الرئيسية مقالات عامة

دعوة للحياة من جديد

قيل إن الإمام بن حزم الأندلسي قد بدأ في طلب العلم والتفقه في الدين في سن السادسة والعشرين من عمره، بداية طلبه للعلم ارتبطت بموقف عاشه هذا الإمام، فقد ذهب لتشييع جنازة أحد أقاربه، ودخل المسجد انتظاراً لصلاة الجنازة، فلما دخل جلس ولم يصلي ركعتي سنة تحية المسجد، فقال له القاعدون في المسجد قم فصلي، فلم يعرف ماذا يصلي، عاتبوه قائلين أبلغت هذا السن ولم تعرف السنة الواجبة في ركعتي تحية المسجد؟! وبعد صلاة الجنازة ودفن الميت عاد للمسجد كي يشارك أقرباء الميت في العزاء، فبادر بالركوع فقيل له اجلس فليس هذا بوقت صلاة. حز هذا الأمر في نفس ابن حزم كثيراً، وشعر بالمهانة، وأنب نفسه على عدم تفقه في أمور دينه، هنا بدأ ابن حزم الأندلسي حياته من جديد، ليطرق وبكل قوة أبواب العلم والتفقه، ويصير الإمام بن حزم الأندلسي. الحقيقة أن قصة التغيير الجذري في حياة الإنسان قصة متكررة في كل زمان ومكان، وهذه القصة دائماً ما ترتبط بحدث أو موقف يؤثر في النفس، ويجعلها تثير تساؤلات مصيرية، هل أنا أسير في الطريق الصحيح؟ هل هناك حياة أفضل من تلك التي أعيشها؟ هل ما أفعله الآن يجلب لي السعادة والرضا؟ إلى متى أستمر بلا هوية وبلا طريق؟ أين الطريق الذي ينبغي أن أسير فيه؟ ما هو الهدف الذي ينبغي أن أسعى لتحقيقه؟ عزيزي القارئ بالتأكيد أنت تتفق معي في أن شهر رمضان في حد ذاته يمثل حدثاً يملك قوة هائلة للتأثير في نفوسنا. في شهر رمضان الكريم مشاعر خاصة، تلك المشاعر يحسها الجميع وان كانت تتباين من حيث شدتها أو ايجابيتها، ولكن في كل الأحوال الكل يشعر بأنه يعيش شهراً له خصوصيته وروحانياته. القريب من الله يزداد قرباً إليه، والبعيد حتى إذا لم يبادر بالتقرب فانه بطريقة أو بأخرى يحرص على احترام خصوصية هذا الشهر. في هذا الشهر دائماً هناك فرصة متاحة للجميع لمراجعة النفس وتهذيبها وإصلاحها، هناك فرصة متاحة لكل إنسان ترك نفسه لأمواج الحياة كي تتقاذفه هنا وهناك كي يسأل نفسه، إلى متى؟ ربما يكون شهر رمضان هو الحدث الذي يغير مجرى حياة الإنسان، فالتغيير في الغالب ما يصاحبه حدث مؤثر في النفس، ومن ثم فعندما يرى الإنسان غيره وهم يهرعون إلى المساجد، ويراهم وهم يهرعون إلى زيارة بيت الله الحرام، ويراهم وهم يهرعون إلى الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وعندما يرى الناس يسارعون إلى فعل الخيرات، عندما يتأمل الإنسان المقصر في حق نفسه وحق ربه هذه المشاهد بالتأكيد سيجد أن شيئاً ما بداخله يتحرك، وعندما يتحرك هذا الشيء ستكون البداية من جديد، بداية حياة جديدة مليئة بالإيمان والعمل والإخلاص. البداية من جديد عزيزي القارئ ليست تعبير يشع في النفس التفاؤل فقط بل هو تعبير يتم ترجمته إلى منهج عمل. أن تبدأ حياتك من جديد يعني أن تكون لك فلسفة في هذه الحياة، فلسفة تنطلق من الآية الكريمة “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” فتتشكل لديك قناعة تامة بأن طاعة الله عبادة وعملك عبادة وإحسانك للغير عبادة وتحصيلك للعلم عبادة ورعايتك لأسرتك عبادة وخدمتك لمجتمعك عبادة. ومن هذه الفلسفة تحدد أهدافك في هذه الحياة، وحتى تستطيع أن تحقق أهدافك في الحياة يصبح من الضروري أن تحدد نقاط قوتك وضعفك، وتحدد التحديات المتوقع أن تواجهك والفرص التي ستتاح لك، الآن ابدأ في علاج نقاط ضعفك، دعم نقاط قوتك، واجه التحديات بكل إصرار وعزيمة، استثمر كل فرصة تتاح لك للتقدم إلى الأمام. إن أنسب وقت للتغيير هو الآن، ابدأ من هذه اللحظة في التعامل مع الحياة بمنظور جديد، ضع نفسك في موقف تحدي رافعاً شعار “خلقت لأعبد الله “.

قد يعجبك أيضًا
عميل مدى الحياة..!
أيها المدير.. كن بائع ورد.. ولا تكن تاجر رصاص..!
علامتك الشخصية.. كيف تبنيها ؟!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة