الرئيسية مقالات في الادارة

القادة…ونجمة الشمال

في توضيح الفرق بين المدير والقائد، يرى المتخصصون في علم الإدارة أنّ المدير يقوم بالإدارة، بينما القائد يقوم بالتجديد، وأنّ المدير يساعد على استمرار العمل…بينما القائد ينمى ويطوّر، المدير يعتمد على السيطرة…بينما القائد يعتمد على الثقة، المدير قد يقاوم التغيير…بينما القائد يرحب دائماً بالتغيير، المدير يؤدى الأشياء بطريقة صحيحة…بينما القائد يفعل الشيء الصحيح. وفى قديم الزمان قال أحد الفلاسفة: ” إذا أردت أنْ تكون ممتازاً عندما تقوم بالإدارة، عليك أنْ تكون مثل نجمة الشمال، فبينما تبقى في مكانها تدور حولها بقية النجوم” إنّه يقصد بنجمة الشمال القائد المحنّك ….في هذا العصر ربما تكون مؤسساتنا في حاجة إلى قادة أكثر من حاجتها إلى مديرين، وحاجتها إلى قيادة أكثر من حاجتها إلى إدارة. لقد حدثت تطورات دراماتيكية في الأسس التى تستند عليها وظائف المدير، لا يمكن أنْ ننكر على سبيل المثال أنّ التخطيط الذي نمارسه اليوم يختلف شكلاً ومضموناً عن التخطيط الذي مارسناه بالأمس، وأنّ أهداف اليوم تغيرت كثيراً عن أهداف الأمس. وأنّ أسس العمل بصفة عامة قد تطوّرت بطريقة تدعو إلى الدهشة. لم يعد المدير ذلك الشخص الذي يجلس في برج عاجي يصدر الأوامر والنواهي، بل أصبح قائداً في ساحة المعركة، تطورت علاقات العمل، فكان لابد من قائد يمتلك قدرة أكبر على استيعاب وتوجيه هذه العلاقات بما يخدم صالح العمل. زادت حدّة الصراعات فكان لابد من قائد يسير بهذه الصراعات في اتجاهها الإيجابي. ارتفعت حدّة المنافسة فكان لابد من قائد يدرك أبعاد المنافسة ويقود المؤسسة في اتجاه التأثير فيها. زادت الضغوط التى تتعرض لها المؤسسة فكان لابد من قائد يصل بالمؤسسة إلى برّ الأمان. ازدادت ثقافة العاملين بالمؤسسة فكان لابد من قائد يحترم هذه الثقافة ويتعامل معها بنفس المستوى. تشابكت وتعقدت العوامل المؤثّرة في مدى جودة العمل، فكان لابد من قائد يفكّ هذا الاشتباك ويحدد المسارات المتعددة المحقّقة لهدف رفع جودة الأداء. الحقيقة أنّ المؤسسات أصبحت بحاجة إلى قادة لا مديرين. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن. إذا كان الواقع يقول :إن مؤسساتنا العربية في أمسّ الحاجة إلى وجود قادة ينهضون بها في القرن الحادي والعشرين، فإنّ الواقع يعود فيقول أيضاً لا مجال لصناعة القادة في جميع المراحل التى يمر بها الإنسان منذ طفولته وحتى يصبح مسئولا عن عمل معين. في مرحلة الطفولة نقتل في الطفل رغبته وقدرته في إجراء الحوار. ننزع منه ثقته بنفسه، نعوده على ردّ الفعل وليس الفعل. نصادر رغبته في المخاطرة، نشجّعه على قضاء وقته فيما لا يفيد، نسلب منه الاستقلاليّة، ولا ندع له أبداً فرصة للمبادرة. هذا ما يحدث في المنزل، أمّا ما يحدث في المدرسة فيسير في نفس الاتجاه، نزرع فيه الخوف، نعوده على طاعة الأوامر بدون مناقشة، نثقله بالواجبات ونتجنب أنْ نتحاور معه في الحقوق، وفى الجامعة يفقد الطالب فرصه تماماً في أنْ يصبح قائداً، فالمنهج لن يمنحه فرصة لتحقيق ذلك، عليه أنْ يفكر فقط في أعمال السنة ونتيجة الامتحان، لم نتح له فرصة ممارسة أنشطة تصنع منه قائداً. قتلنا فيه روح الإبداع والابتكار، وأحيينا فيه روح الركون والاستسلام. والطالب الجامعيّ في بلادنا العربية ماهو إلا تلميذ كبير، وعندما يتخرج هذا التلميذ الكبير من الجامعة ويسعفه الحظ في الحصول على فرصة عمل، سوف يتحول من تلميذ كبير إلى موظّف أسير. سوف تأسره البيروقراطيّة، وتقيّده التعليمات والأوامر، وتكبّله السلطة الوظيفيّة التي تعلوه، لن تتاح له الفرصة للإبداع وتقديم الجديد، وإنّما ستتاح له الفرصة للخمول والهدوء المميت. الواقع يقول: إنّ نجمة الشمال لن تسطع في مؤسساتنا طالما افتقدنا في حياتنا منهج صناعة القادة.

قد يعجبك أيضًا
إلى من يهمه الأمر .. مراكز التدريب الإداري تحتضر!
الحبّ من النظرة الأولى
من أين تؤكل التكاليف..؟!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة