الرئيسية جديد الموقع مقالات في المالية

انهيار سوق الأسهم.. كيف تنجو من الطوفان..!

دوام الحال من المحال في سوق الأسهم، في حال الرواج يتذوق المستثمر الشهد ويحقق مكاسب ربما لم يكن يحلم بها، المائة تصير ألفاً والألف تصبح مائة ألف والمائة ألف تتحول إلى مليون، ومن بدأ بمليون يكسب ملايين. أما في حال التراجع والانهيار تختنق الأنفاس وتتسارع ضربات القلب وتتبخر الأحلام وتستعد المستشفيات لاستقبال ضحايا أسهم قاتلة وبلا رحمة، حدث هذا في يوم 26  فبراير (أطلقوا عليه فبراير الأسود) من عام 2006 وكان عدد الشركات المدرجة حينها في البورصة 67 شركة، وكانت الخسارة فادحة حيث بلغت 2  تريليون ريال سعودي، وشهد السوق حالات إفلاس مأساوية  بين المستثمرين الكبار وكذلك متوسطي الدخل الحالمين بتحسين دخولهم، وأتصور نسبة ليست قليلة من وفيات ذلك الشهر كانت لمستثمرين في سوق الأسهم.  لذا فثقافة التعامل مع حالة إنهيار سوق الأسهم هي ثقافة حتمية لكل من يعمل في هذا السوق. وفي هذه الأيام الكل يتحدث عن الأنهيار القادم لسوق الأسهم والعاصفة التي ستحصد ثروات الجميع؛ ويوميا تطالعنا الصحف والقنوات بتوقعات الخبراء والاقتصاديين وتقارير أبحاث الشركات المالية بخبر “جاكم الذيب.. جاكم..!”.  هنا سنتعاون ونضع خطة حماية تساعد المستثمر على تقليل الخسائر على محفظته في حال حدوث أي تهاوي في السوق لا قدر الله.

أولا: صحيح أن الخبراء يجمعون أن الركود قادم وأن الأزمة على الأبواب وأن الدورات الاقتصادية هي أشبه بالليل والنهار لا بد وأن تمر على الأسواق من فترة لأخرى؛ ومع ذلك نحن نجزم أن لا أحد يستطيع وبجهة الدقة أن يعلم متى هذا التحول سيقع؛ ولو تأملنا لوجدنا أننا ومن ثلاثة أعوام ونحن نسمع من يحذر من أزمة للسوق وشيكة؛ ومع ذلك فإن نفس هذه الفترة هي التي شهدت أسواق عديدة وخاصة السوق الأمريكي أفضل أداء لها. في ظني التعامل مع الحذر مع السوق والاستعداد الجيد والذكي للأزمة أفضل من الانتظار والخروج واعتزال السوق بالكلية.

ثانيا: نظف المحفظة: أنت لن تستطيع التحكم في مسببات الأزمة الجوسياسة والاقتصادية مثل أداء الشركات وحجم الدين العام والتضخم العالمي ومستوى ثقة الأفراد؛ ولكنك تستطيع التحكم في قراراتك الاستثمارية وطريقة شراءك واختيارك للأسهم. أول خطوة في طريق بناء محفظة قابلة للمقاومة والنماء أثناء الأزمات هو تنظيفها من كل الثقوب التي يمكن أن تجعلها تغرق بالطوفان القادم. تخلص من الشركات ذات المديونية العالية والأداء الضعيف.. ابتعد عن الشركات التي تتأثر بالركود (مثل شركات المستلزمات الكمالية والرفاهية)؛ تخلص من الشركات ذات المخاطر العالية والتذبذبات المرتفعة. علمتنا الأزمات أن الشركات العظيمة بمنتجاتها وأرقامها المالية تظهر عظمتها أكثر في أوقات الأزمات ويظهر وفائها لأصحابها في مرحلة ارتداد السوق. الحذر والتدقيق في عملية اختيار أسهم المحفظة شيء محمود ومطلوب في كل الأوقات ويزداد أهمية وحاجة في مثل هذه الأوقات؛ لذا دائما اشتر بهامش آمان وابن محفظتك واختر أسهمك وكأن الأزمة على الأبواب.

ثالثا: تخلص من القروض الاستثمارية: البعض يتحمس في أوقات النشوة والرواج إلى التوسع في استخدام الرافعة المالية واستثمار بعض الفرص اعتمادا بشكل كبير على الاقتراض من البنوك. القروض الاستثمارية هي بمثابة الوقود لإشعال النار؛ يمكن أن تكون وسيلة رخيصة وسهلة وسريعة لأشعال النار وزيادة توهجها إذا تم استخدامها بمنطق وعقل وحكمة؛ ولكن في حال إدارة هذه العملية بطريقة سيئة وتم سكب البنزين على النار بطريقة عشوائية وبشكل مبالغ فيه قادت للحريق وأكلت الأخضر واليابس.

رابعا: توزيع الأصول: بداية فان توزيع الاستثمار على فئات الأوعية الاستثمارية المختلفة هو حائط الصد الأول في مواجهة حالات انهيار السوق، لاتضع البيض كله في سلة واحدة، حكمة قديمة وصلت بكل تأكيد لآذان المستثمرين وغير المستثمرين، إذا إفترضنا على سبيل المثال أنك تملك مبلغا لغرض الاستثمار فضع جزءا منه في سوق الأسهم والباقي وزعه على كل الأصول الأخرى ماعدا سوق الأسهم. استثمر جزء محدود في الذهب فهو صديق الأزمات والملجأ الأمن وعادة ما يرتفع في وقت الازمات.. أو الصكوك والسندات أو في العقار أو البضائع أو المعادن الثمينة.

خامسا: تنويع الأسهم: لا تشتر أسهمك كلها من شركة واحدة، وزّع أسهمك على عدة شركات، حسب الحجم ومجال النشاط والمنطقة الجغرافية والصناديق الاستثمارية وعندما يأتي الطوفان ربما ينجو سهم أو إثنين أو ثلاث تكون سبباً في بقائك على قيد الحياة. أيضا ينصح البعض في حيازة أسهم دول أخرى مثل الهند أو الصين أو أوربا.. فبعض اقتصاديات الدول متعاكسة بمعني تتحسن بتأثر وضعف غيرها. عموما الاحتفاظ بمحفظة استثمارية متنوعة، غالباً ما يحد من تبعات الآثار السيئة لنزيف سوق الأسهم.

سادسا: استثمر في الأسهم الدفاعية والأسهم ذات العوائد: الأسهم الدفاعية تستطيع أن تعتمد عليها في الدفاع عن أموالك وأحلامك في سوق الأسهم، الأسهم الدفاعية تخص شركات لديها القدرة على مواجهة الأزمات لأن طبيعة منتجاتها لا تتأثر كثيراً أو لا تتأثر مثل غيرها عند حدوث الطوفان، شركات الوجبات السريعة والتجزئة الغذائية والأدوية والاتصالات والخدمات الصحية والتأمين، جميعها نماذج لشركات تصدر أسهماً آمنة وقادرة على الصمود وتتسم بانتظام أرباحها وارتفاع توزيعاتها. الأسهم ذات العوائد المستمرة حتى لو انخفضت أسعارها؛ أرباحها الموزعة تساعد على تخفيف الضغوط وتوفر سيولة للبقاء في عالم الاستثمار.

سابعا: السيولة: يمكن للأزمات المالية؛ إذا كنت مستثمرا ذكيا وحذرا؛ أن تكون حليفك وباب السعادة عليك بدلا من أن تكون عدوك. الاحتفاظ ببعض السيولة أحد أسباب الصمود في فترات الانهيار، المستثمر عندما يضحك له السوق تسلب النشوة حكمته فيضخ كل ما يملكه في سوق لا يؤتمن، وعندما تحدث الحادثة يفقد كل شي في لحظة واحدة، أيضاً فقدان السيولة يعني فقدان الفرص، فرص غير متوقعة تأتي في أوقات تكون العين فيها بصيرة واليد قصيرة. وكذلك عندما تهبط أسهم الشركات الكبيرة والمتميزة تتاح الفرصة لشرائها لأن أوضاع هذه الشركات وأمكاناتها وقياداتها الاحترافية يتيح لها العودة من جديد ومن ثم ترتفع أسهمها لتحقق للمستثمر مكاسب كبيرة وتنقله خطوات للأمام.

ثامنا: احذر من ردود الأفعال العاطفية والبيع العشوائي: في فترات الانهيار تتفاقم الأزمة بسبب حالة الهلع التي تعتري المستثمرين فيهرولون كالمجانين ويبيعون ما في جعبتهم ويساهمون بشكل كبير في تفاقم وتأزم الوضع (في اليوم الثاني من طوفان فبراير 2006 تم بيع 1.5 مليون سهم في الدقيقة الأولى للتداول). عليك بالهدوء أثناء الأزمة؛ تمسك بفلسفتك وبمبادئك الاستثمارية؛ لا تؤمن بكل ما تسمع ولا تثق بكل مصدر ولا تعط عقلك للأخرين.

تاسعا: اصنع من الليمون عصيرا: كثير من الثروات تصنع وقت الازمات وعدد من أصحاب الأرقام الفلكية تضخمت أرصدتهم بسبب أخطاء الأخرين وسوء ادارتهم لأموالهم في الازمات. الركود فرصة للشراء وسقوط أسعار الأسهم لقطة لاختيار جواهر السوق بسعر زهيد.  تجهيز قائمة بالشركات المختاره وتوفير قدر من السيولة والشراء التدريجي والثقة بالنفس هي كل ما تحتاجه لتصنع عصيرك.

أخيراً، في سوق الأسهم لن تأتي الرياح دائماً بما تشتهي السفن ولكن عندما تأتي يظهر الفارق الكبير بين مستعد لها ومصدوم بها، ومعادن المستثمرين تظهر وقت الشدائد.

قد يعجبك أيضًا
ادارة الدول وادارة الشركات… القواسم المشتركة
القواعد السبع للمتاجرة بالأسهم على طريقة وارن بافيت..!
إلى وزارة التعليم: فضلاً..علمونا كيف نعيش الحياة

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة