الرئيسية مقالات في الادارة

التعلم بهدف التفوق

أن تتبنى توجهات الآخرين حتى تصل إلى المكانة التي وصلوا إليها، هذا مسلك عادي يؤدى إلى نتائج عادية. ولكن أن تتعرف على توجهات الآخرين وتتعلم منهم ثم تقدم أفضل مما يقدمونه، فهذا مسلك غير عادي يؤدي إلى نتائج غير عادية. في عالم الأعمال هناك مدارس واتجاهات وفلسفات مختلفة تنتهجها المؤسسات التي تعيش في كنف هذا العالم، مع اختلاف بين مواقف تلك المؤسسات تجاه هذه الأفكار والمناهج. النوع الأول من المؤسسات تلك التي تبدأ من عندها الاتجاهات والفلسفات، وتخرج من عباءتها الأفكار والتوجهات والتجارب الجديدة، هذه المؤسسات تتميز بفكر متجدد يتوافق مع الواقع المتجدد، ولديها موارد بشرية قادرة على إنتاج الأفكار وتطبيقها في ذات الوقت، الإدارة في هذه المؤسسات تؤمن بالمقولة الصائبة “أن تقود التغيير أفضل كثيراً من أن يفرض عليك” ومن ثم فإن هذه الإدارة تهيئ المناخ الملائم لإحداث التغيير. في الواقع هي مؤسسات رائدة وتحتفظ لنفسها بشخصية منفردة تنعكس على طريقة أدائها وعلى مخرجاتها من المنتجات والخدمات. النوع الثاني من المؤسسات يعمل في إطار مختلف، فهي مؤسسات لا تمتلك القدرة على الإبداع ولكنها تمتلك القدرة على التقليد وفلسفتها التي تتبناها هي “دعونا نمتطي جواد الغير”. هذه المؤسسة تفتقد ثقتها في ذاتها وتعتقد أن تقليد الآخرين هو طوق النجاة خاصة إذا كان هؤلاء الآخرون يحققون تقدماً ملحوظاً، بالطبع المؤسسات المقلدة فقط لن يكتب لها النجاح طالما كان الأصل موجوداً، كما أنها تفتقد إمكانية تحصيل مزايا تنافسية جديدة، السوق الذي تنتشر فيه المؤسسات المقلدة هو سوق عقيم لا يلد جديداً. هناك نوع ثالث من المؤسسات يذهب إلى أبعد من ذلك، إنها المؤسسات التي تطبق مفهوم Benchmarkeng ذلك المفهوم الذي يرتكز على مقارنة أداء المؤسسة بأداء المؤسسات المنافسة لها و تحديد أوجه التفوق ونقاط القوة التي تميز المنافسين، ومن ثم القيام بأنشطة من شأنها أن تتيح للمؤسسة تحقيق هذه المميزات، لا تتوقف هذه الأنشطة عند هذا الحد، بل تتعداها إلى مزاولة أنشطة وتقديم مخرجات كفيلة بتحقيق التميز على هؤلاء المنافسين. بالطبع هذا لا يتحقق بسهولة بل يستلزم بذل مجهودات مضنية في التعرف على توجهات المنافسين وفى تطوير توجهات جديدة تفوق توجهات المنافسين، هذا الأسلوب يمثل مصدراً في غاية الخطورة للتطوير والتقدم للأمام، فالمؤسسة تبدأ من حيث ينتهي المنافسون. السوق الذي تنتشر فيه هذه النوعية من المؤسسات سوق متطور يقدم دائماً الجديد. المؤسسات الأجنبية لديها نهم شديد بأسلوب Benchmarking، ولذا فإن هذه المؤسسات تطبق هذا الأسلوب باحتراف. المؤسسة الأجنبية تعقد مقارنات تتناول جوانب كثيرة وحيوية تتيح لها تحديد مكانها بين منافسيها، وتحدد من يتفوقون عليها لماذا يتفوقون عليها؟ ثم تبدأ رحلة التعلم والحصول على الدروس المستفادة، ومن ثم السير في اتجاه أن تصبح التجربة أكثر ثراءً بإضافة الجديد الذي يتيح للمؤسسة إمكانية التفوق على المنافسين. يسهل على أي مؤسسة أن تطبق هذا الأسلوب إذا كانت تعمل في ظل أسواق مفتوحة وتتوافر لديها إمكانية الحصول على معلومات بشأن المنافسين.

في أسواقنا العربية لا تنظر المؤسسات إلى منافسيها باعتبارهم مصدراً للتعلم  والتطور بل تنظر إليهم باعتبارهم معوقاً للتطور وسبباً رئيسياً للتراجع، لذا فإن الكثير من المؤسسات تعلل إخفاقاتها بسبب تصرفات المنافسين. الأمر الآخر أن الحصول على المعلومات بشأن المنافس تفيد في معرفة توجهاته ومنهجه، يستدعى إعداد دراسات محكمة وهذا ما تفتقده معظم المؤسسات. كم هو جميل ورائع أن تكون في كل مؤسسة منظومة للتعلم من المنافس والتفوق عليه، تشتمل هذه المنظومة على خطة لتجميع المعلومات وخطة عمل لتوظيف هذه المعلومات لتقديم الأفضل. معرفة توجهات المنافس ليست أسرار عسكرية..! فإذا اقتربت المؤسسة من العملاء ستحصل على معلومات قيمة، وإذا أجرت اتصالات بالموزعين ستحصل على معلومات جيدة، وإذا درست منتجاتهم أو خدماتهم ستحصل على معلومات مثيرة، إذا تابعت ما ينشر عن المؤسسات المنافسة في الصحف والكتب والندوات ستتمكن من معرفة الكثير والكثير. ربما في أسواقنا العربية هناك صعوبات في الحصول على معلومات كاملة ولكن هذا لا يعد مبرراً للانصراف عن تطبيق مثل هذا الأسلوب، فدراسة القليل من المعلومات وتحليلها بشكل جيد يعني مضاعفة الفائدة المتحصل عليها من هذه المعلومات. ربما يظن البعض أيضاً أن هذا الأسلوب يؤدي إلى اشتعال الحرب بين المؤسسات والتنافس فيما بينها في اكتشاف نقاط القوة والتميز، هذا صحيح ولكنها منافسة شريفة تأتي بمنافع عظيمة لصالح المؤسسات والأسواق والعملاء. التعلم من الآخرين بهدف التفوق عليهم يعني أن تسود ثقافة التطور لتحل محل ثقافة محلك سر.

قد يعجبك أيضًا
غريزة القطيع..!
أتوقع أن…!
تخيل نفسك ميتاً

أكتب تعليق

تعليقك*

اسمك *
موقعك الإلكتروني

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الادارةالمديرالموارد البشريةالنجاحترويج و اعلانتسويقريادة أعمالعمل المرأة