الرئيسية مقالات في التسويق

خدمة العملاء في الشركات السعوديّة… مشكلات وحلول

تعاقدت إحدى المؤسسات السعوديّة مع وكيل إحدى الشركات العالميّة في المملكة للحصول على عدد من أجهزة التكييف لمبني يتكون من عدة أدوار، وذلك بتكلفة تتجاوز 2 مليون ريال، وبعد مضي سنتين من استخدام الأجهزة حدث عطل في جهازين منها، وكانت الشركة حصلت على ضمان من الوكيل لمدة خمس سنوات شامل جميع الأعطال، تم الاتصال بالشركة وجاء المختص، وتبيّن أنّ الكمبرسر يحتاج إلى تغيير، وافقت الشركة على تغيير الكمبرسر، ولكنها اشترطت أنْ تتحمل المؤسسة المعنيّة (العميل) مصاريف النقل والتركيب والتي قدرت بنحو 800 ريال، بالطبع رفضت المؤسسة تحمل هذه التكلفة، واتخذت قراراً بعدم التعامل مع هذا المورد بكافة فروع الشركة (فنادق، مصانع، عقارات)، والغريب أنّ هذه المؤسسة تتعدى مشترياتها من أجهزة التكييف عشرات الملايين كلّ خمس سنوات. الحقيقة أنّ هذه القصة قد تحدث في قطاعات أخرى، بل وتحدث في أسواق أخرى ودول أخرى. وإذا كان الباحثون حتى الآن لم يقدموا تعريفاً شاملاً مانعاً لمفهوم خدمة العملاء، فإنّ الكثير من المؤسسات السعوديّة والمسوّقين السعوديين ما زالوا غير قادرين على تطبيق استراتيجيات فعالة في مجال خدمة العملاء، والسبب الأساسي في ظني يتعلق بغياب ثقافة تسويقيّة حديثة تضع خدمة العملاء في قمة أولوياتها، بالإضافة إلى وجود العديد من المشكلات التي تؤثر بالسلب على جهود وتوجهات المؤسسات السعوديّة في مجال خدمة العملاء. أهم هذه المشكلات كما ذكرنا سابقاً عدم وجود إدراك واضح وشامل لمفهوم خدمة العملاء، وغياب هذا المفهوم يعني بالتبعيّة عدم قدرة المؤسسات على تطبيق منهج فعّال في مجال خدمة العملاء، فهناك الكثير من المؤسسات مازالت غير قادرة على الفصل بين خدمة العميل كمنتج، وخدمة العميل كعنصر أساسي من عناصر المزيج التسويقي، وهذا يعني بكل تأكيد أنّ المؤسسات تتعامل مع خدمة العملاء باعتبارها خدمة تقدّم في نظير الحصول على مقابل، ومن ثمّ يتم إضافة تكلفتها على السعر الإجمالي للمنتج، وبالتالي تفقد خدمة العملاء أحد أهم ثوابتها، وهو ثابت يصنف خدمة العملاء باعتبارها وسيلة فعّالة لتنمية علاقات وطيدة وطويلة الأمد مع العملاء.

مشكلة أخرى تعاني منها المؤسسات السعوديّة والعربيّة بصفة عامة، وهي تتعلق بعدم اعتبار خدمة العملاء وظيفة كلّ قسم داخل المؤسسة، ومن ثمّ فالجميع مطالب بخدمة العملاء، أمّا ما يحدث وبافتراض وجود قسم مخصص لخدمة العملاء في إطار الهيكل التنظيمي للمؤسسة (وهو نادر ما يحدث) فإنّ هذا القسم يصبح هو المكلف رسمياً بخدمة العملاء ويعاني الكثير في سبيل الحصول على دعم ومساندة الأقسام الأخرى.

أيضاً هناك مشكلة تتعلق بعدم توجه الكثير من المؤسسات السعوديّة نحو تفعيل نشاط بحوث المستهلكين، وبالتالي تظهر فجوة ملحوظة في عدم القدرة على الدراسة المتعمقة لرغبات واحتياجات العملاء، وبالتالي فكيف لهذه المؤسسات أنْ تخدم عملاءها، وهي في واقع الأمر لا تدرك الاحتياجات والرغبات الحقيقية لهؤلاء العملاء. وتعاني أيضاً الكثير من المؤسسات السعوديّة من عدم وجود معايير واضحة في تقييم الأنشطة التي تزاولها في مجال خدمة العملاء، فتلك المعايير تخضع في الغالب لانطباعات وتصورات شخصيّة بعيدة عن معطيات الواقع. وعلى الرغم من أنّ هذه المشكلات وغيرها تساهم بشكل مباشر في قصور أداء الكثير من المؤسسات السعوديّة في مجال خدمة العملاء إلا أنّ هناك العديد من الحلول التي من الممكن تفعيلها في هذا الشأن. البداية المنطقية تتعلق ببناء وتدعيم ثقافة جديدة في بيئة العمل بالمؤسسات السعوديّة، هذه الثقافة تركز في مجملها على المكانة المتميزة للعميل، وكيفية وضع العميل في بؤرة اهتمام المؤسسة، وفي أهم تفاصيل هذه الثقافة يتم نشر وتدعيم قيم ومعتقدات تؤكد على أنّ خدمة العميل بطريقة مميزة هي الوسيلة الأكثر فاعلية في مجال بناء وتوطيد علاقة دائمة معه. الجانب الثاني يتعلق بتخصيص جانب من ميزانية المؤسسة لتنظيم برامج تدريبيّة وورش عمل في مجال خدمة العملاء، وتحفيز الموظّفين والمديرين على المشاركة بفاعلية في هذه البرامج، الجانب الثالث يتعلق بتخصيص جانب من الميزانيّة أيضا لإجراء بحوث تسويقيّة متعمقة يتم من خلالها تحديد الجوانب التي يجب أنْ تشتمل عليها خدمة العملاء، ومن ثمّ تفعيل استراتيجيات شاملة توضح كافة المهام والأدوار والأنشطة التي يتم ممارستها في هذا المجال. الجانب الرابع يتعلق بحتمية الاستفادة من تجارب وخبرات الشركات المتميزة عالميّاً في مجال خدمة العملاء، وترجمة هذه الخبرات والتجارب إلى سياسات تتواءم مع احتياجات الأسواق والعملاء. وقبل كلّ ذلك يجب أن تعترف المؤسسة بجميع أفرادها وأقسامها، موظّفيها ومديريها، بأنّ المؤسسة خلقت لتخدم عملاءها.

قد يعجبك أيضًا
خطر الشائعات..!
حرب المواهب
سنة أولى جامعة..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة