الرئيسية جديد الموقع مقالات في الادارة

الراية البيضاء..!

يا ليت كان انشل قلمي قبل أن أكتب هذا المقال (وتبقى ايدي بالطبع سليمة) فهو السبب بالطبع في أزمتي الحالية، لو كنت أدري أن المقال الذي كتبته والذي تم نشره هنا الأسبوع قبل الماضي بعنوان “أختي الموظفة هنا مكتب للعمل وليس مجلسا للحش” سيتسبب فيما تسبب لكنت قصفته بيدي وأسلت حبره على ضفاف مكتبي قبل أن يسيل دمي أنا ويتفرق بين القبائل.

يا لقلمي المخادع أذاقني عسلاً بكلمات وجدت صدى عند القراء وجعلتني وجهة لمديحهم وثنائهم حتى ظننت بنفسي الخير ووثقت بقلمي، وتصورت أن كل ما أكتبه أياً كان مضمونه سينزل برداً وسلاماً على الجميع، وثقت في قلمي وتيقنت أنه لن يخذلني فهو سبب سعادتي واعتزازي، كان هذا شعوري واحساسي تجاه قلمي، إلى أن استيقظت يوماً على أصوات الرصاص المصبوب وأزيز الطائرات الرهيب تهاجمني في مسكني المتواضع في «تويتر»، عطلوا جرس الإنذار الذي جهزته خصيصاً لمثل هذه الحالات (فأخذ الحيطة مطلوب دائماً) لم أسمع صافرة أو صوتا ينادي بالتوجه إلى أقرب نفق للاحتماء، الهجوم كان بلا هوادة، والضربات تأتي من كل جهة؛ في البداية استطعت وبصعوبة شديدة وباستخدام المناظير المكبرة أن أتبين مصدر الهجوم؛ ويا لفجيعتي كان الهجوم من مقر أخوات وزميلات فاضلات بجامعة الدمام، موظفات ومديرات وقيادات يعلم الله أنني أقدرهن واحترمهن جميعاً، كن يمسكن في أيديهن ورقة جريدة أعرفها جيداً فهي الجريدة التي تنشر إبداعات قلمي وسخافاته، طولت رقبتي – ويبدو أنها المرة الأخيرة التي ستطول فيها – لأتبين ما هو مكتوب في الورقة، نعم أستطيع أن أقرأ بوضوح (أختي الموظفة عذراً.. هنا مكتب للعمل وليس مجلساً للحش) طيب مالي أنا ومال الموظفات.. وش دخلني في مكاتب العمل ومكاتب الحش.. اللي يبغي يحش يحش أنا أقدر أمنع أحد.. إذا أنا نفسي أحش.. وغارق إلى أذني بالحش من معاليه إلى من يقدم لي قهوة الصباح المصاحبة لجلسة الحش..! قربت المنظار ودققت في الورقة، يا الله ما هذه المصيبة السوداء هذه صورتي وهذا اسمي، يعني الموضوع أنا اللي كاتبه، لا..لا مو أنا اللي كتبته، هذا قلمي، يا أحمق..يا أخرق..! سويتها وورطتني، كان عندي احساس إنه بيجي يوم وتورطني، ذهبت له مسرعا حيث يتربع على مكتبي وهو يضع رجلا على رجل وكأنه ما فعل شيئا، صرخت في وجهه ايش سويت يا ملقوف، انتفض في وجهي وقال عسى ما شر.. وش فيك؟! تقول وش فيني ما تشوف الصواريخ نازلة أرض جو على رأسي بسببك، ما قرأت الحش اللي كتبوه عني وصارت سيرتي على كل لسان.. وش أنت كاتب في خلق الله وفي بنات الناس الموظفات علشان يعلنوا علي الحرب العالمية الثالثة، نظر لي بنظرة فيها خوف ولا تخلو من خبث.. أخذ نفسا عميقا.. قال لي: والله ما قلت شيء غير أنه فيه هناك بعض الموظفات بيحشوا في وقت العمل وأن المرأة بطبعها تحب الحكي والكلام، يعني كلام قالوه مليون مرة قبلي في مقالات وكتب ومسلسلات بس يمكن أنت ما كنت مركز وأنا أخذت راحتي شوي في الكلام وزودتها حبتين، مسكته من رقبته وقلت له طيب أنت جبت سيرة موظفات في جامعة الدمام؟ رد أبداً والله والعظيم ولا طريتهم.. كيف أتكلم عنهن وأنت تعمل معهن ودائماً تتشكر من أدائهن وتذكر أنك تتعلم منهن أصول الإدارة وأنت أبو العريف في هذا العلم..! طيب يا غبي ما تدري أني لما أكتب عن الموظفات من الطبيعي أنهن قد يقرأن مقالي وقد يظن البعض منهن أني أقصدهن، يعني لو حلفنا أنا وأنت لهن بالله لن يصدقن، قال لي قلمي حاشاك وحاشاهم دكتور.. وبعدين ليش نحلف .. يا دكتور قل لهن يرجعن لمقالاتك اللي سطرتها مدحا فيهن .. ذكرهن بدراسات علمية شاركت فيها من أجل فتح فرص عمل تليق بهن .. خبرهن أنك لم تقصد كل موظفة وأن حديثك كان موجها بشكل أساسي للموظفة الثرثارة لا أكثر ولا أقل..؛ علمهن أنك ناقد.. والناقد غالبا لا يرى إلا السلبيات ودائما ما تنقصه الذرابة ويفتقد اللطف وتكون سكينه حادة ومؤلمة..! وضح لهن أن عبارة (المرأة هي المرأة مهما تعلمت ومهما عملت) كنت تقصد بها بقاء صفاتها الغالبة عليها مثل العاطفة والأنوثة والعطاء وطبعا كثرة الكلام.. آه منك يا قلمي كم أنت بشع.. ما تدري أنهن لن يصدقنني ولن يصدقنك، انتبه.. شكله فيه صوت طيارات قادمة من بعيد.. والله واحلو الهجوم.. صار يجي من كل مكان مو بس من الجامعة. وهقتني.. وورطتني يا قلمي الكسيف.. أنت بالفعل تستحق تقليما لأظافرك وتهشيما لرأسك.. والآن قل لي ما العمل .. كيف نتصرف.. وش نسوي.. فكر معي..! وجدتها.. نعم هذا هو الحل.. يا الله لا يفوت الوقت ..ارفع معي الراية البيضاء.. نعم ارفع.. ارفع .. والآن اكتب هذا التعهد “والله العظيم ثلاثة أنتن في القلب والعقل والعين، كان واجبا ألا أعمم الكلام، وأنا أعترف بالخطأ أني استخدمت بعض العبارات القاسية، وكان لازم أفهم أنكن حساسات للغاية وما تتقبلن النقد بروح رياضية مثلما يتقبل الرجل، وموظفات جامعة الدمام تاج على رؤوسنا والجامعة جالسة تتقدم بهن مثل ما تتقدم بدور الرجل أو أكثر؛ وهذا ليس كلاما مرسلا هذا واقع الجميع يعترف فيه، مو بس كذا.. بل كل الموظفات في المملكة على راسنا من فوق؛ حتى اللي بيحشوا، خلوهم يحشوا براحتهم؛ أصلا الحش في العمل مفيد وبيجدد الطاقة والحماس.. ويقتل الملل ويعطي نكهة لوقت الدوام..!”. والآن طير لهن الورقة يا قلمي قبل مايطيرننا أنا وأنت من الدنيا كلها؛ وإياني وإياك تكتب عنهن مرة ثانية .. نظر لي قلمي المسكين وذهب بكل أسى وحزن والدموع تتساقط من عينه وهو يردد “توبة إن كنت “أكتب عنك” تاني توبة.. بس اسمح عني مرة وتبقى دي آخر نوبة..توبة..!”.

قد يعجبك أيضًا
مستقبلنا يصنعه مدراؤنا
سنة أولى أسهم
تعيش الوظيفة الحكومية..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة