الرئيسية مقالات في الادارة

شلة المدير..!

الشللية موجودة في كل المؤسسات، وهي تعني وجود أفراد تجمعهم اتجاهات وقيم مشتركة وتوحدهم مصالح متبادلة فيشكلون فريقاً واحداً، يتواصلون بشكل مستمر، يتبادلون المعلومات، يؤثرون في اتخاذ كل فرد من الفريق في قراراته، هو طبع إنساني ولا شك، ويصعب افتراض أنه شر دائماً أو خير دائماً، ولكن في كل الأحوال هو مؤثر في عمل المؤسسة، والعديد من المشكلات تنشأ بسبب تأثير كل فريق أو شلة، ولكن شلة المدير والملتفين حوله والقريبين منه هي الأخطر والأكثر تأثيراً. وبصفة مبدئية يجب الإقرار بأن المدير دائماً بحاجة لفريق حوله يدعمونه ويقدمون له المشورة ويتولون نقل خططه وأفكاره للآخرين،

فالمدير لن يستطيع بأي حال من الأحوال أن يتعامل مع الجميع ويتواصل مع الكل، ولكن في الغالب هو يتعامل مع الآخرين ويتواصل معهم من خلال المحيطين به، وهؤلاء بحكم مناصبهم ومواقعهم الحساسة وسيطرتهم على المواقع المفصلية في المؤسسة يكونون دائماً في الدائرة المقربة للمدير، يضاف إلى أصحاب السلطات والمخولين دائماً بالتواصل مع المدير هناك من يملك تأثيراً بشكل أو بآخر على شخص المدير أو تربطه به صلة شخصية أو ممن يداهن وينافق ويمدح المدير فيكون من المقربين إليه ويدخل دائرة شلة المدير. ولعلّ من أبرز صفات «شلة» المدير أن الرابطة التي تجمعهم المصلحة والنفع الشخصي، وهم غالبا ما يتلاومون ويتنازعون عند انفراط عقد المصلحة أو استئثار بعضهم بالكعكة لوحده. هذه الشلل دائما ما يكون لها رأس (قد يكون مدير مكتب المدير أو مدير لإحدى الادارات الهامة) يتصف بالدهاء والخبث والكتمان، وهو المحرك والمنظم لكل تحركات الشلة وخططها الاستحواذية

تحدث المشكلة عندما تضعف شخصية المدير أمام تنامي قوة المحيطين به. هنا تتغير الموازين وربما يتحول المدير بالتدريج إلى متخذ قرارات تشكلها وتسوقها الشلة المحيطة به، يبدأ أفراد الشلة في سلوك مسلك يصب بالدرجة الأولى في مصالحهم الخاصة التي تكبر وتتضخم على حساب مصلحة المؤسسة وأيضاً على حساب مصالح الآخرين العاديين غير المقربين. يستسلم المدير لهم لأنه يبحث عن الراحة أو الاستجمام الدائم أو تجنب مواجهة مشكلات أو تقصي حقائق، (نحن هنا لنخدمك فلا تحمل هماً أو تشغل بالاً)، هذا هو المدخل الذي تستخدمه الشلة للسيطرة على المدير، وتزداد قوة تأثير الشلة بخبراتها ومعلوماتها وقدراتها على إيجاد حلول لمشكلات أو مواقف معقدة، وربما يزداد الأمر سوءاً ويدخل في نفق مظلم عندما يحقق المدير مكاسب مادية أو مهنية خاصة بفضل الانصياع لآراء وتوجيهات الشلة، وبهذا تفرض الشلة على المدير حصارا لن يخرج منه بإرادته وليس رغماً عنه، والتاريخ يثبت لنا أن قادة ورؤساء وأصحاب سلطان -وليس مجرد مدير شركة أو مؤسسة- فقدوا سلطانهم ومكتسباتهم بسبب صحبة سيطرت وطغت وحولت القائد أو الرئيس إلى تابع. بينما تتضح قوة المدير هنا وحنكته وشخصيته القيادية في قدرته على كبح جماح هذه الشلة، فيحولها إلى خلية نحل يأخذ عسلها ويتجنب ويجنب المؤسسة لسعاتها، هذا يحدث عندما يعتمد المدير على مصادر متنوعة في جمع المعلومات المتعلقة بالعمل أو المشكلات التي تعرقله، وعندما يقول بكل حسم (لا) لرأي تبديه الشلة تفوح منه رائحة مصالح خاصة أو تصفية حسابات أو تمييز لآخرين بدون وجه حق أو محاولات للحصول على مزيد من السلطات والصلاحيات،….الخ. وعندما يرسل برسائل صريحة ومباشرة وضمنية أيضاً لأفراد الشلة بان مصلحة المؤسسة فوق كل اعتبار، وأن على الجميع أن يترك مصالحه الشخصية جانباً إلا فيما يتعلق بحقوق واجب منحها. أيضاً من الضروري للغاية أن يستمع المدير دائماً للصغار في المؤسسة كما يستمع للكبار ويتيح لهم قنوات للتعبير عن مشكلاتهم ومطالبهم ومقترحاتهم (قد يخصص المدير بريدا الكترونيا خاصا بهم ولهم أو اجتماعا دوريا). والأهم من ذلك كله أن يبني المدير شخصيته القيادية والإدارية ويطورها بشكل مستمر وينمي معرفته، فالمعرفة قوة والجهل ضعف. باختصار من أجل تحييد التأثيرات السلبية للشلة، هناك بابان على المدير أن يغلقهما وبابان عليه أن يفتحهما على مصراعيهما، عليه أن يغلق باب الراحة والبحث المستمر عن هدوء البال ويفتح بدلاً منه باب الجهد والعرق، وعليه أن يغلق باب الجهل ويفتح بدلاً منه باب المعرفة والعلم بحقائق الأشياء والأحداث والأشخاص. إذا فعل المدير هذا سيجبر الشلة على تغيير مسالكها وربما تهتدي على يديه

قد يعجبك أيضًا
مدرسة الحيوانات..!!
العقاريّون الجدد..والفكر الجديد
وماذا بعد أن يغادر الوافدون..؟

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة