الرئيسية مقالات عامة

الأراضي المحجوزة وغطرسة الدجاجة التي تبيض بترولاً..!

في مجتمعاتنا العربية هناك كيانات مؤسسية تدللها الحكومات وتضعها على الحِجر “ويا دهينه لا تنكبين” وتمنحها من المميزات والامتيازات ما يجعلها في كثير من الأحيان بمثابة “دولة داخل الدولة” وبالطبع هذا لا يأتي من فراغ ولكن لأن تلك الكيانات هي بمثابة “الدجاجة التي تبيض ذهباً” للحكومات وللمجتمعات التي تحكمها، ولأن مخرجات تلك الكيانات تشكل الداعم الأكبر لاقتصاديات الدول التي تتواجد فيها. بالطبع هو وضع منطقي حتى وإن كان هناك تساؤل كبير يفرض نفسه: هل يصلح أن يعتمد فريق الكرة على لاعب واحد وهل يصلح أن تعتمد دولة على كيان مؤسسي واحد؟! هي قضية تستحق الدراسة والاهتمام لأنها ترتبط بتقدم المجتمعات وتطورها، ولكنها ليست القضية التي يطرحها هذا المقال. القضية تتعلق تحديداً بسلطة الدجاجة التي تبيض بترولاً في مجتمعتنا ولمجتمعنا …أرامكو السعيدة. من حق الدجاجة التي تبيض بترولاً أن تنفش ريشها عجباً وزهواً ومن حقها أن تفخر بوضعها المميز بين الدجاج ومن حقها أيضاً أن تستعرض أمام الجميع امكانياتها ومكتسباتها، ومن حقها أن تؤدي المهمة الموكلة لها من مجلس الوزراء بالاشراف على اعتماد المخططات العقارية الجديدة في الأراضي التي تكون لأرامكو فيها أنابيب نفط أو غاز أومنشآت أخرى, ولكن ليس من حقها وضع التعقيدات أمام المستثمرين والمطورين، وليس من حقها أن تسطو على حقوق الآخرين بحجة أنها صاحبة الامتياز والسلطة وأنها تحمل بطاقة هوية بلون الذهب الأسود، وليس من حقها أن تضم لأملاكها الخاصة كل مساحة أو أرض تتبختر عليها أو يسمح لها بالسير فيها. هذا ما فعلته أرمكو… حجزت أرامكو وعن غير حق نحو أكثر من 165 مليون متر مربع من الأراضي (هذا فقط في مدينة الدمام) واستولت على حقوق 10 آلاف مواطن وحجزت مايزيد عن 5 مليارات ريال من الاستثمارات العقارية وجمدت فرص واعدة للاستثمار العقاري والتنمية السكنية في تلك المناطق. تلك القضية التي مازلت عالقة منذ أكثر من 5 سنوات، ومازلت شركة أرامكو تتعامل معها بغطرسة جعلتها تسد أذنيها عن سماع توسلات مواطنين بسطاء وضعوا مدخراتهم في مساهمات عقارية بحثاً عن سكن أو مستقبل لأولادهم خاصة أنهم استثمروا أموالهم في الاراضي بموجب أنظمة الدولة وتشريعاتها وصدرت لبعضهم صكوك على هذه الأراضي. المشكلة تتضح في تعنت الشركة وعدم سعيها الجاد لايجاد حلول نهائية وعادلة لتلك القضية. واذا كان هناك أخطاء جسيمة تتحمل مسؤوليتها جهات متعددة تعاملت بعشوائية ولامبالاة في منح التراخيص والصكوك لأصحاب مساهمات ولمساهمين تعطيهم الحق في امتلاك أراضي “محجوزة ” إلا أن أرامكو تتحمل جانب كبير من المسؤولية في سوء استغلال الامتياز الممنوح لها والتوسع في السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي التي يمكن أن تقدم للمجتمع وللمواطنين قيمة اقتصادية واجتماعية لا تقل عن القيمة التي تبحث عنها أرامكو في باطن الأرض التي تحتلها منذ زمن طويل. ما تفعله أرامكو يسبب أضراراً بالغة لقطاع الاستثمار العقاري الذي يستحق أن يوضع في في مقدمة الأجندة الاقتصادية للدولة، وقد أشار المستثمرون العقاريون إلى توقف استثماراتهم في المنطقة الشرقية على وجه التحديد خشية الوقوع في ذات المأزق والاستثمار في أراضي تقع في “حظيرة أرامكو”.  بكل تأكيد أن هذه الغطرسة ستؤدي إلى هروب الاستثمارات إلى الخارج في الوقت الذي تحتاج فيها بلادنا لهذه الاستثمارات للمساهمة في تلبية الطلب المتزايد على مختلف المنتجات العقارية،  من المفترض أن تهتم أرامكو بتنفيذ دراسات جادة وتستند على قدر كبير من الشفافية تحدد فيها المواقع التي تحتوي على ثروات معدنية وتستحق ضم تلك المواقع اليها ومن ثم تعرض خرائطها على جميع الجهات ذات العلاقة بالاستثمار والعقاري، ومن المفترض أن تنسق أرامكو بشكل مستمر مع تلك الجهات في سبيل تحقيق مصالح جميع الأطراف وفي مقدمتهم المواطنين وأصحاب المساهمات، ومن المفترض أن تكف أرامكو عن سياسة التوسع الاستعماري التي تنتهجها دون اعتبارات مجتمعية واضحة، ومن المفترض أن تتعامل أرامكو مع الجميع بقدر من التواضع والتفهم لأن هذا هو شيمة الكبار.

قد يعجبك أيضًا
المرض الخفي
دوري المناطق..غير..!
صناعة الذات..والتحرر من القيود..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة