بالعاملين والموظفين داخل الشركة والمؤسسة ومن ثم تسعى لتوفير بيئة عمل صالحة ومحفزة للنجاح. فمسؤولية الشركة تجاه موظفيها هي من صميم مسؤوليتها تجاه مجتمعها. هذا المفهوم يستلزم مزيدا من التركيز من أجهزة رسمية وإعلام وقطاع خاص لأنه يستحق هذا وأكثر.

قد يعجبك أيضًا
مسوق في معبد “الصلعان”..!!
كيف تصبح مليونيراً في عشر دقائق..؟!
تخيل نفسك ميتاً

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة