الرئيسية مقالات في الادارة

الفوضى التنظيمية في شركاتنا…خطر داهم..!!

تواجه الشركات السعودية في المرحلة الحالية تحديات كبيرة أهمها زيادة الانفتاح على العالم الخارجي ومن ثم زيادة حدة المنافسة في الأسواق السعودية المختلفة. والمنافسة في نظر الكثيرين غير متكافئة بين شركات عالمية تغزو العالم بمنتجاتها وخدماتها وشركات محلية مازالت تفتقد العديد من مقومات التميز والتطور. منذ زمن ليس بالبعيد ظهرت العديد من الشركات في السوق، وبدأت هذه الشركات تنمو رويداً رويدا يدعمها في ذلك حدوث الطفرة الاقتصادية أكثر مما يدعمها وجود أنظمة احترافية إدارية ومهنية فزيادة الطلب على المنتجات والخدمات المختلفة في السوق المحلي مع زيادة السكان وزيادة القوة الشرائية ترتب عليه تحقيق أرباح متتابعة ساهمت في نمو هذه الشركات وشجعت أصحابها على التوسع وتنويع الأنشطة. أيضاً ما ساعد تلك الشركات على الاستمرارية والنمو هو انغلاق الأسواق وعدم فتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية كي تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مخرجاته. هذا فضلاً عن انخفاض حدة المنافسة المحلية وانحسارها بين عدد قليل من الشركات في المجالات المختلفة. لم تشعر الشركات الوطنية بعيوبها ونواقصها حتى حانت لحظة الحقيقة وبدأت الأسواق في الانفتاح واشتدت حدة المنافسة المحلية بظهور شركات جديدة بفكر جديد لديها طموحات ورغبة في استثمار طفرة اقتصادية جديدة تدق الأبواب بقوة وبدأت المنافسة الأجنبية تطل برأسها رغبة في خطف قطعة من الكيكة التي تزين السوق السعودي. هنا وضح للمتأمل أن هناك حاجة ماسة للتغيير ونقطة بداية التغيير تتعلق بإعادة التنظيم. فقد وضح مع نمو الأعمال والأنشطة وتوسع الأسواق الحاجة الضرورية لإعادة تنظيم شركاتنا من الداخل، ولقد أثبتت الدراسات العلمية أن نحو 40% من الشركات ومؤسسات الأعمال تخرج من السوق بسبب مشكلات مرتبطة بالجوانب التنظيمية. بالفعل إنها الفوضى التنظيمية التي قد تعصف بالكثير من طموحات شركاتنا وتشل حركتها في مواجهة المنافسة والرغبة في النمو والتطور. وللفوضى التنظيمية مؤشرات عديدة في الكثير من شركاتنا. الهيكل التنظيمي في أي شركة مثل الهيكل البشري تماماً من المفترض أن لكل عضو في هذا الهيكل وظيفة خاصة يتحمل تبعاتها ويملك إمكانيات الوفاء بها، وجميع الأعضاء تعمل بتوافق وتناسق تحركها أوامر عقلية ورؤية واضحة. نعم هي الرؤية الواضحة والتي توجه كل عضو في التنظيم نحو فعل ما يحقق المنفعة للجسد بأكمله، الحقيقة أن الأقسام والإدارات في معظم شركاتنا تعمل في ظل غياب رؤية واضحة تحدد الأهداف المطلوب تحقيقها من الأقسام ومن الأفراد، ومن ثم تعمل هذه الأقسام ويعمل الأفراد بشكل روتيني يومي، عمل لمجرد العمل، عمل بلا هدف، أيضاً تعاني معظم شركاتنا من آفة تضارب الاختصاصات والمسؤوليات بين الأقسام هذا التضارب يخلق حالة من الصراع المستمر بين الأقسام وتبادل الاتهامات وإلقاء المسؤوليات على الغير وهو ما يؤدي بشكل مباشر إلى حدوث ولادة متعسرة للقرارات وضياع للمسؤولية وهدر للموارد. الأمر الخطير أيضا هو التوصيف الوظيفي الخاطئ والقديم والذي يحول دون الحصول من الموظف على أفضل ما لديه، إنه الفقر الوظيفي المنتشر في شركاتنا ومؤسساتنا في مقابل الإثراء الوظيفي ذلك التوجه الإداري الحديث الذي يزيد من مسؤوليات الموظف ويزيد من صلاحياته ويزيد من حماسه في العمل (هناك فارق كبير بين سكرتير وبين مدير مكتب، مسوق ومسئول تنمية أسواق، شئون موظفين وإدارة موارد بشرية،..الخ). أيضاً تعمل الكثير من شركاتنا في ظل غياب معايير موضوعية ودقيقة لتقييم أداء الأفراد وأداء الأقسام وأداء الشركة أو المؤسسة بأكملها، والنتيجة المنطقية هنا هي غياب التمييز بين من يعمل وينجز وبين من يشكل عبء على المكان وهو أمر في منتهي الخطورة لأنه يقتل الطموح والرغبة في التفوق والتميز لدى الأفراد العاملين بالشركة سواء كانوا موظفين أو مدراء. وترتب على هذا بالتبعية غياب أنظمة عادلة للمكافئات والحوافز فمعظم شركاتنا تعمل في ظل نظام عتيق لسلم الرواتب والحوافز والذي تم تصميمه (إن وجد!!) بعشوائية منذ عشرات السنين. هذا السلم يقف بصمود عجيب ضد أي مستجدات تتعلق بالسوق أو تغير احتياجات العملاء أو تغير توجهات المنافسة والنتيجة أن هذا السلم وضع حدوداً للطموحات والانجازات يصعب تخطيها.  القضية بالفعل خطيرة لأن الفوضى التنظيمية تحول الشركة بالتدريج إلى جزر منعزلة غير مترابطة، وتنشر حالة من اللامبالاة بين الأفراد وتؤدي إلى فقدان الاتصالات الفعالة بين أجزاء الشركة وبعضها البعض وبين الشركة وعملائها والأطراف الخارجية المتعاملة معها، تدخل الشركة في دائرة مغلقة من المشكلات والصراعات المستمرة، يرتفع معدل دوران العمل وتتسرب الكفاءات بحثاً عن بيئة عمل أفضل، تفقد الشركة قدرتها تماماً على إحداث التطوير المرغوب، تتفتت الشركة بشكل تدريجي لتجد الشركة نفسها في مهب الريح وأنها غير قادرة على التأقلم مع المتغيرات الجديدة في ظل تنظيم هش وضعيف وموارد بشرية غير موجهة ومدارة بشكل صحيح. حقاً نحن بحاجة إلى ثورة تنظيمية داخل شركاتنا ومؤسساتنا لتنظيم مواردنا وإمكانياتنا بشكل علمي ومهني وتصحيح أخطاء قاتلة في عالم الأعمال، يجب أن ندرك أن فقدان التنظيم الجيد يعني بشكل واضح فقدان القدرة على الاستمرارية في عالم جديد ومتطور وقاسي للغاية.

قد يعجبك أيضًا
أرجوك.. لا تطفئ الأنوار!..!
الشيخ سلطان العويّد.. شمسنا التي غرُبت
لصوص .. خارج السجون..!

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة