الرئيسية مقالات في الادارة

متى تصغر المؤسسة؟!

في أحد الاجتماعات لمؤسسة يقودها مدير محترف، قام هذا المدير بوضع علبة كبيرة أمامه، ثمّ قام بفتح العلبة الكبيرة ليخرج علبة أصغر منها، ثمّ قام بفتح العلبة الصغيرة ليخرج علبة أصغر، ثمّ قام بفتح العلبة الصغيرة ليخرج علبة أصغر، ثمّ قام بفتح العلبة الصغيرة ليخرج علبة أصغر. الدهشة تملكت الحضور وأخذوا يتبادلون النظرات مع بعضهم البعض ثمّ يوجهون نظراتهم إلى المدير منتظرين منه تفسيراً لما يفعله. أمسك المدير أصغر علبة ونظر إلى الحضور قائلاً لهم: عندما يقوم كلّ فرد في المؤسسة بالتقليل من شأن الشخص الذي يرأسه والتقليل من كفاءته في العمل، أو توظيف الأقل كفاءة حتى لا يصبح أفضل منه فسوف تصغر المؤسسة الكبيرة حتى يصبح حجمها مثل حجم أصغر علبة ترونها أمامكم. لقد قدّم الرئيس لمرؤوسيه درساً بالفعل كان مؤثّراً. لقد أدرك هذا المدير آفة تنتشر في الكثير من المؤسسات، إنّها آفة عدم احترام قدرات الآخر وإمكاناته، والمحاولة المستمرة للتشكيك في مدى فاعليته في العمل. للأسف الشديد انتقلت عيوب ثقافتنا العربية إلى مؤسساتنا. ليس من السهل أن تجد شخصاً يمدح أداء شخص آخر فيما عدا بعض المديرين الذين يقدّرون قيمة توجيه المديح لموظّف يستحقه. التحقير من شان الآخر اقترن مع سيادة الفرديّة في العمل وعدم التحلّي بروح الفريق، كلّ شخص يظنّ أنّه مسئول عن نفسه فقط وليس مسئولاً عن غيره، وكلّ شخص يظنّ أنّ نجاح الآخر هو فشل له، ونجاحه هو فشل للآخر. هناك مؤسسات مثل الجزر المنعزلة كلّ شخص يسير في اتجاه، لماذا يحدث هذا؟ لأنّ المكافآت والجزاءات في مؤسساتنا مازالت تسير في اتجاه الفرد وليس الجماعة، ومازالت الأهداف في المؤسسة مقسّمة بين الموظّفين والأقسام، وكلّ موظّف أو قسم يحرص على تحقيق نصيبه من الأهداف، دونما أنْ تكون هناك أهداف موحّدة يتطلع لها الجميع، ومن ثم فعندما يعجز الموظّف عن تحقيق هدفه يبدأ بإلقاء المسؤوليات على غيره. لو كان كلّ موظّف ومسئول في المؤسسة يدرك أنّ الجميع في نفس المركب، وأنّ نجاح الآخر في تحقيق الأهداف المطلوبة منه يعني توافر الفرصة لنجاحه هو أيضاً في تحقيق أهدافه، وأنّ فشل الآخر يعني أنّه معرض أيضاً للفشل، لسادت روح التعاون والمحبّة والتقدير بين العاملين، ولو كانت ثقافة المؤسسة تحضّ على مساندة وتدعيم كلّ مدير لمرؤوسيه، وتحفز المدير على انتهاج سياسة البناء وليس الهدم، لاستطاع الجميع أنْ يسيروا في طريق الإنجازات.

المؤسسات تكبر عندما يكبر موظّفيها وترتقي تصرفاتهم وسلوكياتهم، وتصغر المؤسسات عندما يمسك كلّ فرد معولاً لهدم الآخر وتحطيمه.

قد يعجبك أيضًا
سيدة الأعمال بين الماضي والحاضر
لا تقلق
عزيزتي الموظفة “ورِّيهم” عينك الحمرا..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة