الرئيسية مقالات في الادارة

سابك ونظام الحوافز

طالعتنا الصحف خلال الفترة الماضية بأنباء تتعلق بشركات سابك التي بدأت تعيد النظر في أنظمة الحوافز التي تطبقها في الشركة، جاء هذا الاتجاه بعد اعتماد نظام للحوافز أثار ضجة بين موظّفي شركات سابك. وكانت الشركة قد قامت بتحليل نتائج استبيان أجرته شركة أجنبية، تعاقدت معها «سابك» لدراسة النظام، واستطلعت الشركة آراء الموظّفين، من خلال استبيان وزَّعته عليهم بواسطة الشبكة الإلكترونية الداخلية للشركة، وأبدى غالبية الموظّفين اعتراضهم على النظام، وشهدت الأشهر الأخيرة تصاعد شكاوى موظّفي شركات «سابك» من بنود في نظام الحوافز، اعتبروها مجحفة في حقهم، وأشاروا إلى أنّها لا تراعي صغار الموظّفين، ومن يعملون في جهات بعيدة عن إدارتهم، مثل الورش والمصانع ونحوها، وكون النظام الجديد جعل التقييم بأيدي مسئوليهم المباشرين، مما يؤثر على ترقياتهم وعلاواتهم السنويّة والأرباح السنويّة التي توزعها الشركة على موظّفيها، والتي تصل إلى رواتب ثلاثة أشهر.
مارس الموظّفون بعض الضغوط، وقاموا بتبادل رسائل عبر البريد الإلكتروني، تحث زملاءهم على التصويت لصالح التعديل، كما نشطوا في منتديات الإنترنت، التي يجدون فيها متنفّساً حراً ومريحاً للتعبير عن همومهم وامتعاضهم من أنظمة الشركة الداخليّة، وبخاصة المتعلّقة بالتقييم.
تجاوبت إدارة سابك مع انطباعات وتوجهات الموظّفين، وأخذت ملاحظاتهم بعين الاهتمام، وبادرت بوضع حلول سريعة لمشكلاتهم من خلال إجراء استفتاء لجميع العاملين في جميع الشركات التابعة حول النظام وملاءمته لهم عبر البريد الإلكتروني للشركة، حيث تسعى سابك وبكل قوة إلى الحفاظ على موظفيها من التسرب إلى شركات منافسة كبيرة من المتوقع دخولها إلى السوق في ظل الانفتاح الاقتصادي. الحقيقة أنّ الخبر الذي قرأته في جريدة الحياة على وجه التحديد أثار لديّ عدّة ملاحظات:

  • بالفعل التحفيز في عصرنا الحالي هو أداة إستراتيجية بالنسبة لكلّ شركة تسعى إلى تحقيق أكبر معدلات الإنجاز. وهناك مقولة صائبة تماماً مفادها أنّ أسوأ إفلاس في العالم هو الرجل الذي يفقد حماسه. دع رجلاً يفقد كلّ شيء في العالم إلا حماسه وسوف يخترق الصفوف مرة ثانية إلا النجاح“******.( الجزء الأخير من العبارة غامض) والتحفيز هو أحد الطرق الرئيسية المؤدّية لتنمية مستوى الحماس والدافعية لدى الموظّفين. لقد أثبتت الأبحاث على مدار سنوات طويلة أنّ للناس احتياجات في أماكن عملهم وفي حياتهم الشخصيّة، وأنّ إشباع هذه الاحتياجات هو أقصر طريق نحو الحصول على أفضل ما عندهم.
  • الموظّفون في عالم اليوم تمردوا على طبيعتهم المعروفة وهي الاستسلام لتوجهات الإدارة والانصياع الكامل لقراراتها، بل أصبحوا يشكلون قوة تفاوضية ذات شأن في مكان العمل، وفي الشركات الكبيرة عادة ما يشعر الموظّفون بقيمتهم الكبيرة، ويشعرون أيضاً أنّهم قادرون على ممارسة الضغوط بشكل حضاري لا يضرّ مصلحة العمل، والإدارة المحترفة هي التي لا تدخل في صراعات مع موظّفيها مطبّقة منهج: “المكسب لطرف والخسارة لطرف آخر” ولكنّها في سعيها بكل قوة إلى تطبيق منهج يحقق المكاسب لجميع الأطراف. والإدارة المحترفة أيضاً تكون دائماً على استعداد لتغيير أنظمة بأكملها إذا ثبت أنّها لا تسير في مصلحة العمل، وتلحق الأضرار بأعظم مورد تمتلكه وهو المورد البشري.
  • تمارس التكنولوجيا الآن دوراً كبيراً في زيادة فاعلية الاتصالات في مكان العمل، فشركات سابك يبلغ عددها 13 شركة متفرقة في أماكن عدّة، ومع ذلك استطاع الموظّفون أنْ يتصلوا ببعضهم البعض بسرعة كبيرة، ويتفقوا على تقديم اعتراضاتهم ومقترحاتهم. والإدارة المحترفة هي التي تدرك أبعاد هذا التطور  وتضعه في اعتبارها، فالموظّفون الآن أكثر ارتباطاً ببعضهم البعض خاصة فيما يتعلق بمصالحهم الجماعية.
  • مازلنا في شركاتنا ومؤسساتنا العربيّة نعاني من مشكلة تقييم الأداء، وإذا كانت هذه المشكلة برزت في شركة كبيرة بحجم سابك فكيف هو الأمر في الشركات المتوسطة والصغيرة، ومازلنا نفتقد لوجود معايير موضوعية في التقييم، فالتقييم من المفترض أنْ يكون منظومة متكاملة يشترك فيه أكثر من طرف، ويحتوي على مؤشرات خاضعة للقياس بعيداً عن الرؤى الشخصيّة. المشكلة الأخرى أنّ الموظّف في كثير من الأحيان لا يدرك معايير التقييم وكيفية استخدامها في تقييم أدائه. ولعله من المفيد هنا أنْ نذكر أيضاً أنّه في بعض الشركات العالمية يقوم الموظّفون بتقييم مديريهم!
  • المنافسة المحتدمة والمتوقع حدوثها في بيئة العمل السعوديّة خلال السنوات المقبلة ستجبر جميع الشركات على تغيير الكثير من أنظمتها خاصة فيما يتعلق بالموارد البشرية حفاظاً عليها وحماية لها من أطماع المنافسين، لذا قد يكون من الأفضل أنْ يتم التغيير الآن بدلاً من أنْ يفرض علينا في المستقبل.
  • لجأت شركة سابك إلى شركة أجنبية لدراسة نظام الحوافز من خلال إجراء استبيان مع الموظّفين، ويبدو أنّه لا توجد شركات وطنيّة قادرة على تقديم مثل هذه الخدمة البسيطة وغير المعقّدة. هل هذا يعني أنّ الشركات الأجنبية ستحتكر الخدمات الاستشارية في المملكة خلال السنوات المقبلة؟ وإذا كان هذا من المتوقع حدوثه فمالذي فعلناه لتشجيع مؤسساتنا الوطنية ومستشارينا على التواجد بقوة في هذا السوق؟ وهل سيكون من الملائم أنْ تحتكر الشركات الأجنبية خدمة تجميع وتحليل معلومات مؤثّرة جداً وهامة تتعلق بقطاعات مختلفة في مجتمعنا؟
قد يعجبك أيضًا
التفويض…طريق النجاح
ما بين (مجانًا) .. و(خذ الباقي)!!
جامعاتنا ليست حلم المتفوقين..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة