الرئيسية مقالات عامة

الصحافة…الأداة المعطلة

الجميع يتفق – باستثناء الفاسدين وأعوانهم – على أن الفساد بأوجهه المختلفة يقوض موارد المجتمع وامكانياته، وأنه يقف سداً منيعاً أمام توجهات المجتمع نحو التطوير والتقدم. وبالأرقام فقد أشار المتخصصون الى أن الفساد الاداري بالمملكة يتسبب في خسائر تبلغ نحو 3 تريليون ريال!!. منذ عدة شهور صدر قرار ملكي بتأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تحت الاشراف المباشر للملك عبدالله – حفظه الله – واستهدف هذا التوجه تطوير وتدعيم وتنظيم جهود مكافحة الفساد الاداري بالمملكة واتفق الجميع على حتمية تطبيق هذه الهيئة آليات تمكنها من تحقيق الأهداف المرجوة منها وتتجنب الوقوع في فخ البيروقراطية التي أودت بحياة هيئات ومؤسسات سبقتها في هذا المجال. بالتأكيد أن لهيئة مكافحة الفساد وسائله وأدواتها في اكتشاف الفساد ، ولكن تظل هناك وسيلة وأداة هي الأخطر والأكثر تأثيراً في رصد مواطن الفساد وصوره، انها الصحافة..نعم الصحافة التي من المفترض أن رسالتها تجاه مجتمعها تتضمن وبشكل صريح وعملي سعيها لكشف الفساد وتوجيه الرأي العام نحو مواطنه ومواقعه الظاهرة والمستترة، والسؤال هنا هل تمارس الصحافة السعودية الدور المطلوب منها باعتبارها أداة استراتيجية في كشف ومكافحة الفساد؟؟ اذا كنا نتحدث بشفافية ولدينا رغبة صادقة في خدمة مجتمعنا وحمايته من الفساد والمفسدين سنجزم بأن الصحافة السعودية لاتمارس دورها المطلوب في هذا الاتجاه، ومن السهل اثبات ذلك: كم قضية فساد كشفتها الصحافة خلال السنوات القليلة الماضية؟ كم حملة صحفية متكاملة ومكثفة قامت بها صحيفة ما خلال للتحقيق والكشف عن ممارسات فاسدة أو يشوبها رائحة الفساد؟ كم قضية حققت فيها الصحف وتحولت الى قضية رأي عام؟ ماهي المساحة التي تحتلها التحقيقات الصحفية الاستقصائية في صحفنا المختلفة مقارنة بالمساحات المخصصة لبيان الانجازات والاحتفالات والاستقبالات..الخ؟ كم عدد مقالات الرأي المنشورة والتي طرحت بشفافية قضايا تتعلق بالفساد أو تنتج عنه؟ وكم عدد مقالات الرأي غير المنشورة؟! الحقيقة أن عدم قيام الصحافة بالدور المأمول منها في كشف هو الفساد هو نتيجة لأسباب متعددة، منها ما يتعلق بحدود الحرية المسموح بها للصحف ووسائل الاعلام بصفة عامة، ومنها ما يتعلق بالقصور في ممارسة حرفة الصحافة والتمكن من أدواتها ، ومنها ما يتعلق بافتقاد القدرة على الموائمة والموازنة بين الأدوار الحقيقية والمنطقية للصحافة وبين طبيعة وخصائص البيئة المحيطة بها والمؤثرة فيها. نحن في أمس الحاجة الآن للتعامل مع تلك الأسباب وغيرها والسعي الجاد لتطوير أداء ومخرجات المؤسسات الصحفية، فهناك معطيات جديدة اليوم تفرض علينا استثمار كافة الوسائل والأدوات والأنظمة التي تمكننا من تطوير مجتمعنا وتدعيم مكتسباته، ليس خافياً على الجميع أن الفساد كان هو العامل الأكثر تأثيراً في صناعة أوضاع جديدة وغير مسبوقة في دول ومجتمعات محيطة بنا، وليس خافياً أن الفساد كان بالمرصاد للعديد من القوانين والقرارات والتوجهات التي استهدفت تحقيق مصالح مجتمعنا وطموحات..و لهذا يجب اصلاح الأداة المعطلة والأكثر تأثيراً في كشف الفساد..يجب اصلاح الصحافة.

قد يعجبك أيضًا
البقرة البنفسجية..!!
نافس على المواهب
المسار الآمن..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة