الرئيسية مقالات في التسويق

كيف تنافس في السوق؟!

“إنّ المنافسة لا تعنى أنْ تفعل مثلما يفعل الآخرون..المنافسة تعنى أنْ تفعل شيئاً مختلفاً وأفضل..فلا تكن منافساً بل كن رائداً أو قائداً في مجالك. إنّ الأشخاص الساعين إلى النجاح يتنافسون مع قدراتهم الخاصة، أمّا الأشخاص الساعون نحو الفشل فهم يتنافسون مع الآخرين، لذا كن غيوراً على قدراتك، ولاتكن أبداً غيوراً من قدرات الآخرين، …أمّا قمة النضوج، فهي حين نفعل أشياء تعجبنا وترضينا ولانفعلها لنثبت أنّنا أفضل من شخص آخر”

أرى أنّ هذه الكلمات تستأثر بالعقل والقلب، إذاً هناك معنى مختلف للمنافسة عن المعاني التي يدركها معظمنا، فالمنافسة لا تعنى أنْ تفعل ما يفعله الآخرون، أو تسير في ذات الطريق الذي شهد نجاح الآخرين، أو أنْ تتبنى نفس الفلسفة التي ارتفع بها الآخرون، أو تتزود بنفس القيم التي تزود بها الآخرون. إنّ المعنى الحقيقي للمنافسة يصل بنا إلى نقطة أبعد من ذلك. إنّه يتعلق بأنْ يستنفر الإنسان ذاته ويتحدى نفسه ليقدّم أفضل مما قدّمه الآخرون، إنّه يتعلق أيضاً بألا ينشغل الإنسان بما يفعله الآخرون بقدر ما ينشغل بما يمكنه من تقديم أفضل مما يقدمه الآخرون.

وفى عالم الأعمال هناك حاجة ماسة لإدراك المعنى الحقيقي للمنافسة. المنافسة في بيئتنا العربية وبصفة خاصة فيما بين المؤسسات دائماً ما تأخذ شكل التقليد، إنّها غريزة القطيع الذي يتجه إلى نفس الاتجاه الذي تحوّل إليه أحد أفراده. فعندما يحقق أحد المنتجات الجديدة نجاحاً في سوق معين، سرعان ما تنهمر منتجات شبيهة تماماً في نفس السوق، وعندما تظهر صناعة جديدة تدر أرباحاً وفيرة، سرعان ما يتسابق الجميع نحو اقتحام هذه الصناعة. الحقيقة أنّ جوهر المنافسة يكمن في القدرة على تقديم الجديد والأفضل. وتقديم الجديد والأفضل يعنى تقديم قيمة مضافة. وتقديم القيمة المضافة ليس من السهل تحقيقه، وإذا تحقق فإنّه يتحقق بتطوير الإمكانيات والمهارات، ويتعلق بوجود رؤية التجديد والتحديث. المنافسة الحقيقية لا تعنى أنّ المؤسسة تعمل لتثبت أنّها الأفضل، ولكنّها تعمل لأنّها تستمتع بتقديم الأفضل. فعندما تعمل المؤسسة لتثبت أنّها الأفضل، هذا يعنى أنّ حدود الأفضل سيرتبط بالحدود التي وصل إليها المنافس مع الوصول إلى خطوة أكثر تقدماً لتثبت أنّها الأفضل، ولكن عندما تستمتع المؤسسة بعمل الأفضل، فهذا يعنى أنّ الأفضل هذا لا حدود له، وإنّما حدوده هي أقصى قدرات الإبداع والتجديد في المؤسسة. وعندما تعمل المؤسسة لتثبت أنّها الأفضل، سوف تعمل وهى تنظر إلى ما يفعله منافسوها، ولكن عندما تعمل المؤسسة لأنّها تستمتع بتقديم الأفضل فسوف تنظر بداخلها أكثر مما تنظر إلى منافسيها، سوف تنظر بداخلها لتستكشف عمق القدرات والمهارات الذي يمكّنها من تقديم الأفضل. حتى نعزز هذه الرؤية دعونا نتابع توجهات المنافسة في مؤسسات السوبر ماركت ببعض الدول الأجنبية، هناك منافسة شرسة بين هذه المؤسسات، وكلّ مؤسسة تبحث عن تقديم الأفضل، إحدى المؤسسات قامت بتقديم عربات التسوق المزودة بالآلات الحاسبة، والتي تتيح للمستهلك إمكانية حساب قيمة مشترياته مقدماً ليحدد مدى ملائمة هذه القيمة لحدود ميزانيته. مؤسسة أخرى ذهبت إلى أبعد من ذلك وأسست مكاناً لرعاية الأطفال وتسليتهم أثناء قيام الأم بعملية التسوق. مؤسسة أخرى قامت بتقديم خدمة إعطاء المستهلك مبالغ نقدية بناءً على طلبه لتضاف إلى قيمة مشترياته، التي يسددها عن طريق شيكات بنكية أو بطاقات ائتمان. وهكذا تؤدى المنافسة في معناها الحقيقي إلى إضافة قيمة جديدة لمجتمع المستهلكين، قيمة أكثر ثراءً من مجرد التقليد أو المحاكاة. إدراك المعنى الحقيقي للمنافسة قد يكون أمراً متاحاً، ولكن الوصول بهذا المعنى إلى حيز التطبيق أمراً ليس باليسير. فهذا يستدعى أن تسود المؤسسة ثقافة متميزة، تلك الثقافة تسير بأي فرد داخل المؤسسة في اتجاه استنفار المهارات الذاتية، والبحث في داخله عن الأجمل والأفضل والأكثر قيمة، أيضاً يجب أن تسود روح الإبداع داخل المؤسسة، فتقديم الأفضل يرتبط دائماً بالإبداع، والإبداع لا مجال لفرضه بالقوة، بل يولد في مناخ وظروف تهيّئ له الفرصة للظهور. وكذلك ينبغي أن تكون هناك آلية تعمل بصفة مستمرة، وتستهدف تقييم إمكانات وموارد وقدرات المؤسسة للتعرف على مصادر القوة، ومن ثَمّ تدعيمها، وتحديد أوجه الضعف ومن ثَمّ علاجها، وتحديد الفرص المتاحة دائماً لتقديم الأفضل. أيضاً في غاية الأهمية أنْ يكون للمؤسسة شخصيّة مستقلة، وفكر غير مرتبط بمنافسيها بقدر ارتباطه بخلق شعور لدى مستهلكيها بأنّهم يحصلون على ما يثرى حياتهم ويضيف لها قيمة.

إذاً دعونا نتخلص من غريزة القطيع، لتحلّ محلّها غريزة التجديد، دعونا ننشغل بتنمية وتطوير أنفسنا وإمكانياتنا أكثر من انشغالنا بما يفعله الآخرون. ولنجعل هدفنا دائماً هو أنْ نضيف قيمة تثرى حياة مجتمعنا.

قد يعجبك أيضًا
كلام الناس.. متى يودّي ويجيب..؟!
ثقافة المؤسسة
عزيزي المدير الجديد..!
تعليق واحد
  • 06/08/2017 الساعة 12:11 ص
    رد

    جميل جدا بالمختصر المفيد

اترك رداً على سفيان إلغاء الرد

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة