الرئيسية جديد الموقع مقالات في الادارة مقالات في التسويق

ضحايا ريادة الأعمال..!

ريادة الأعمال تعيش الآن قمة مجدها، الحديث في وسائل الاعلام وقنوات التواصل عن ريادة الأعمال لا يتوقف، وقصص رواد الأعمال تحاصرنا من كل إتجاه، وفي معظم مؤتمراتنا وندواتنا لا نشعر بالإرتياح إلا إذا وضعنا ريادة الأعمال في جملة مفيدة، والمؤسسات الأكاديمية عندما لا تجد جديداً تقدمه لا يسعفها إلا تجارب ريادة الأعمال، ومراكز التدريب تصنع خبزها من ريادة الأعمال.

هذه الحالة جعلت كثيرين من الصغار والكبار ينامون ويحلمون بأن يتحولوا بين عشية وضحاها إلى رواد أعمال مثل الذين يسمعون عنهم والذين يمتلكون ثروات طائلة، وشركات عمالقة، ومشروعات حالمة ومحفزة..! فالمستقبل كما سمعوا يفتح أبوابه لرواد الأعمال ويغلقه أمام غيرهم، إلى درجة أن بعض الموظفين أصبحوا ناقمين على وظائفهم، وظائفهم تعطيهم الفتات مقارنة بالخير الذي ينعم فيه رواد الأعمال (لازلت تؤذي أذني مقولة ذاك المدرب المشهور: أنت موظف إذن أنت عبد..!). حتى الشباب الذين يتخرجون من الجامعة وبلا خبرات حقيقية تشغلهم كثيراً ريادة الأعمال. ريادة الأعمال أصبحت بضاعة رائجة في سوق تتناثر أشلاء الضحايا على أرضه، وضحايا ريادة الأعمال هم مَنْ لا يصلحون لريادة الأعمال.

تصور أن كل الناس تصلح لريادة الأعمال هو تصور ينافي المنطق ولا يقره الواقع. ريادة الأعمال وإن كانت تحمل في داخلها عوامل جذب كثيرة إلا أنها أيضاً لا تصلح للجميع. رائد الأعمال له مواصفاته الخاصة وهذا لا يعني أن إمتلاك هذه المواصفات ضرباً من الخيال، لكنها طبيعة الانسان، وكل ميسر لما خلق له. لكل انسان تكوينه الشخصي الذي يختلف فيه عن غيره، هناك شخص لا تتوافق تركيبته النفسية والذهنية مع متطلبات ريادة الأعمال، على سبيل المثال شخص بطبعه غير مغامر ويعيش حالة من الارتباك في مواجهة المخاطر، ويبحث عن الأمان والاستقرار والهدوء في كل جوانب حياته، هل يصلح أن يستقيل هذا الشخص من وظيفته أو يهرب من بطالة مؤقتة ويلقي بنفسه في سوق يكره أمثاله ولا يرحمهم؟ هل يصلح أن نقنع شخصاً ما بأن برنامج تدريبي مكثف أو كتاب مترجم يستطيعا أن يغيرا في تركيبته النفسية والذهنية بسهولة وفي بضعة ساعات؟!

ريادة الأعمال تتطلب صبراً وقدرة على التحمل، وتتطلب مرونة وقدرة على التوافق مع التغيرات، وكثيرون من مشاهير رواد الأعمال عاشوا فترات عصيبة كان من الممكن أن تقضي عليهم وتنهي حياتهم لولا أن طبيعتهم وتركيبتهم كانت كحائط صد في مواجهة الأعاصير، وكثيرون فشلوا في التحول إلى رواد أعمال وخسروا الجلد والسقط لكننا نتحاشى ذكرهم وذكر تجاربهم الفاشلة حتى لا تؤثر على بضاعتنا في السوق. ومن ناحية أخرى هناك الناجحون في وظائفهم والمستقرون في شركات كبيرة أو مؤسسات مرموقة تقدرهم وتنفق عليهم بسخاء وتضع أمامهم سلماً رائعاً للترقي والتطور المهني والمادي والمعنوي، في لحظات مجنونة يتخذون قرارهم بالرحيل ليضيق عليهم الرزق بعدما إتسع وتُغلق أمامهم الأبواب بعدما فُتحت..!

علينا نحن المهتمون بترويج ريادة الأعمال أن نكون أمناء مع الآخرين فلا نصعد على جثثهم، علينا أن نعطيهم بضمير وأمانة أدوات تمكنهم من تقييم أنفسهم وأوضاعهم قبل اختيار طريق قد يكون فيه نهايتهم، وعليهم هم أيضاً أن يكونوا أمناء مع أنفسهم ولا يكون التقليد أو مسايرة الموجة أو النظر لما في أيدي الآخرين مؤثراً في قرارات قد يدفعون ثمنها غالياً. لنهدأ قليلاً ونسحب نفساً طويلاً ونفكر بموضوعية بعيداً عن الأهواء والعواطف حتى نصل إلى قرارات تبنينا ولا تهدمنا.

قد يعجبك أيضًا
أحسن الله عزاكم وغفر لميتكم..!
كلام الناس.. متى يودّي ويجيب..؟!
إلى زميلي في العمل العزيز
تعليق واحد
  • فوزية
    16/03/2021 الساعة 1:36 م
    رد

    في الصميم دكتور،،
    وقد مررت بالتجربة بالفعل،، وأرى أنها فوق كل ما ذكرت مكلفة مادياً..
    مؤيدة بقوة لما ذكرت،، واتمنى أن لا يُدفع بالشباب في هذا الاتجاه..

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة