الرئيسية مقالات في التسويق

التســويق الشــعـبي..!

كل المجتمعات لها تراث شعبي تفتخر به وتحافظ عليه، وترى فيه تاريخها وعمقها الزمني .. وتعتبره الجسر الذي يربط جيلها الحاضر بأجيالها السابقة.

والتراث الشعبي في المجتمعات الإسلامية قيمته وأهميته بقدر ما يسهم في تنمية الأخلاق والقيم ويحافظ على اللغة والدين، وقد كان للتراث الشعبي في الجزيرة العربية دور في التأكيد على بعض الأخلاق الإسلامية مثل الكرم والشجاعة والتعاون ونصرة المظلوم والقيام بحق الجار …. مما يستحق أن يبرز وينشر.

وبحكم أن أهل الجزيرة العربية ليسوا بأهل زراعة وفلاحة، حيث أن بلادهم تفتقر إلى الأمطار وتتميز بالمناخ الحار، فقد ساعد ذلك أهلها على امتهان المهن الحرة والاشتغال في التجارة والبيع والشراء والرعي. لذلك تميزوا في هذا الجانب وعرفوا بشطارتهم و ’سناعتهم‘ وجودة بضاعتهم وصدق معاملتهم .. وبرز منهم تجار … صنعوا لهم سمعة واسماً مازال بريقه لامعا إلى عصرنا الحاضر.  ولأن الأمثال الشعبية في الغالب تعبر عن آراء القوم وكيف كانوا يفكرون .. وهي صوتهم الذي يَعبرون من خلاله عن نظرتهم إلى الأشياء وتصورهم عن أحداث الحياة .. لذلك قف معي على بعض الأمثلة التي كانت معروفة في نجد، وكانت متداولة بين التجار والباعة، لنعرف من خلالها على مدى ما كان يتمتع به آباؤنا الأوائل من ذكاء تجاري وحسن نظر وتقدير في مجال البيع والشراء.

 

إلى غبنوك بالفلوس اغبنهم بالجلوس:

يقصد هذا المثل أنه إذا كان منافسوك وزملاؤك في العمل التجاري أكثر نقودا وبيعا منك، فكن أنت أكثر منهم ملازمة لمتجرك، وواظب على الجلوس فيه تكن أكثر تصريفا لبضاعتك، وبذلك تكون أكثر ربحا منهم. لقد علم الأولون بحسهم التجاري أن خدمة العميل والحرص على أن يكون المحل متاحا للزبون في أوقات يغلق فيها المنافسون متاجرهم يعطي مزية وقيمة للمحل ويساعد على نجاحه وتفوقه.

 

نصف المال نظرة:

أي أن نصف تقدير قيمة البضاعة المعروضة للبيع يرجع إلى حسن منظرها وطريقة عرضها، ويضرب هذا المثل في الحث على الاعتناء بمظهر البضاعة وتقديمها بالشكل الجذاب. وقد أصبح المبدأ يعرف في العلم الحديث بمبدأ التغليف Packaging    وهو من أهم الأدوات التي تستخدمها الشركات الكبيرة في تسويق وإنجاح منتجاتها. ويشمل دراسة اللون وطريقة الكتابة والحجم والشكل ونوع المواد المستخدمة في التغليف الخارجي.

 

لا تترك زبون برجا زبون:

ومعناه لا تترك البيع على شخص مقبل على الشراء رجاء أن يأتي غيره فيدفع أكثر منه، لأن الشخص المرجو قد لا يأتي إطلاقا. والمقصود من هذا المثل الحث على اغتنام البيع للزبون الحاضر وتوجيه كل الاهتمام له والتأكيد على تلبية رغباته واحتياجاته، واعتباره هو العميل المهم، وليس العميل المتوقع أو المأمول. لأن العميل إذا كان راضيا عن جودة وسعر منتجك، فتأكد أنه سيجلب لك أكثر من زبون، أما إذا كان غير راضي عن منتجك، فإنه سيخبر عددا أكثر من الزبائن المحتملين لك عن تجربته الفاشلة مع متجرك.

 

اقضب المَفُرَص، ولا تحرص:

المفرص: المكان الفرصة، والمعنى امسك المكان المناسب لعرض بضاعتك، ولا تحرص على الناس ليشتروها منك، لأنهم بطبيعة الحال سيقبلون على الشراء من تلقاء أنفسهم. والمقصود منه الحرص على اختيار المكان المناسب وجعل البضاعة في متناول الزبون المرغوب. فالتوفيق في اختيار المكان الجيد يعد من أكبر العوامل التي تساعد على ترويج المنتج ونجاح المحل، وهذا المثل يؤكد على تقدير أولئك التجار لأهمية المكان والذي يعد أحد الأعمدة الأربعة التي يقوم عليها الفكر التسويقي الحديث.

 

إن أصحاب هذه الروئ لم يدرسوا في المعاهد الغربية، ولم يقرؤا كتب ’كوتلر‘ أو ’بيترز‘ ولكن علمتهم تجارب الواقع، وصقلت مواهبهم جامعة الحياة، والمنتظر ممن كان هؤلاء آباؤهم أن يقدموا نظرتهم الخاصة وفكرهم المستقل في جميع جوانب الإدارة والتسويق، ليثروا هذه العلوم، وليساهموا في رفع حضارة أمتهم ومجتمعاتهم.

قد يعجبك أيضًا
محاكمة التسويق
سيد السوق
مؤسساتنا العربية بين الإبداع والتقليد..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة